متى ينتهي الهجوم الروسي على أوكرانيا؟.. وسيناريوهات تطور الصراع لحرب عالمية ثالثة
كتب- محمود عبدالرحمن:
غلاف- مايكل عادل:
في نوفمبر الماضي، نقلت روسيا قوات ومعدات عسكرية إلى المناطق الحدودية مع أوكرانيا، واستمر تدفق الجنود الروس بعتادهم حتى وصل عددهم إلى 100 ألف جندي، في 15 فبراير الماضي، بحسب تصريحات صحفية للرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي.
وبعد مرور 7 أيام، تصاعد فيها التوتر بين الغرب وروسيا، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين انسحاب جزئي للجنود الروس من المناطق الحدودية لأوكرانيا وبيلاروسيا. وأكد المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية، حينها تحميل وحدات بالجيش لمعداتهم على متن القطارات والعربات للعودة إلى ثكناتها.
لكن فجر أمس، الخميس، أعلن بوتين، بدء عملية عسكرية في منطقة دونباس، جنوب شرق أوكرانيا، موضحًا في خطاب متلفز، أن الغرض الرئيسي منها "الدفاع عن النفس" من تهديدات ومشاكل وصفها بـ "الأكبر من الموجودة اليوم".
مآلات الحرب التي اندلعت شرارتها أمس، الخميس، يرسم معالمها ويحدد استراتيجيتها ومداها الزمني؛ رد فعل أمريكا وأوروبا والقوى الدولية الكبرى، إلى أي مدى يتطور التوتر المتصاعد بين الغرب وروسيا لحرب عالمية جديدة؟ أم ستشهد الأزمة الدولية انفراجه بناءً على تسوية مؤقتة أو دائمة خلال الأيام القادمة.
نفوذ روسيا في أوكرانيا
إقليم دونباس الحدودي، الواقع جنوب شرق أوكرانيا، يعاني منذ عقد من الزمان، من صراع مسلح بين الجيش الأوكراني وميليشيات محلية مدعومة روسيًا، وتعتبر منطقتي دونيتسك ولوهانسك، اللتين اعترف بهما الرئيس الروسي، يوم الإثنين الماضي، بوصفهما دولتين مستقلتين، من أكبر المناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون الموالون لروسيا.
بوتين يوقع قرار الانفصال
وشهدت مناطق إقليم دونباس عام 2014، اشتباكات مسلحة بين القوات الحكومية وميليشيات انفصالية، انتهت عقب مفاوضات بين طرفي الصراع، روسيا وأوكرانيا، بواسطة فرنسا وألمانيا، وعرفت المفاوضات إعلاميا باسم "صيغة نورماندي" التي ركزت على تهدئة الصراع.
وفي هذا التوقيت ضمت روسيا شبه جزيرة القرم في خطوة أدانها الغرب، وما زالت حتى اليوم خاضعة لسيطرتها.
وطالبت روسيا ضمانات أمنية من الغرب، بعدم تواجد حلف شمال الأطلسي "الناتو" على حدودها، بعد سعي أوكرانيا الانضمام للناتو، وهو ما اعتبره الرئيس الروسي تهديدا، وأعلن رفضه نشر أسلحة هجومية بالقرب من حدود روسيا، مطالبا الغرب بأن يلتزم بتعهده أوائل تسعينات القرن الماضي، بأن الناتو لن يتمدد "شبرا واحدا إضافيا نحو الشرق".
المحاولات التوسعية للناتو شرقا، اعتبرها الرئيس بوتين تهديدا شخصيا له، وفقا اللواء عادل العمدة، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، "صواريخ حلف الناتو لو تواجدت في أوكرانيا سيصل مداها إلى موسكو في حالة إطلاقها"، وعدم استجابة الغرب للضمانات الأمنية التي طالبت روسيا بتوفيرها، كانت السبب في اندلاع الحرب.
وبحسب "العمدة" كل المؤشرات كانت تدل على أن الغرب لن يتدخل، فسياسة الإدارة الأمريكية الحالية تركز على الشحن الداخلي، على عكس العقود الماضية، حيث كان تنشر قواتها في المناطق التي تعتبرها تهديدا لأمنها وسياستها كما حدث في العراق وأفغانستان.
الحرب الحالية بين روسيا وأوكرانيا، يصفها الخبير العسكري اللواء سمير فرج، بالتقليدية والمحدودة، لا يمكن في ظل المعطيات الحالية أن تتحول إلى حرب عالمية ثالثة، خاصة أن دول حلف الناتو بما فيها أمريكا أعلنت أنها لن تتدخل في الحرب كما حدث قبل ذلك، "الأمريكيين يرفضون موت أبنائهم من أجل دول غير أمريكا".
لكن مدى الحرب يتحدد وفقا للأهداف التي تريد روسيا تحقيقها، بحسب الخبير العسكري، فإذا كانت روسيا تريد الدخول في تفاهمات ومفاوضات دولية تحقق بها الضمانات الأمنية التي تريدها، كان مدى الحرب أقصر، بينما إذا كانت تريد إسقاط النظام القائم الموالي للغرب، واستبداله بأخر موالٍ لها، فهذا يتوقف على مدى صمود نظام الحكم الحالي.
واستهدف الروس ضرب البنية العسكرية الأساسية في أوكرانيا، كما يوضح اللواء سمير فرج، مثل منصات الدفاع الجوي التي يُطلق منها الصواريخ والمطارات والقواعد العسكرية ومواقع الرادارات ومخازن السلاح، إضافة للحرب السيبرانية التي سبقت الضربة العسكرية، وكذلك اختيار توقيت توجيه الضربات الجوية، حرصا على حياة المدنيين.
ويتفق الخبيران سمير والعمدة، في أن هذه الحرب رغم محدوديتها، لكنها ستغير النظام العالمي ونفوذ القوى لدى الدول الكبرى، سواء السياسي أو الاقتصادي وخاصة بالنسبة للصين وروسيا، بعد أن كانت أمريكا هي القوة الأحادية الأبرز في العالم، خلال العقدين الماضيين.
النظام العالمي الجديد، يراه اللواء عادل العمدة، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية، سيكون في شكل تكتلات شرقية اقتصادية مثل مجموعة البريكس وزراعية عسكرية هي مجموعة شانجهاي، والكتلة الغربية الزراعية والعسكرية هي حلف الناتو، والزراعي والاقتصادي هي الاتحاد الأوروبي.
وما دامت القوات في ساحة الحرب، فكل شيء متوقع حدوثه، يقول الباحث في العلاقات الدولية محمد حميدة، الذي يؤكد أن العقوبات الاقتصادية التي ستفرض على روسيا، ستكون أضرارها كبيرة على الاقتصاد العالمي، وسيفوق تأثيرها أزمة فيروس كورونا التي عانى منها العالم خلال العامين الماضيين.
فيديو قد يعجبك: