لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

رحلة غنيم مع الراب الفلسطيني.. صعود نجم بعمر حصار غزة

06:16 م الثلاثاء 15 يونيو 2021

رئيسي111

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت-رنا الجميعي:

كالقنص تمامًا هكذا يرى إبراهيم غنيم الراب، المعروف باسم "MC GAZA"، لذا كانت كلماته حادّة تُشبه قوة الرصاص، يُوجهها دون حساب في صدر العدو، ففي غزة تشّكلت شخصية إبراهيم الذي بدأ وعيه ينتبه لما حوله، حينما صعدت حركة حماس كسُلطة تحكم قطاع غزة عام 2007، ومنذ ذلك الوقت وقبلها بدأ غنيم يُغنّي الراب مُعبرًا عن قضايا وطنه.

في عمر المراهقة بدأ غنيم يسمع الراب من حوله، فمع بداية الألفية الثالثة ظهرت عدد من فرق الراب الفلسطينية، من بينها فرقة "دبليو ام آر"، وفرقة "دام" من اللد، مثّل الراب بالنسبة لغنيم تسلية لتزجية الوقت، لم يكن يعلم حينها أن الراب سيصير حياته والهواء الذي يتنفسه.

111111

كان لدى غنيم مَلكة الكتابة والبلاغة منذ اشتراكه في الإذاعة المدرسية "كنت باقول كلمة عن الوحدة الوطنية وإن فتح وحماس ميضربوش بعض، كنت بكتب واعبر، وكأن الراب ده تكملة لحاجة بحبها"، وفي عمر يلهو فيه الصغار ألّف غنيم أول أغنية راب له، مُشتبكًا فيها مع ما يحدث من حوله "كان فيه مشاكل بين فتح وحماس، وانسحاب إسرائيلي"، كان ذلك في عام 2005، حين ألّف غنيم أغنيته "مش راح نركع"؛ يتحدث فيها عن اصطفاف سياسي وشعبي أمام اسرائيل "كنت بتكلم عن إن مهما كان فيه مشاكل داخلية بس ميأثرش على رؤيتنا لإسرائيل"، كان حينها غنيم في عمر الثالثة عشر.، يقول في حواره لمصراوي.

لازال غنيم يتذكر ما قاله والده له ذات يوم "اعمل اللي انت عايزه بس ابعد عن السياسة"، ترتسم على وجهه ابتسامة عريضة ساخرة "أنا سبت كل حاجة وعملت سياسة"، لم تتحمس العائلة في بداياته لسلوكه طريق الراب "كانوا شايفيني بضيع وقت"، لكنّ بمرور السنوات أثبت غنيم جديّته "وصار أول فانز (معجبين) ليا هم أولاد أخواتي".

غزة

وكذلك لم تتحمس حركة حماس للراب، فعلى مدار سنوات استمرّ فيها غنيم بالغناء بغزة "كانوا يسيبوا كل الحفلة بفقراتها اللي فيها دبكة ومزيكا وييجوا لفقرة الراب ويلغوها"، كثيرًا ما واجه غنيم مثل تلك المواقف "اتحبسنا كتير ودفعنا فلوس"، تعددت الحفلات التي تم إلغائها لغنيم منذ بداياته "كان ممكن أبقى نجم في غزة بس مفيش تقدير"، كما أن الراب لم يكن مثار إعجاب بالغ لدى سكان غزة.

كانت المحطة الأساسية بالنسبة لغنيم بعد أغنيته الأولى مُسابقة فنية عنوانها "رسالتنا"، كانت بين بلدية غزة وبلدية ترومسو النرويجية، كانت عام 2009، وفيها حصل إبراهيم على المركز الأول بين ثماني فرق مُتنافسين "أنا كنت رابر فريق اسمه بيس"، وبدأ غنيم في الانتشار خصوصًا مع وجود منتديات موسيقية مُتخصصة في الراب على شبكة الإنترنت "كنت أنا وصحابي عاملين منتدى كبير ومنتشر عربيًا واتعرفت في مصر قبل الفيسبوك".

غنيم

صارت المسابقة نقطة تحوّل بالنسبة له "وقتها فكّرت ليه مركزش أكتر في الراب؟"، وهكذا أخلص غنيم نفسه أكثر لمسيرته الفنية، حتى حينما سافر إلى مصر للدراسة في نهاية عام 2010، غنى هناك الراب أيضًا، كان قد نجح في صناعة اسمه، وتمكّن من غناء أول كليب له مع فريق "arabian nights" المصري، أغنية بعنوان "إيد في إيد"، من الحرب على غزة في ديسمبر 2009 إلى الثورة المصرية في يناير 2011؛ كان غنيم يتنقّل بين سخونة الأحداث في بلده إلى الغضب الشعبي في مصر، ولذا كان طبيعيًا بالنسبة له أن يشتبك أيضًا مع الأحداث في مصر.

مصر تحديدًا كانت مرحلة حياتية يندم عليها غنيم حاليًا؛ ففي مسكنه في تُركيا الآن، وهو في عمر التاسعة والعشرين، يجترّ محطاته التي كادت لتكون فارقة "مكنتش واعي إني ضيّعت أكبر فرصة في حياتي"، فقد رأى بعد ذلك أن مصر كانت ستُضيف له كثيرًا في مسيرته الفنية، لكن لم تستمر إقامة غنيم سوى عامين، اضطّرته الأحداث السياسية غير المستقرة للعودة مُجددًا إلى غزة، لتبدأ صراعاته ثانية مع حكومة حماس، فقد زاد التضييق على حفلاته الغنائية، لكنه لم يستسلم وأنتج ألبومه الغنائي "خطوة 25"، بمشاركة 25 فنان فلسطيني و25 عازف، وكان غنيم وقتها في عمر الـ25 أيضًا "في الألبوم غنيت في كل حاجة، عن فلسطين وعن تعريفي للراب وعن الهجرة والأطفال الأسرى في غزة"، لكن الألبوم لم يرَ النور بسبب إلغاء الحفل الرسمية له.

لطفي1

لم يستسلم غنيم أبدًا للحصار القائم على فنه، كان يُحاول دائمًا، كما كانت تستفزه الأحداث السياسية، فلم يجد بُدًا من التعبير عن نفسه من خلال الراب "أنا متعود أي حاجة بتحصل في فلسطين لازم أغنيلها في نفس اليوم"، هكذا فعل في اليوم المعروف باسم "جمعة الكاوشوك"، على خلفية مسيرات العودة في إبريل 2018، كان يومًا صعبًا لدى سكان غزة، حيث استمرت المواجهات بينهم وبين قوات الاحتلال على الحدود، هكذا شحذ غنيم نفسه يومها وذهب ناحية المواجهات، وغنى أغنية "الكاوشوك"، لم يكن من المعتاد أن ترى مُغني وخلفه تحدث الاشتباكات، ويتطاير الرصاص والحجارة من حوله "مفضلش يومها من الفريق اللي معايا غيري أنا والمصور، وكمان استشهد صاحبي في المظاهرات".

كانت تلك آخر مرة يُغني فيها غنيم في غزة، بعدها سافر إلى تونس، يُحاول بعيدًا عن الأرض التي لفظته، ولم تُقدّره بالشكل الذي يتمناه "رغم إن بعد أغنية الكاوشوك قنوات كتير استضافتني"، وفي تونس لاقى غنيم احتفاء لم يجده في بلده "التوانسة بيقدروا الفن والراب هناك منتشر"، وكانت فرصته الكبيرة حينما تعاون مع المطرب لطفي بوشناق في أغنية جديدة بعنوان "ماذا ستفعل؟"، ومثّلت التجربة مكسب كبير بالنسبة لغنيم "بوشناق هو فنان عربي كبير ومُساند للقضية".

بعد محطته في تونس جاءته فُرصة لم يحلم بها من قبل؛ أن يُغني الراب أمام أجانب، تواصلت معه إحدى المؤسسات اليابانية ليقوم بجولة فنية في أنحاء اليابان، قبل غنيم على الفور "ولقيتني وسط حضور ياباني مترجمين الأغاني بتاعتي وبيتواجبوا معاها"، كانت استضافة غنيم ضمن الجولة الفنية تضامنًا مع مسيرات العودة في فلسطين عام 2019.

يابات

لكن سفر غنيم إلى اليابان حمل له مُشكلة كبيرة، فلم يستطع العودة مُجددًا إلى تونس بسبب خطأ في أوراق إقامته، اضطر للتنقل بين دول عديدة لا تحتاج إلى فيزا؛ ماليزيا وكمبوديا وإندونيسيا، ومع ذلك ظلّ غنيم يُغني الراب، فصنع كليب جديد اسمه "ماشي لحالي"، في أغسطس 2020.

منذ ستة أشهر فقط تمكّن غنيم من الاستقرار، حيث يعيش حاليًا في اسطنبول، لم يتنازل عن الراب رغم المتاعب، ورغم حظر موقع اليوتيوب لقناته التي حظيت بآلاف المُتابعين، يصف حاله "أنا زهقان ومستسلم لكن من جوايا شايف إني بعمل حاجة كبيرة"، ورغم الاستسلام الذي بداخله لكنه لم ينسحب، ففي الأحداث الأخيرة التي تخص أهالي حي الشيخ جراح بالقدس واكبها غنيم أيضًا، بأغنية "مريم"، وليس ذلك فحسب بل قدّم فيديوهات يتحدث فيها أيضًا "لو متكلمتش باموت".

رغم العراقيل التي تواجه غنيم طيلة الوقت، لكنه لازال لديه الكثير ليقدمه، لكن أكبر شيء ينتظره هو أن يُقدّره العالم "أنا غنيت في كل مكان في غزة، في شوارع عامة، في صالات أفراح، في فنادق ومطاعم، في جامعات ومدارس وروض أطفال"، وما يجعله يستمر هو بعض الرسائل التي قابلته خلال مسيرته "فيه أطفال في غزة يوقفوني عايزين يتصوروا معاي، وفي اليابان لقيت ناس راسمين صورتي"، كما لم ينس غنيم أحد المواقف المؤثرة في حياته، حينما غنى أغنية وقت حصار حلب عام 2016 عنوانها "احمر"ـ وقد تأثر بالأغنية شاب سوري من حلب "تواصل معايا وكتب على يافطة من حلب إلى غزة نفس الجرح واسمي تحتها"، وبعدها عرف غنيم أن الشاب قد قُتل، وتلك الرسائل هي البطارية التي يشحن بها غنيم طاقته، مُعزيًا نفسه أنه يومًا سيصير مُنتشرًا بصورة أكبر.

تابع موضوعات الملف:

من فلسطين إلى العالم.. كيف صار نفار "أيقونة" في عالم الراب؟

1

بعد أحداث الشيخ جراح.. إلى أين وصل الراب الفلسطيني؟ (تقرير)

3

صفاء حتحوت أول مغنية راب فلسطينية.. حين تقدم الموسيقى تحية للنساء (حوار)

4

"الراب".. سلاح آخر يستخدمه الفلسطينيون في مواجهة الاحتلال

5

فيديو قد يعجبك: