"تكية مسافر".. مكان يطل منه المثقفون على تراث مصر
كتبت- هبة خميس:
لسنوات ظلت "ندى زين الدين" تطوف بين شوارع مصر ومدنها، مبهورة بالحضارة الثرية، مصطحبة معها الكثير من الناس الذين يودون التعرف على جزء من تلك الحضارة، في جولات لمجموعة أسمتها "تعالوا نعرف مصر": "كنت مهتمة أعرف الناس على مصر عن طريق الرحلات بشكل مختلف علشان يدركوا أد إيه البلد دي جميلة وكلها مزارات".
عقب حصولها على الماجستير عام 2011 اتجهت "ندى" لتعلم ترميم الآثار بجامعة القاهرة، وعقب إتمامها الدراسة حصلت على منحة للدكتوراه باليابان حول فكرة التغيُرات البيئية وتأثيرها على الآثر التاريخي، لكن بسبب انتشار فيروس كورونا المستجد واستكمالها الدراسة أونلاين، بدأت فكرة المكان في الوضوح أمامها: "كنت في المكان مع أصحابي و فجأة شفت الشقة معروضة للبيع اللي خدناها للمكان، حسيتها كأنها بتناديني وإن دي علامة".
الفكرة التي ظلت تطارد "ندى" لسنوات هي عمل مكان ثقافي يضم أصحاب الحرف الفنية المهمة مع مكتبة ملحقة وورش مخصصة لتعليم الناس الفنون والحرف، في رحلاتها عرفت الفتاة الكثير من أصحاب الحرف مثل فن الأرابيسك وحرف كثيرة أخرى، وكانت علاقتها بهم لا تتعدى الشراء أو توجيه الأصدقاء للشراء منهم بسبب جودة عملهم: "بفكر إن المكان يجمع بين الحرفيين المتميزين اللي محتاجين مصدر دخل معقول وكمان بين الناس اللي تحب تتعلم الحرفة وده منه يحافظ على الحرفي وكمان يمنع الحرف من الاندثار"، وكان من ضمن أصدقاء "ندى" الكثير من أًصحاب المواهب، ليصبح المكان تجمع لكل محبي الفن ومعلميه والحرف التقليدية وأيضًا ملحق به جزء للأطفال لعمل ورش العمل المخصصة لهم ومكتبة كبيرة من التبرعات التي استلمتها "ندى" من الناس للمكان: "المكان هيكون فيه مساحة عمل وكافيه صغير للاستمتاع بمشهد المسجد ومكتبة لمحبي القراية بشكل ثابت وخدمات للناس اللي عايشة في المنطقة زي فصول محو الأمية ".
طوال فترة العمل على تجهيز "تكية مسافر" تساءل الناس من المنطقة وعن المكان طوال الوقت، لتبدأ "ندى" في شرح ماذا سيقدم لهم المكان الذي تقوم على تجهيزه ليعجب به السكان لعدم وجود ذلك النوع من الخدمات بالقرب منهم وبصفة خاصة الخدمات الموجهة للأطفال.
حب "ندى" لمنطقة السلطان حسن عميق منذ سنوات طويلة، فلم تتخيل أن المشروع الذي تحلم بتنفيذه سيكون في تلك المنطقة ويطل على مسجد السلطان حسن البديع، لكن الحالة التي وجدت عليها المكان كانت صعبة جدا: "حالة الشقة كانت سيئة واحتاجت مجهود كبير جداً ودراستي للترميم فادتني في تجديدها والحفاظ على روحها لأن البيت تراثي من 160 سنة".
تشبه "ندى" مرمم الآثار بالطبيب، فهو يبث الروح في الأثر ويستغل إمكاناته الكثيرة ليلمع من جديد، وهذا ما فعلته بالمكان الذي حافظت على روحه التراثية ليتماشى مع التراث الموجود بين جدران المكان وحفاظًا على المظهر العام للبيت.
الاسم الذي رصدته "ندى" لأجل مشروعها هو "تكية مسافر" ومستوحى من الفكر الصوفي، حيث تجمع التكية الناس الفقراء وغير القادرين لتقديم لهم طعامًا وشرابًا وسكنًا، والسفر ليس مقصورًا على حدود المكان، لكنه سفر في العقل بين أوراق الكتب: "عملت المكان كشركة ثقافية بشكل قانوني أنا وشريكتي شيماء نادر وهنفتتح المكان بعد أسبوعين، لكن افتتاح بسيط بعدد محدد من الناس بسبب الإجراءات الاحترازية".
فيديو قد يعجبك: