ليلة حلم المليون.. كواليس حفل ختام المشروع الوطني للقراءة
كتبت- إشراق أحمد:
أجواء مختلفة لم يعهدها 40 طالبًا ومعلمًا طيلة أشهر؛ يتبدل القلق والضغط الحاضر خلال مراحل التقدم في مسابقة المشروع الوطني للقرءاة إلى مشاعر جديدة. اليوم باتوا على أعتاب خطوة واحدة من حصاد اجتهاد ورغبة ومحبة للكتب عاتبهم البعض عليها، لكن بوصولهم للتصفيات النهائية واقترابهم من تأكيد حملهم لقب "المثقف"، صاروا أكثر تمسكًا بقينهم أنه بالقراءة حقًا تتغير الحياة على كافة الأصعدة.
يقام اليوم على المسرح الكبير لدار الأوبرا الحفل الختامي لمسابقة المشروع الوطني للقراءة في دورتها الأولى، ويعلن ترتيب قائمة الفائزين بجوائز تبلغ قيمتها 20 مليون جنيهًا مصريًا، على أن يحصل أصحاب المراكز الأولى في فئات –الطالب المثقف، الطالب الماسي، المعلم المثقف" على مليون جنيهًا مصريًا.
كانت مؤسسة البحث العلمي في دبي أطلقت، مارس 2020، النسخة الأولى لمسابقة المشروع الوطني للقراءة. تقدم للمسابقة نحو 3.5 مليون طالبًا ومعلمًا من مختلف محافظات مصر، وعلى مدار الأشهر الماضية وعبر المنافسة على قرءاة الكتب المتنوعة، وصل للمرحلة النهائية 40 قارئًا في مختلف المراحل العمرية، بداية من الصف الثاني الابتدائي إلى معلم يحمل لقب كبير المعلمين في إدارته.
ليلة الجمعة، عاد جمع الطلاب والمعلمين بعد آخر لقاء لهم في التصفيات النهائية، أغسطس المنصرف، حضروا جميعًا من أماكنهم، تلك المرة رفقة الأهل وليس وحدهم مثلما حدث أثناء مراحل التصفيات.
منذ أول أمس ولا يتوقف الحديث بين الطلاب الأصغر عمرًا في المسابقة، يواصل أدم محمود وإياد محمد مناكفة زملائهما، يحدثان جلبة خلاف ما كانا عليه سابقًا، توطدت معرفتهما بالوصول إلى التصفيات رغم اختلاف المحافظة، الأول من كفر الشيخ والثاني من الإسكندرية.
بالنسبة لي دي لحظة أسطورية" يصف إياد، طالب الصف الخامس الابتدائي، فيما تسابق آخرون لمبادلة مشاعر الليلة الأخيرة لتجمعهم في المسابقة، يخبرهم نور أحمد القادم من الوادي الجديد "كوكتيل مشاعر. فرحة وقلق وخوف"، وينتظر معاذ سي تويين حتى ينتهي الجميع ليفصح عما يمر به "قليل من القلق. كثير من الحماس".
٢٠ متسابقًا في فئة الطالب المثقف -من المرحلة الابتدائية للثانوية- وصلوا للتصفيات النهائية. فازوا جميعًا بقراءة ٣٠ كتابًا وتلخيصها والقدرة على المناقشة حولها، وأيضًا وقوفهم اليوم للتكريم.
ظُهر أمس التقت نجلاء الشامسي، رئيس مؤسسة البحث العلمي، والأمين العام للمشروع الوطني للقراءة، بجميع المشاركين، تبادلت معهم الحديث حول قراءتهم واهتمامتهم. لم تخل المقابلة من المرح، وانتهز المتسابقون الوقت ليتشاركوا الحكي عن الحياة والكتب واليوم المنتظر منذ أغسطس المنصرف.
طيلة وقت اللقاء، انشغل الصغار بالسؤال عن تفاصيل التحكيم، والحفل والتكريم، مَن المقدم له، الحضور، شكل المسرح، تبادلوا المزاح وماذا يفعلون في حالة فوز أحدهم بالمركز الأول وحصوله على جائزة المليون جنيهًا المخصصة. "هنتجمع حوليه ونستولى عليه" ضاحكًا يقول أدم، طالب الصف الخامس الابتدائي، فيما أضاف البعض أمنيات جديدة لقائمته التي وضعها مع الوصول للتصفيات النهائية، يحكي إياد "قلت لجدتي هطلعها عمرة لو فزت بالمركز الأول أو التاني"، كذلك أعد آخرون أعدوا كلمات لإلقائها في حالة الفوز، رغم عدم علمهم بإمكانية ذلك.
وبينما تجري التحضيرات للحفل، لم تتوقف أشرقت جمال عن التفكير فيما وصلت إليه "حاسة أنه كتير عليا أكون هنا". مشاعر مضاعفة تعيشها طالبة الصف الثالث الثانوي القادمة "خايفة أني اخذل الناس اللي حاطين آمال كبيرة عليا. أهلي ومدرستي"، كذلك كان حالها كل مرحلة متقدمة بالمسابقة لكن ثمة تفاصيل أضافت لها شيئًا من البهجة.
لأيام أخذت أشرقت تتجهز للتكريم "بفكر هلبس ايه واعمل ايه" تبتسم ابنة المنيا بينما تقول، فمن قبل كان التركيز في المسابقة ينصب على الكتب وتطوير مهارتها في العرض والاستمتاع بالمرحلة قدر المستطاع، لكنها الآن تلتقط فقط الأنفاس، رغم أن الحماس والترقب أكثر من ذي قبل، فالرحلة تصل لمحطتها الأخيرة.
قبل المغرب توجه الطلاب والمعلمين إلى المسرح الكبير في دار الأوبرا لحضور "البروفة" للحفل. كان لكل منهم إحساس مختلف. بدا على ملامح محمد إبراهيم الانبهار، للمرة الأولى يدخل ذو الثمانية أعوام مسرح، ارتسمت ابتسامة عريض على وجهه بينما يقول "أنا فرحان جدًا. عمري ما جيت الأوبرا قبل كده".
كانت هبة مصطفى بين الحاضرين للمرة الأولى أيضًا، الدخول للأوبرا انسى معلمة اللغة العربية الشابة كل شيء، القلق والتعب، وضغط الآمال، والتفكير في أي مركز ستكون. طالما شاهدت ابنة قنا المسرح الكبير على التلفاز ورغبت أن تكون بين المتفرجين، أما اليوم لا تصدق أنها بين المكرمين على المسرح الذي رأته لأول مرة عبر الشاشة عام ٢٠٠٨.
لدقائق ظل عمر مصطفى متأملاً المسرح، الصفوف الأمامية، والمقاعد في المدرجات العليا، لم تغب الكتب والحكايات التي عرفها طالب المرحلة الإعدادية عن اللحظة، يميل إلى صديقه عبد الرحمن سامي ويخبره بينما يشير إلى أحد الأرجاء في "بلكون المسرح": "الجزء ده عامل شبه المكان اللي فيه تم اغتيال إبراهام لينكولن رئيس الولايات المتحدة السادس عشر"، ويواصل ابن محافظة الإسكندرية سرد حكاية اغتيال لينكولن في مسرح فورد بالعاصمة واشنطن، بينما يضحك رفاقه لربطه بين استقبالهم للتكريم والقصة التي تذكرها.
وبينما يعرف كل من الأربعين مكانه على المسرح، كان للتواجد وقع خاص في نفس جهاد يحيي، أزال الحضور بين المكرمين مشقة أسبوعين مضت مع بدء الدراسة. أعتبر معلم اللغة العربية هذا اليوم بمثابة راحة من الرحلة الصغيرة، وحصاد للسفر الكبير منذ أحب القراءة.
يتذكر يحيي، ابن محافظة دمياط، كيف كان يخرج الطلاب من المدارس وهو صغير وبعد أن شب إلى ورش الآثاث والأخشاب، فيما ظل هو متمسكًا بالكتاب، يقرأ ويعلم أن الطريق لن يخذله "اللحظة دي حصاد لسنوات العمر وإعلان أن كل ما فات له قيمة".
لم يترك القلق النفوس، حتى اللحظات الأخيرة من الحفل، يرغب كل منهم أن يكون بالمركز الأول، تصحبهم دعوات الأهل، وأمنيات رفاق مدارسهم الذين حضروا لدعمهم، لكن ذلك لم يغلب على يقينهم أن وجودهم في هذه المرحلة انتصار لكل منهم على تحدي شخصي، وفوز بمكاسب بدأت بقراءة ٣٠ كتابًا والتواصل مع أصدقاء جدد ولا تنتهي عند الجائزة المادية.
اقرأ أيضًا:
من سيربح المليون؟.. أمنيات المتسابقين في المشروع الوطني للقراءة
في تصفيات المشروع الوطني للقراءة.. الكتاب يقود طلاب ومُعلمي مصر لجوائز مليونية (معايشة)
فيديو قد يعجبك: