أحلام حول "عربة الفول".. أمنيات مصريين لعام 2023: أسعار وصحة وستر وتدوم الضحكة
-
عرض 3 صورة
-
عرض 3 صورة
-
عرض 3 صورة
كتب- عبدالله عويس:
أصوات متداخلة، «كبشة» قدرة الفول، تحتك بفوهتها. تقليب يد صانع السندوتشات للفول بعد «تحويجه». عجينة الطعمية وهي تسقط في صينية الزيت المغلي، ثم تخرج كحبات متلألئة. وصخب المشترين، وتنظيم البائع. مشهد صباحي اعتيادي، في شوارع مصر حول عربات الفول والمطاعم الشعبية، وفي اليوم الأخير من العام الجاري، 2022، كان لكل واحد من الواقفين حول إحدى عربات الفول حلمه للعام الجديد.
في مساحة صغيرة حول عربة فول بحي المهندسين، كان العشرات يحملون الجنيهات في أياديهم، كما يحملون الأحلام في صدورهم. يرتدي أحدهم ملابس كلاسيكية، والآخر جلبابا فضفاضا، وطفل ناعس ينتظر دوره في الحصول على الفول والطعمية. يرفع أحدهم صوته مازحا، أو ربما ليضفي لسؤاله الجاد، مسحة من الضحك «بورصة شقة الفول عاملة كام النهاردة؟»
يقول صاحب السؤال إن ارتفاع الأسعار والظروف المعيشية الضاغطة، أكثر ما يتمنى أن يخف أثره تدريجيا في العام الجديد، فهو رب أسرة فيها 3 أطفال، في مراحل تعليمية مختلفة، ويلتهمون راتبه الذي لا يتخطى الـ4 آلاف جنيه: «لو بتسألني بجد حلمي إيه في السنة الجديدة الأسعار متزيدش وتهدى شوية، خايف من الزيادات دي على نفسي وبيتي».
حديث الأسعار جذب زبونا آخر حول عربة الفول، للحديث عن الدولار، الذي يكاد يقترب من الـ25 جنيها، بعدما كان في مطلع العام أقل من 16 جنيها. يمسك سيد رمضان بـ20 جنيها في يده، لشراء خمس سندوتشات من الفول، ثلاث منهم مضاف إليهم السلطة، وسعر الواحد 4 جنيهات، بعد زيادة كبيرة في أسعار الفول، ومستلزمات تحضيره، وما يشمله من طحينة وزيت وسلطة: «الـ20 جنيه دي كان ممكن تجيبلي 7 سندوتشات مثلا، لكن كل حاجة زادت ويقولك الدولار هو السبب».
وأثرت الحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصاد العالمي، الذي كان في أزمة أخرى بسبب فيروس كورونا، وما ألحقه من خسائر بالاقتصاد العالمي. أمر كان مفتاح الحديث مع سلمى زايد، التي تمنت أن تنتهي الحرب، وأن تهدأ حدة النزاعات العالمية، التي باتت تسيطر على الأخبار وشاشات التلفاز، والمواقع الإخبارية، وامتدت لمواقع التواصل الاجتماعي: «في كل مكان تلاقي أخبار مزعجة، لو مش دولية تبقى محلية، نفسي أقرأ موقع أو أفتح جورنال ألاقي الدنيا اختلفت، كل ده بيؤثر علينا سواء نفسيا أو اقتصاديا».
على مقربة من العربة، كان أحدهم يحمل ورقة بيضاء مدون بها بعض طلبات لأشخاص في البيت الذي يعمل حارسا له. فول وطعمية وبطاطس، وأمام كل صنف عدد الطلبات، وفي يده 100 جنيه: «أنا بواب، حلمي بسيط في السنة الجديدة، إني أفضل مستور وربنا يديني الصحة وأفضل شغال وأصرف على عيالي ويعيشوا مبسوطين مش عايز من الدنيا حاجة غير كده».
تخرج الطعمية من طاسة الزيت، فيتلقفها البائع وهو يضعها في أرغفة الخبز، أو يعبئها في أكياس ورقية لمن شاء. تقترب سيدة تحمل في يدها طفلة، وتمنحه 5 جنيهات ليعطيها الطعمية. تقول نجوى علي، إن لديها ابنة في الثانوية العامة وتحلم بأن تحصل على مجموع كبير يؤهلها لكيلة تتمناها. ولا تعرف السيدة بعد ما الكلية التي ترغب ابنتها في الالتحاق بها، لكنها على كل حال تتمنى أن يكون المجموع كبيرا، ثم تقرر هي: «وبتمنى سعر اللحمة ينزل، والصابون والزيت، وحاجات البيت الأساسية».
على طاولة صغيرة إلى جانب العربة، كان محمود كمال، يبحث عن مكان يضع فيه أشعة أجريت على ظهره، ليأكل من طبق الفول الذي حصل عليه بعد معاناة، وسباق مع آخرين يقفون للحصول على نفس الطلب. ينتظر الرجل الحصول على طبق السلطة وملعقة بلاستيكية، فيجيب بأن حلمه أن يتم الله الشفاء له، وأن يصبح سليم البدن، مرتاح البال: «لا أكتر ولا أقل».
كان الحديث مشابها في مطعم صغير قريب من عربة الفول. الأسعار والصحة والستر وراحة البال، وتفوق الأولاد تعليميا، أبرز الأمنيات لعام 2023، الذي يبدأ بعد ساعات، مع الـ12 منتصف الليل. يقول شاب وهو يتابع تجهيز طعامه، إن أمنيته أن يسافر إلى الخارج، والعمل هناك. لم يحدد الشاب أي خارج يود السفر إليه، لكن رجلا كبير السن، ابتسم لدى سماعه حديثه، فأخبره بأن أمنيته أن يعود ابنه الذي يعمل في دولة خليجية ويستقر في مصر، بعد سنوات قضاها في العمل هناك.
اختلفت الأحلام والأمنيات، لكنها جميعا بحسب أصحابها مشروعة وبسيطة، وقابلة للتحقيق، وهي كما عبر أحدهم لا تكلف شيئا، إذ أنها أحلام ربما أصبحت واقعا، فيتمتم بأغنية «لو بطلنا نحلم نموت». قالها وهو يحمل طعامه مغادرا المطعم قبل أن يصل لمقهى قريب، ويجلس لتناول الطعام مع زملاء العمل: «أنا حلمي أترقى في شغلي، ويزودولي المرتب، أي حاجة من الاتنين» قالها وانصرف، قبل أن يعود للحديث مجددا: «ولو ده اتحقق، فأتمنى ربنا يديم علي الصحة والستر والضحكة الحلوة حتى لو في المصايب».
فيديو قد يعجبك: