زينب والشيماء.. بنات مصر في مقدمة حافظات القرآن دوليًا
كتبت-إشراق أحمد:
رغم انقضاء أسبوعين على الاحتفال، لكن زينب محمود رفاعي والشيماء لمعي مازالت تستقبلا المهنئين. حققت الفتاتان إنجازًا لم يسبقهما فيه أحد من أسرتهما؛ أصبح اسم زينب والشيماء دوليًا بين زمرة أفضل الحافظين للقرآن، بعد أن تقاسمت المصريتان المركز الأول في حفظ كتاب الله برواية واحدة لفئة الإناث في مسابقة بورسعيد الدولية للقرآن الكريم.
لم تنزعج الشابتان لوقت المسابقة المتزامن مع دراستهما وقرب موعد الامتحانات، تتفق زينب والشيماء على أن "ما زاحم القرآن شيئًا إلا وباركه"، ليس هذا مجرد إيمان داخلي، كلاهما ذاقت واختبرت المعنى طيلة حياتهما حتى أصبح كتاب الله مدار لفلك أيامهما.
في كتّاب الشيخ إبراهيم سالمان المدرس الأزهري بقرية "اجهور الكبرى" التابعة لمركز طوخ –القليوبية، حفظت زينب القرآن الكريم، أتمته بعد خمسة أعوام، ورغم انقضاء نحو 15 عامًا على حملها للمصحف الشريف لكنها أسبوعيًا تجمعها مكالمة تليفونية بمعلمها "هو أب لي بعد أبي. يقتطع من وقته ويسمع لي وختمت أكثر من مرة أمامه".
على العكس كانت الشيماء، كان المنزل بمثابة الكتّاب بالنسبة لها، فهي من أسرة حافظة لكتاب الله "والدي إمام وخطيب بالأوقاف. هو وأمي مهتمين أني وأخواتي نحفظ القرآن من صغرنا"، من عمر الرابعة بدأت ابنة قرية بني عامر في الشرقية رحلتها وهي الأخرى ختمت المصحف بعد 5 أعوام.
علمت زينب والشيماء معنى التنافس مبكرًا، كل منهما كان والدهما يخصص هدية كلما تزودا من آيات الذكر "كل ما احفظ جزء يديني 100 جنيه ويعمل عزومة للمشايخ والقرايب"، حفظت ابنة طوخ عن أبيها قوله الدائم "كوني حافظة للقرآن مع أي شيء تريديه في مجال الشغل والدراسة"، كذلك خصص والد ابنة الشرقية جوائز لها ولأشقائها، لمن يجتهد أكثر في الحفظ.
ألفت الشيماء مسار المسابقات، عرفته عن والدها وأعمامها ممن تبنوا تحفيظها وشقيقها الأكبر، لكنها الفتاة الأولى في عائلتها التي تخوض المستوى الدولي، فيما تتذكر زينب خريجة كلية طب بنها أول مشاركة لها لتلاوة القرآن أمام شخص آخر غير شيخ الكتّاب "كان عندي 9 سنين وقتها كنت حافظة 18 جزء والأزهر يطلق مسابقة باسم يوسف"، اختارها معلمها بين صغار الحافظين للمشاركة ووقتها حصلت على درجات عالية تجاوز 95%، إذ كانت المسابقة لا تخصص مراكز للفائزين. بعد هذه المنافسة زاد حماس ابنة طوخ لختم القرآن الكريم، وبالفعل فعلت ذلك بعد عام من هذا الحدث الفارق.
وجدت الشابتان طريقهما في التعليم الأزهري، درست زينب الطب، والتحقت الشيماء بكلية الهندسة. لم تحمل كلاهما يومًا هم التوفيق بين الدراسة ومراجعة الورد اليومي من السور. "عمر ما كان القرآن معطل على العكس هو ما ينظم الحياة والأيام" تقول زينب بينما توضح كيف كانت تنتهز مشوارها المعتاد لساعتين من وإلى جامعتها في ترديد الآيات، وكذلك فعلت الشيماء، خاصة حينما عزمت أن تصبح في المركز الأول بمسابقة بورسعيد الدولية للقرآن الكريم.
شاركت الشيماء العام الماضي في مسابقة بورسعيد، حصدت المركز الرابع في فئة الإناث أيضًا، كانت المرة الأولى لها في المشاركة مع متسابقين دوليين، اكتشفت طالبة الهندسة حينها بعدًا آخر "الأحكام عندي محتاجة تتظبط أكتر"، لهذا قررت الاستعداد للتقديم مرة أخرى، ملأت ساعاتها بالحفظ ومراعاة التجويد "كان فمي بيوجعني من كتر ما بتدرب على تظبيط الحكم"، أصبحت ابنة الشرقية في تحدي مع ذاتها "بقى حلم بالنسبة لي أني أخد مركز أول. كنت حابة أكون مثل لحد فيحب القرآن"، لذا كانت لحظة إعلان النتيجة الأصعب على نفسها.
بينما يجلس المتأهلون إلى النهائيات في الدورة الرابعة الحاملة لاسم المقريء الراحل "محمود خليل الحصري"، كان قلب الشيماء يخفق بشدة، ومع إعلان اسمها في المركز الثاني كادت أن تحزن قبل تصحيح الأمر بالتأكيد على أنها صاحبة المركز الأول مكرر بعد طالبة الطب زينب رفاعي.
وفيما استقبل أهل زينب ابنتهم بفرحة الفاتحين "كأني حررت الأقصى" كما تصف، كانت مشاعر خريجة الطب ثابتة "دخلت مسابقات كتير من وأنا صغيرة.. أنا شايفة الأمر عادي مجرد تنافس ورزق ربنا كتبهولي إنما كل الحافظين القرآن هم فائزين بالأساس". العام الماضي حصلت ابنة طوخ على المركز الثاني في المسابقة العالمية للقرآن الكريم.
طوال الوقت تحفظ الشابتان وصية أهلهما بألا يشغلهما شيء عن القرآن، تسعى كل منهما لذلك بالمراجعة اليومية، وعمل شيء جديد يتعلق بكتاب الله؛ قبل ثلاثة أعوام حصلت زينب على الإجازة بالقراءات العشر "كنت عايزة أعمل حاجة جديدة ولقيت أني بتضايق لما اسمع حد في الإذاعة ومعرفش طريقة القراءة"، عكفت طالبة الطب للوصول إلى مرادها وأضافت له السعي لنقل ما تعلمت لغيرها، عملت ابنة طوخ لتحفيظ أهل قريتها، وكذلك تفعل الشيماء فلا تغادر الآيات أبدًا.
بالتلاوة تنضبط حياة زينب والشيماء، تقول الأخيرة "لما الواحد بيسيب القرآن فترة بيدبل ولما يرجع يحس أن روحه اتردت له"، لهذا لا تترك طالبة الهندسة الآيات رغم بدء امتحاناتها الأسبوع الحالي، فيما تلح خريجة الطب المقبلة على عام الامتياز –الشهر الجاري- في الدعاء "نفسي الدنيا متشغلنيش عن القرآن".
آيات من سورة الإسراء بصوت "أفضل قارئة للقرآن بمصر" في 2021 from eshraq Ahmed on Vimeo. آيات من سورة الإسراء بصوت "أفضل قارئة للقرآن بمصر" في 2021 from eshraq Ahmed on Vimeo.
اقرأ أيضًا:
بالصور والفيديو- صوت ملائكي.. حكاية أفضل قارئ للقرآن في 2021
وُلد كفيفًا وحفظ القرآن في السادسة.. "الشيخ محمد" على خطى الكبار
صاحب المركز الثاني.. مصري يبهر لجان التحكيم بمسابقة دولية للقرآن (فيديو)
فيديو قد يعجبك: