إعلان

"مش للموت بس".. إحياء جبانات القاهرة التاريخية في معرض صور

11:26 م الإثنين 17 يناير 2022

من معرض عن جبانات القاهرة التاريخية

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- شروق غنيم:

"يا زائري لا تنساني من الدعاء، وابسط يديك إلى السماء واقرأ لنا الفاتحة"، من إحدى القرافات القديمة تقرأ المهندسة المعمارية علياء نصار النص المُدوّن؛ تسترسل في شرح الجانب الثقافي والإنساني وراء جبانات القاهرة التاريخية، وذلك خلال ندوة أقيمت تحت عنوان "العمارة الجنائزية لمصر المعاصرة"، السبت الماضي، في مكتبة القاهرة الكبرى بالزمالك.

بدأ اهتمام نصار بالجبانات التاريخية في القاهرة منذ عام 2012، عندما زارت المتواجدة في صحراء المماليك "انبهرت بفكرة الأحواش والأثر الموجود، وبدأت أنظم جولات هناك وكمان في مناطق الإمام الشافعي والسيدة نفيسة".

1

خلال تلك الجولات أخذ اهتمام المهندسة المعمارية يتزايد بالجبانات "بشوف حاجات مخفية وراء الأحواش، سواء الأبواب التاريخية أو الأحواض والشجر وتركيبات الرخام"، صار تراث الجبانات من شغفها وبدأت تتقصى ورائه لتحكي قصص تلك الأماكن "التراث دايمًا في قصة وراه وحاجة غير ملموسة، سواء العادات أو الموروثات"، إذ تلفت النظر من خلال جولاتها ومحاضراتها لأهمية المدافن وكيف تحكي عن حيوات وتفكير الأسلاف.

آمن المصريون القدماء بأهمية البعث بعد الموت، لذا اهتموا بطقوس معينة في الأماكن التي تحتضن الجثمان بعد وفاته "الأكل مرتبط بالمدافن، كان لازم يقدموا القرابين وبعد الدفن بيكون في ذبح ووليمة، وبتتوزع في الأخر على الفقراء، تقريبًا نفس فكرتنا دلوقتي في أن يتم توزيع قُرص على المتواجدين في القرافات".

2

داخل قاعة مكتبة القاهرة الكبرى امتلأت الحوائط بعددًا من الصور الفوتوغرافية التي توثق جبانات القاهرة في أماكن مختلفة، حيث يقام المعرض بالمكتبة لمدة أسبوع، ويجمع المعرض لوحات للفنانة دكتورة داليا الشرقاوى وفوتوغرافيا للفنانين: علياء نصار، وميشيل حنا، وكريم بدر، ومصطفى الصادق، وسارة حسن، وعمرو عصام، وجليلة القاضي، وندى زين الدين وآلان بونامي.

على مدار 3 أسابيع قبل إقامة المعرض، تجولت ندى زين الدين برفقة باقي المصورين من أجل التحضير للمعرض، توثق جبانات السيدة نفيسة والإمام الشافعي ومناطق أخرى، وفي النهاية استطاعت المشاركة بعشرين صورة.

3

قبل أعوام بدأ اهتمام ندى بالتراث وأطلقت مبادرة "تعالوا نعرف مصر"، لتنظم جولات مختلفة في مناطق أثرية، لكن قبل عامين بالتحديد أسرها معمار الجبانات والمشاعر القوية التي تنتابها داخل المكان "الأماكن دي مش للموت وبس، لما بمشي وسط السيدة نفيسة والإمام الشافعي بحس بطاقة غريبة، في تركيبات المعمار والتاريخ الكبير اللي وراه".

كلما سافرت إلى مكان تسأل إذا تضم جبانات تاريخية، مثلما حدث في زيارتها للواحات واهتمامها بتصويرها "جبانات البجوات هناك من القرن الرابع الميلادي"، فضلًا عن مقابر الفاطميين في أسوان، لكن أكبر عدد جولات أقامتها في القاهرة، خلال العام الماضي، ثمة تغيرات طرأت على المنطقة بينما تزورها ندى بشكل اعتيادي للتجول والتصوير "بدأ يبقى في علامات حمراء دليل على كلمة نزع، أكثر كلمة كانت بتقتلنا".

4

خلال الندوة التي أُقيمت في مكتبة القاهرة الكبرى، لفت المتحدثون إلى أهمية المدافن بإلقاء نظرة على تراثها المعماري والحضاري، إذ تحدث كل من؛ دكتورة جليلة القاضي، والمعمارية علياء نصار، والدكتور مصطفى الصادق، وطارق المرى والدكتور حسام إسماعيل، والمعماري عمرو عصام، من خلال أوجه مختلفة عن ثقافة العمارة الجنائزية في مصر المعاصرة، وأهمية لفت الأنظار إلى المشروع الجاري، فضلًا عن تدشين استغاثة لوقفه أو استبدال مساراته من خلال عريضة توقيع تحت اسم إنقاذ جبانات القاهرة التاريخية.

داخل القاعة التي أقيمت بها الندوة، كان الحضور كبير بينهم مهتمين بالتراث المعماري وأيضًا أصحاب الجبانات. من بينهم الدكتورة مها سليم ، والتي قبل حضور الفعالية بيومين فقط جائها إخطار بأن جبانة جدها حوش محمد عبدالسميع بك الطبيب الشافعي، موضوعة على خطة الإزالة.

5

منذ استمعت السيدة إلى الخبر وتحاول التواصل مع المهتمين من أجل إنقاذ جبانة جدها، والتي تحتضن 8 أشخاص من عائلتها منهم والدتها. يرجع تاريخ الجبانة التي توجد في شارع باسم جدها الدكتور محمد عبدالسميع بالطاحوية، والذي لُقب بالشافعي إذ كان شافعي المذهب، ودرس الطب في مدرسه أبو زعبل، وأُوفد ضمن البعثة الرابعة من بعثات محمد علي لفرنسا وهي البعثه الأولى لدراسه الطب عام ١٨٣٢، وحصل على رتبة قائم مقام للتدريس بمدرسة الطب، وعُين أول مدير مصري لمدرسه طب قصر العيني.

تخبط كبير أصاب نفس الدكتور مها، أخفت الخبر حتى الأن عن باقي أشقائها، تذكر بينما يتهدج صوتها وصية شقيقتها الأكبر "ادفنيني جنب ماما"، فيما لا تعرف كيف تُخبرها بأن المدفن صار مُهدد بقائه.

6

على بوابة الحوش مدون أسماء عائلة الدكتور مها والمدفونة بالداخل وما قدموه خلال حياتهم، من بينهم نبيهه هانم، والتي حصلت نيشان الكمال من الملك أحمد فؤاد، وحملت لقب الشريفة صاحبة العصمة، وأنجبت ٤ أبناء من زوجها الأمير التركي مصطفي منير أدهم بك، سكرتير عام تنظيم مصر، وصاحب التسمية التاريخية لشوارع القاهرة وضواحيها عام ١٩٢٢، وصاحب أقدم خريطة للقاهرة في القرن الخامس عشر.

7

تتمنى الدكتور مها أن تنجح محاولات تسليط الضوء على أهمية الأحواش والجبانات الموجودة وتراثها المعماري، وتاريخ كل من دُفن بها، فيما تقول المهندسة المعمارية علياء نصار إن كل المهتمين بالتراث يحاولون إنقاذ تلك الجبانات و"بنحاول نسلط الضوء على مشروع الإزالة الجاري، أن يتم استبداله لمراعاة التراث الموجود، وحتى لو اتنفذ جزء منه أو فقدنا كل التراث ده، على الأقل وثقناه وعرفنا الناس بيه".

فيديو قد يعجبك: