من قبيلة العبابدة.. آمنة تفك رموز "الشندئته" بالفن
-
عرض 3 صورة
-
عرض 3 صورة
-
عرض 3 صورة
كتبت- شروق غنيم:
كانت لحظة ساحرة، حينما أبصرت أمنة علي قطعة فنية في منزل جارتهم كبيرة السن، تعلقت بالقطعة حمراء اللون "كنت بقعد قدامها وافتح عيوني على الأخر، خايفة ترمش لي عين ويختفي مني منظر الأصداف المصفوفه وراء بعضها على الخط الأسود، كانت بتلمع زي النجوم، ومن كتر التركيز كنت بشوفها تتحرك وترقص"، رغم صغر سنها حينها كانت تعلم أن أمامها قطعة فريدة لم يعد لها مثيل في قريتها الشيخ الشاذلي، في صحراء عيذاب بالقرب من حلايب وشلاتين.
لمحت السيدة افتتان آمنة بالقطعة الفنية، بدأت تسرد لها حكايتها "دي أخر قطعة شندئته في القبيلة"، وفن الشندئته هو الحرير الأحمر المشدود على سعف النخيل، ويكون مُطرز بالأصداف والخرز وريش النعام، وهو فن خاص بقبائل البجا، تصنع نسائه الشندئته للعروس ويعتبر أحد طقوس احتفالات الزواج "كان يعتبر من العادات والتقاليد، ولكن بسبب الترحال وسكن القبيلة في المنازل الحجرية وبداية حياة المدينة، بدأ ذلك الفن في الاندثار"، تقول الفتاة الشابة، وابنة قبيلة العبابدة لمصراوي.
تتذكر أمنة لحظات مشاهدتها لقطعة الشندئته في منزل الجارة، وكأنه حلم خاطف، تندم إذ لم تستطع وقتها لمسه "كانت معلقاه في مكان عالي ما أقدر أطوله"، لكنها حفظت تفاصيله في ذهنها، ومعه نبرة السيدة المُسنّة وهي تأسى لزوال ذلك الفن، أخذت عهدًا على نفسها بألا تترك ذلك التراث ينفلت من ذاكرة جيلها الجديد.
أحبّت أمنة الرسم منذ صغرها كما بعض النساء في القبيلة من حولها، ترى أن كل من السيدات هنا "فنانات بالفطرة، صانعات للسعف والإكسسوارات والكليم النسيج، الطبيعة الصحراوية الهادئة صنعت من العبابدة والبشارية خصوصًا المرأة فنانات بالفطرة".
صارت تجوب على السيدات كبار السن من قبائل مختلفة تسأل عن الشندئته "في صحراء عيذاب، معنى شندئته فن النساء على الحرير، وكانت تحصل القبائل على الحرير مقابل ماء المطر".
وجدت أمنة شغفها بالحكايات عن الفن التراثي " عد جلسات مطولة مع كبار السن والأصدقاء من قبائل مختلفة، استطعت فك رموز فن الشندئته، والتي تعبر عن الأمنيات بالسعادة والمال والاستقرار وإبعاد الشر"، غير أنها لم تستطع إعادة ابتكاره، لم تعد الخامات نفسها متوفرة، تلاشت مع الترحال "وتطور المدينة"، قررت الحفاظ عليه ولكن بشكل أخر.
أسست الفنانة الشابة مرسمًا في قريتها باسم "دبايواart"، لم يكن أمرًا سهلًا في مُحيطها أن تصل لتلك النقطة "الأمر كان جديدًا وسط قبيلتي أن تفتح فتاة مرسمًا، لكن بدعم من والدتي ونساء أخريات أمنوا بي، صارت تلك الخطوة أسهل".
إذا لم تستطع أمنة إعادة صناعة الشندئته، فسبيلها هو الفن التشيكلي، وبألوان الزيت صارت تُعيد رسمه مُجددًا، محاولة الحفاظ على ذلك التراث في الأذهان، لم تتوقع أن تأخذها تلك الخطوة إلى ما هو أبعد "بدأت المشاركة في معارض فنية مُختلفة في القاهرة ومُدن أخرى"، ترحال جديد للشندئته على أيادي أمنة بعيدًا عن قبيلتها.
كان لصدى المشاركة في المعارض، أثرًا طيبًا داخل الفتاة الشابة، شعرت بأنها بلغت غايتها "الحاضرين يكون لديهم فضول شديد للتعرف على الفن نفسه، وباقي ثقافة الجزء الجنوبي الشرقي من مصر، ويسألوني عن قبائل البجا والعبابدة والرشايدة".
وفيما تستعيد تلك الذكريات مع المشاركة في المعارض المختلفة، تستعد أمنة للمشاركة في ملتقى المرأة الدولي للفنون بالغردقة، والمفترض إقامته في الفترة من 13 حتى 18 نوفمبر المُقبل. ورغم صعوبة التنقل من قريتها إلا أنها تُصر على استكمال حلمها، تتذكر حكايات جارتها، فتتمنى أن تكون شاهدة على بث الروح من جديد في فن الشندئته.
فيديو قد يعجبك: