يحمل حقيبته ويمضي.. هيثم شكري "الحكواتي" يلف مصر من أجل الأطفال
كتبت-هبة خميس:
بين القرى والمراكز خرجت مبادرة "الحكواتي" على يد الحكاء"هيثم شكري" ليقرر من خلالها التنقل بين محافظات مصر المختلفة في الوجه البحري والقبلي ليجمع أطفال القرى في مساحات ليحكي لهم الحكايات ويلعب معهم.
في بدايات عام 2000 حينما عرض الفيلم الأيقونة " you’ve got mail"، كان "شكري" في سنوات مراهقته متابعاً بشغف مشهداً سكن قلبه، في الفيلم يلتف الأطفال حول "كاثلين كيلي" صاحبة المكتبة الصغيرة وهي تحكي لهم حكاية، نظرة الأطفال في المشهد كانت دافعاً ومحركاً ليقرر الشاب أنه يريد أن يصبح حكاء.
ما كان الحكي بعيد عن الحكواتي "اتربيت في بيت قاريء وفيه كتب باستمرار وجدتي كانت دايماً بتحكيلي حكايات بتبهرني، طول الوقت كنت متعلق بالحدوتة".
حينما التحق "شكري" بالجامعة لم يترك نشاطاً مسرحياً إلا وانغمس به؛ التحق بفريق التمثيل والمسرح وتمكن من أخذ الورش الكثيرة بالمسرح ليطور مهارات الحكي لديه، وفي عام 2000 في معرض القاهرة الدولي للكتاب حدثت الصدفة التي جعلته يحكي أمام جمهور لأول مرة في حياته فكانت ألمانيا ضيفة شرف على معرض الكتاب وطلب المسؤولين عن جناح ألمانيا من مكتبة مصر العامة وقتها حكاء شاب يحكي للأطفال المدعويين في الجناح حكاية مترجمة تعن الألمانية ليقف "شكري" للمرة الأولى أمام جمهور قليل ويحكي.
"فاكر وقتها اننا بدأنا الحكاية بعدد قليل من الأطفال لكن لما خلصت اتفاجئت قدامي بالعدد اللي زاد وملا الخيمة وعلى وش الأطفال كان نفس التعبير اللي شفته في مشهد الفيلم، كنت حاسس أن حلمي بيتحقق"، تمسك شكري أكثر بما يري وواصل المسير.
اثنان وعشرون عاماً قضاها "شكري" في الحكي بين عمله بالمكتبات وعمله مع معهد جوتة بالمكتبة المتنقلة ومن 2018 بدأت مبادرة "الحكواتي" للحكي وهي مبادرة للحكي للأطفال في القرى والنجوع فيضع متاعه في حقيبة صغيرة، ويستقل القطار ليتنقل بين المدن والقرى ويجمع الأطفال بالحكايات التي يحكيها "ممكن في يومين اتحرك في أكتر من مدينة يعني آخر مرة رحت المنصورة الخميس وبعد الضهر رحت المحلة ومن المحلة لطنطا ومن هناك اتحركت لسوهاج الجمعة اشتغلت في أكتر من قرية تابعة للمحافظة والجمعة بالليل رجعت عالقاهرة".
الكثير من المحافظات في جولة واحدة تشعر "شكري" بالإرهاق الشديد لكنه في رحلته للعودة ورغم كل تعبه يعود بذاكرته لوجوه الأطفال السعيدة بالحكاية واللعب فينسى كل إرهاقه، فمن وجهة نظره المسألة متعلقة برحلته نفسها ليس في وصوله وبسبب وضوح الأطفال وصراحتهم يتعلق قلب "شكري" بصدقهم البالغ وشغفهم في الاستماع للحكايات واللعب باللعب البسيطة التي يبتكرونها من البيئة المحيطة بهم.
كل جلسة حكي يحاول "شكري" توصيل الكثير من الأشياء بشكل غير مباشر للأطفال مثل تحقيق الاستدامة من خلال الورق الذي يستعملونه للانشطة وهو ورق مغلف لضمان الكتابة عليه لأكثر من مرة من قبل أكثر من طفل.
في إحدى المرات تجمع أطفال قرية بمركز شبراخيت لعمل زينة رمضان من الزجاجات الفارغة والمخلفات بالمنطقة وحينما مر عليهم "شكري" كان يشعر بالفخر لأن الأطفال حققوا المفاهيم التي يتباناها وعملوا في فريق سوياً لتجميل قريتهم.
حقق شكري حلمه الصغير، لكنه مازال يحلم "اللي اتمناه بعد السنين دي كلها في الحكي، هو أن كل محافظة في مصر عالأقل يكون فيها حكاء يتحرك بين مناطقها وقراها ويكون حلقة وصل بين المنتج الثقافي والتراثي الثري المصري والأطفال".
في أي مكان يحكي "شكري"، لا يهتم بشيء سوى بجود الصغار "أوقات بحكي في مستشفيات للأطفال ولما بشوف السعادة في عيون الطفل وأمه اللي محبوسة معاه في المكان في أجواء صعبة جداً بتيجي الأم تشكرني على ضحكة ابنها رغم تعبه بحس اني مش عايز حاجة أكتر من كدة وببقى سعيد مهما كنت مرهق".
يتمنى "شكري" تبني مبادرته وتعميمها بين ربوع مصر وبالأساس وزارة التربية والتعليم التي لديها الكثير من الإمكانات لتفعيل المبادرة فبداخل كل مدرسة مكتبة يعلوا كتبها التراب من قلة الاستخدام فلا يحتاج الأمر سوى مجموعة من الحكائين يتولى "شكري" تدريبهم من خلال ورش العمل . فالمكتبة المصرية بها محتوى جيد جداً وفي السنوات الأخيرة اتجهت دور النشر لنشر الكثير من قصص الأطفال واليافعين فأصبح هناك محتوى ثري وغزير يحتاج فقط لحلقة الوصل بين الطفل والكتاب وهو دور الحكاء الذي يتبناه "شكري" من خلال مبادرته .
فيديو قد يعجبك: