"سيارة وشركة وتحويشة".. الدولار يربك أحلام مصريين وشهادات الـ18% تحاول إنعاشهم
كتب- عبدالله عويس:
لا صوت يعلو فوق «حديث الدولار». أحاديث متفرقة في الشارع المصري، تطغى عليها مصطلحات «السوق، الأسعار، المستقبل». تتعدد الأحلام وتختلف الهموم. كانت إحدى حلقات الحديث، أمام أحد فروع البنك الأهلي المصري، الذي طرح وبنك مصر شهادة ادخارية بفائدة 18% سنويا. سارع كثيرون للاستفادة منها.
بين حالم بسيارة يمتلكها للعمل عليها، بدلا من العمل لدى الغير، ومتخوف من انخفاض قيمة «تحويشة عمره» مع التراجع الحاد في سعر الجنيه المصري أمام الدولار، وآخر قلق من مستقبل شركة أسسها منذ فترة. وحول الجميع يمر فتية ورجال لا تتجاوز أحلامهم إلا ما يدفع الجوع في آخر اليوم، ببيع كمامات هي شرط لدخول بعض الأماكن ومنها البنوك.
الاثنين الماضي، استيقظ عزت خالد على نبأ قرار البنك المركزي المصري، برفع أسعار الفائدة بنسبة واحد في المئة للإيداع والإقراض. قرار كانت تبعاته تراجع سعر صرف الجنيه المصري، أمام الدولار، بشكل لحظي، من 15 جنيها و75 قرشا، إلى 17 جنيها و47 قرشا، ووصل حتى اللحظة إلى 18 جنيها و42 قرشا بحسب ما تظهره بيانات بعض البنوك في مصر.
في اليوم ذاته، الاثنين الماضي، أعلن كلا من بنك الأهلي المصري ومصر، طرح الشهادات الادخارية ذات فائدة الـ18%. وهو ما دفع بكثير من المواطنين للاتجاه إلى مقار البنكين للاستفادة من الشهادة. وبحسب تصريحات لهشام عكاشة رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي المصري، فإن حصيلة طرح الشهادة في يومين بلغت 45 مليار جنيه.
يقول عزت والذي سبق له شراء شهادة تصل فائدتها لنحو 11% على مدار 3 سنوات، إنه وصل إلى مقر البنك في التاسعة صباحا، لكنه حتى الواحدة ونصف ظهرا لم يصل بعد إلى دوره في الدخول، وينوي الرجل استرداد شهادته التي مضى عليها 6 أشهر، وطرح ما معه في الشهادة الجديدة: «هذا أفضل بالنسبة لي، الفارق بين الشهادتين سيكون في صالحي، ولن أخسر كثيرا بسبب استرداد الشهادة».
يقول الرجل الذي مر على فرعين آخرين للبنك نفسه، إن الزحام أمامها كان كبيرا، وهناك قائمة بأرقام الدخول وصلت إلى أعداد كبيرة ما دفعه للبحث عن فرع غير مزدحم: «أنا خائف من الغد، هذه أموال ادخرتها على مدار سنوات، وقيمتها تقل، والأسعار ترتفع، فلا خيار أنسب من تلك الشهادة بالنسبة لي». يخرج عزت من جيبه ورقتي انتظار إحداها تحمل رقم 714 والتي حصل عليها في الصباح من فرع مزدحم للبنك، والثانية تحمل رقم 427 في الفرع الأخير: «لم أكن أعرف أن الزحام سيكون بهذا الشكل» يحكي عزت.
إلى جانب عزت، كان مصطفى حافظ ينتظر دوره وعلى وجهه علامات الملل. يعمل الشاب في شركة أسسها للمقاولات، ولم يكن يتوقع أن يطرح أمواله في شهادة ادخارية، وإن كان قد قام بالأمر من قبل ذات مرة، ففي رأيه أن السيولة المالية مهمة له ولعمله، غير أن وضع السوق وبيع العقارات في ركود بحسبه، وكذلك أعمال البناء: «لو أن السوق يشهد انتعاشة كان مبلغ 300 ألف جنيه مثلا سيزيد خلال سنة لضعفي الرقم، لكن بهذا الشكل فالشهادة أكثر أمانا لي».
يقول الشاب إنه تأثر سريعا بارتفاع الأسعار، من قبل الحرب الروسية الأوكرانية وبعدها، والتأثر يزداد مع انخفاض قيمة الجنيه المصري أمام الدولار، ولم يجد أمامه سوى اللجوء لتلك الشهادة: «في كل الأحوال هذه خسارة، لكن مع الشهادة ستكون الخسارة أقل بعض الشيء».
على النقيض من عزت ومصطفى، فإن هاني عبد الله، الذي كان يدخر أمواله، لشراء سيارة خاصة، سيضع أمواله في شهادة ادخارية لأول مرة في حياته. يعمل الشاب في إحدى شركات النقل، ويعمل على سيارة ليست له، وهو أمر يجعل العائد أقل بالنسبة له، ومع ارتفاع أسعار السيارات، والتوقعات بالارتفاع الأكبر في القريب، لم يجد الشاب أمامه سوى اللجوء للشهادة: «أنا هنا منذ الـ8 صباحا، حجزت دورا ثم ذهبت لعملي وعدت، وما زلت أنتظر دخول البنك لإتمام الإجراءات، وفي الفترة المقبلة سأعمل على ادخار جزء من مرتبي، ولن أنفق عوائد الشهادة، لإتمام ثمن السيارة».
وبحسب تصريحات صحفية لرئيس البنك الأهلي المصري فإن نسبة 85% من العملاء نفذوا الشراء عبر التطبيقات والأون لاين. وبالنسبة لعزت ومصطفى وهاني فإنهم لم يكونوا من تلك النسبة، وإن اختلفت أسبابهم، بين خشية الوقوع في خطأ أثناء تنفيذ الأمر، أو عدم الثقة في المعاملات الرقمية من خلال الإنترنت.
فيديو قد يعجبك: