"كنا مقطوعين واتوصلنا".. حكايات من أول صلاة جمعة في مصر بعد "كورونا"
كتبت- دعاء الفولي:
تصوير- فريد قطب:
منذ الأمس، لم يكن ذهن أسامة ممدوح منصرفًا إلا لظهر اليوم، فبعدما أعلنت وزارة الأوقاف عن إعادة فتح المساجد لصلاة الجمعة، دب الفرح في قلب صاحب الـ32 عامًا. صباح اليوم استيقظ وجهّز أفضل ما لديه من ثياب، قصد مسجدًا كبيرًا في مدينة البراجيل بالجيزة حيث يقطن، ورغم أن الخطبة والصلاة لم تستمر إلا خمس عشرة دقيقة "بس الواحد روحه ردت".
لخمسة أشهر، تم إغلاق المساجد في مصر خوفًا من تفشي فيروس كورونا المستجد، الذي شارفت عدد حالاته في مصر على الـ100 ألف حالة، غير أنه منذ مطلع يوليو الماضي، بدأت الحكومة في تطبيق إجراءات التعايش، ضمنها الفتح الجزئي لبعض المساجد في الصلوات العادية دون الجمعة، قبل أن تصدر وزارة الأوقاف قرارًا الأسبوع الماضي ببدء صلاة الجمعة في المساجد دون الزوايا، على أن يحدث ذلك باشتراطات معينة.
لم يسمع إبراهيم سيد عن قرار الأوقاف سوى منذ بضعة أيام، حاول صاحب الـ77 عاما تفادي تلك الأخبار "لأني نفسي أروح جدا بس ظروف المرض مانعاني"، إذ يعاني من مرض القلب، لكنه بعد عناء التفكير عزم الأمر "روحت وعملت احتياطاتي وربنا يستر".
في مسجد قريب من منزله بمنطقة الهرم استقر سيد للصلاة "كان فيه تنظيم كويس.. محدش بيدخل من غير كمامة والعدد قليل"، لاحظ أن المصلين يحضرون معهم السجاجيد "بس لأني مش بسجد فمحتجتش واحدة"، لم يعرف سيد أن الخطبة ستكون قصيرة "مفيش خمس دقايق والإمام أقام الصلاة وخلصنا وخرجنا"، لكنه ممتن بالعودة للمسجد مرة أخرى "أنا عارف إن ينفع مروحش بس العمر فيه كام جمعة عشان نفوتها؟".
وضعت وزارة الأوقاف بضعة شروط لفتح المساجد؛ منها تحقيق التباعد الاجتماعي بين المصلين وارتداء الكمامات وفتح المسجد قبل الصلاة بعشر دقائق فقط وغلقه فور انتهائها، كما أكدت على ضرورة غلق الحمامات وأماكن الوضوء وإحضار المصلي سجادة ليصلي بها، كما اشترطت ضرورة وجود موظف من الأوقاف أو إمام المسجد قبل فتحه وعدم فتح الأضرحة تحت أي ظرف، وعدم السماح بأي مناسبات اجتماعية بما في ذلك الزواج داخل المسجد أو صلاة الجنازة، فيما قالت الوزارة إنه لا حرج على من أراد الصلاة في منزله تحوطا أو خوفًا.
حاول ممدوح الالتزام باشتراطات الوزارة، لكن الشاب القاطن بالبراجيل فوجئ بازدحام المسجد "وفيه ناس صلت في الشارع"، لكن ذلك لم يزعجه "وشوش الناس كانت مبسوطة رغم كل حاجة"، تكررت كلمة "حمدًا لله على السلامة" على مسامعه، شاهد فرحة طفولية في عيون البعض "عشان فهموا أد إيه كنا محرومين وربنا منّ علينا"، فيما لم تطل الخطبة في المسجد الذي صلى به ممدوح، كان الشاب يفكر قبل صلاة اليوم "إني بس عايز أشهد أول مرة بعد الفتح وبعد كده ممكن مروحش الجمع الجاية لو قلقان"، لكن القرار تبدد بمجرد انتهاء الصلاة، إذ لن يفوت الصلوات القادمة.
في المقابل لم تُتح الفرصة لحسن سعيد أن يشهد صلاة الجمعة اليوم. كان صاحب الخمسين عاما في زيارة عائلية بمحافظة الشرقية "كنت معدي من جنب مسجد قبل الصلا بساعة وكانوا مشغلين ميكروفون المسجد بس الباب مقفول"، حينما سأل خادم المسجد "قاللي إنها أول يوم صلاة"، تهللت أساريره وقرر الانتظار بعدما كان في طريقه للعودة للقاهرة.
حينما انتظر سعيد بجانب المسجد، استمع للشروط التي تُقال بتمعن "اكتشفت إني لا معايا مصلية ولا متوضي"، سأل أحد الجالسين حول المسجد "قاللي إنهم مش هيدخلوا كل الناس والعدد بيكون قليل"، بعد 20 دقيقة من المحاولات اضطر للرحيل، على وعد بالاستعداد للصلاة في الجمعة القادمة.
فيديو قد يعجبك: