بين «احتفالات رأس السنة» و«وفيات الحسينية».. التناقض على مواقع التواصل سيد الموقف
كتب- عبدالله عويس:
كان المشهد قاسيا، موتى من المصابين بكورونا على أسرة العناية المركزة، بمستشفى الحسينية بمحافظة الشرقية. لحظات وثقت بفيديو سرعان ما أصبح حديث مواقع التواصل، تعددت الروايات بشأنه والموت واحد. الكلمات الحزينة والنعي الممزوج بالألم واللوم في آن معا، كان مناقضا لما سبق من احتفالات وزحام وتكدس، بلا مراعاة لإجراءات احترازية للوقاية من كورونا، وهي في موجتها الثانية الأشد شراسة من الأولى.
كان طارق سيد، أحد من نشروا صورة للمرضة آية علي، التي ظهرت في مقطع الفيديو وقد جلست على الأرض، في هيئة تعاطف معها الرجل الأربعيني، فأرفق الصورة بكلمات اللوم، على مشاهد الزحام والتكدس في وقت تأن فيه الأطقم الطبية في مصر جراء أزمة الوباء المستجد، لكن الرجل نفسه كان حاضرا على كورنيش النيل بالقاهرة، يشاهد الاحتفالات بالعام الجديد، وتبهره الألعاب النارية، وهو بلا كمامة على وجهه. ليكون بذلك منتقدا حالة كان طرفا فيها، معتبرا أن حضور مثل هكذا أمور رفاهية لا تليق في زمن الوباء: «أنا بصراحة شاركت في الاحتفالات، وكنت مش لابس كمامة وكنت وسط آلاف، لكن بعد ما شفت الفيديو ده اتضايقت».
العلاقة بين الاحتفالات ومشاهد التكدس وما حدث بالمستشفى، لا علاقة مباشرة بينهما، لكنها قد تكون سببا لزيادة الضغط على المستشفيات التي تشهد عجزا في توفير الأدوات الوقائية، وأسرة العناية المركزة، وفيما تقول الروايات إن الأزمة سببها نقص الأكسجين، ينفي محافظ الشرقية الأمر، وبحسب بيان له فإن «عدد المتوفين 4 حالات وفاة فقط من أصحاب الأمراض المزمنة وأن الأكسجين متوفر بالمستشفى، ويوجد 17 طفلا بالحضانة و حالتان بالعناية العامة و36 حالة إصابة بكورونا بقسم العزل ولم يحدث أي وفيات بين هذه الحالات». لكن مشاهد الفيديو كان صوتها أعلى من ذلك كله، لتصير الـ«تريند» الأول في مصر، صباح اليوم، الأحد: «أنا صعب علي الممرضين والمرضى والأهالي، مشهد صعب جدا، ويمكن في إهمال طبي، لكن كمان إحنا بنستهتر» كلمات كتبها زياد أحمد على صفحته الشخصية على موقع فيس بوك، الشاب الذي كان حاضرا بنفسه لحظة إطلاق الألعاب النارية على كوبري تحيا مصر ليلة احتفالات رأس السنة، بلا التزام بإجراءات احترازية.
كانت التحذيرات تتوالى، الموجة الثانية أشد خطورة من الأولى، وأعداد المصابين بفيروس كورونا ترتفع بوتيرة كبيرة، تخطت الـ1400 مصاب في اليوم الواحد، لكن ذلك لم يمنع كثيرين من الاحتفال برأس السنة الجديدة على كوبري ستانلي في الإسكندرية، في مشهد دفع محافظ الإسكندرية للتعليق بأن «على أهالى الإسكندرية أن يعرفوا أن الموجة الثانية من فيروس كورونا أخطر من الأولى (...) وكثير من الأماكن في المدينة الساحلية تشهد ازدحاما على الرغم من إغلاق آلاف الكافيهات والمطاعم ومراكز الدروس الخصوصية يوميا منعا للتزاحم أو انتشار عدوى الفيروس» لكن ذلك لم يمنع الكثيرين من النزول، في مشهد غابت فيه الكمامة، والتباعد الجسدي، أيما غياب.
على النقيض، كانت صورة الممرضة التي افترشت الأرض داخل مستشفى الحسينية، تنشر مدمجة بصورة أخرى من تلك الاحتفالات، مرفقة بعبارات التأنيب واللوم على من شارك في مثل ذلك التزاحم، أو الزحام بأحد المولات التجارية مؤخرا، وهو أمر يعتبره جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، يعود إلى ثقافة الفرد وشعوره بالمسؤولية الاجتماعية: «حين نتعرض لمشكلة عامة، يبرر البعض فشلهم على الآخرين، وهذا ما نفعله نحن، نلوم بعضنا وكلنا مشاركين في المشكلة» وفي رأيه أن هذه مشكلة تتخطى المصريين وتوجد في دول أخرى متقدمة: «يجب أن يكون هناك وعي يعرف بوعي القطيع، لكن أن نشارك في مشكلة ما ثم ننتقد ذات التصرف فهي مشكلة كبيرة وللأسف موجودة». ويعتبر أن ما يدونه الناس على مواقع التواصل الاجتماعي، جزء من ازدواجية كبيرة يمارسها كثيرين، وهي بشكل كبير تعود لغياب الوعي.
فيديو قد يعجبك: