إعلان

حكاية محمود العربي.. التاجر الذي نجح في المعادلة الصعبة- بروفايل

07:12 م الجمعة 10 سبتمبر 2021

محمود العربي

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت-رنا الجميعي:

في قرية أبو رقبة بالمنوفية ازدحمت الطُرقات، اليوم، في جنازة مهيبة تقشّعر لها الأبدان، لوداع رجل الأعمال محمود العربي، صاحب مجموعة شركات العربي، حملت الجنازة حُبًا كبيرًا لرجل الأعمال الذي لم يتوان لحظة عن مُساعدة الغريب قبل القريب.

تختلف كل شخصية عن أخرى بما تم زرعه فيها منذ الطفولة، لذلك كان حفظ محمود العربي للقرآن في عمر الثلاث سنوات فارقًا، فقد ظلّ مُتذكرًا لكتاب الله طيلة حياته، يمشي بمبادئه التي لم ينسها للحظة، حيث آمن أن الإنسان خُلق لأجل مساعدة غيره "وطالما الإنسان اتقى ربه في كل حاجة ربنا يفتح له الأبواب بدون ما يدري"، هكذا ظلً العربي طيلة حياته.

ورغم كونه مُحبًا للتجارة التي تُلوّث القلوب، إلا أن العربي نجح في الاختبار "دايمًا الفلوس في ايدي مش في قلبي"، هكذا قال في حوار تليفزيوني سابق له، وقد بدأ العربي في دخول مجال التجارة منذ أن كان في الثامنة من عمره، حيث عمل كبائع في مكتبة بمنطقة الجمالية، وكان مرتبه في ذلك الوقت بالأربعينيات من القرن الماضي، 130 قرش.

ولد العربي عام 1932 بقرية أبو رقبة بمركز أشمون في محافظة المنوفية، وكان حظه أنه الوحيد من دفعته التي انضم للجيش عام 1954، ولكنه تعلم الكثير داخل الجيش، من بين ذلك الإصرار والصبر والانضباط، وهو ما أفاده في مجال التجارة كثيرًا،

وتنقل العربي من مجال الأدوات المكتبية إلى استيراد الأدوات الكهربائية، وامتلك أول محل له في فترة الستينيات برفقة شركائه، ثم أخذت تجارته في التطور حتى أنشأ مجمع صناعي في بنها عام 1982، وبعد ذلك أصبح وكيلًا لعلامات تجارية مثل سوني وسيكو وهيتاشي، ووصل عدد العاملين في مجموعة العربي إلى 200 ألف موظف.

ولم يفقد العربي للحظة واحدة حُبه وقربه للناس، حتى أنه لم ينظر للعاملين لديه أنهم أدنى منه، وكانت الكلمة التي يرددها دومًا "احنا بنشتغل سوا، الموظفين دول مش بيشتغلوا عندي"، ولم يكسر بخاطر أحدهم أبدًا حتى أنه أتاح الفرصة لموظفي شركته بالسفر للحج والعمرة، وقد نشر كثيرون مواقف عدّة تحمل إنسانية محمود العربي على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما ثبت أيضَا بحجم الجنازة المهيبة التي زلزلت قرية أبو رقبة اليوم، فقد جاء الجميع لوداعه.

1

للعربي مواقف إنسانية عديدة، وقد اهتمّ بأهل قريته فأنشأ مكتب لتحفيظ القرآن، وتخرج منه عديدين، حتى أن البعض من أهل قريته يقولون "معظم القرية حفظت القرآن بسببه"، كما اهتم بإنشاء المعاهد الأزهرية، كذلك أنشأ مستشفى العربي الدولي التي يستقر فيها 40 سرير لغير القادرين، وأنشأ أيضًا مؤسسة العربي لتنمية المجتمع.

وليس بعيدًا عن تلك المواقف ما فعله خلال العام الماضي في ظل انتشار فيروس كورونا، فلم يقم بفصل أي موظف لديه لتقليل النفقات، خلال فترة راكدة اقتصاديًا، بل قام بصرف جميع مستحقات العاملين، وإيقاف العمل لمدة شهر ونصف، ومع عودة العمل مرة أخرى قام بتأجير أتوبيسات خاصة للعاملين كبديل عن الاختلاط بالناس في المواصلات العامة خلال أزمة الكورونا، وقام بتأجير مستشفى كامل للموظفين في فترة العزل، كما أنه تبرع للمستشفيات بشراء المستلزمات الطبية.

2

قدّم العربي نموذجًا للتاجر الذكي الذي لم يخسر دينه ولا دُنياه، معادلة صعبة قليلون من ينجحون بها، وقد آمن بكتاب ربه، وظلّ مُستمسكًا به حتى اللحظة الأخيرة، ولم يترك إنسانًا ذليلًا أو مكسور الخاطر، وحافظ على علاقة مبنية على المودة والرحمة بينه وبين الجميع، لعلّها تكون هي المُنجية له يوم الحساب.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان