كوميديانات مصر (6) بدرية طلبة.. أستاذة "الارتجال" (بروفايل)
كتب- محمد مهدي:
في منتصف التسعينيات، بينما تقف مدرسة اللغة العربية "بدرية طلبة" في إحدى المدارس الحكومية بمحافظة الإسكندرية، علا صوت الطُلاب"أستاذة بدرية شوفناكي إمبارح في القناة الخامسة" إذ ظهرت الأستاذة التي تهوى التمثيل في عمل فني قصير، وهو ما وصل إلى مدير المدرسة الذي نصحها بترك مهنتها والانتقال إلى التوجيه المسرحي، لم يكن يدري حينها أنها ستصبح بعد سنوات واحدة من أبرز الوجوه الكوميدية في السينما المصرية.
عشقت ابنة الإسكندرية الفن منذ طفولتها، دقت أبواب التمثيل في سن مُبكر "في المسرح المدرسي، ثم قصور الثقافة، وفي مسرح الشركات كنت بلف المحافظات وأقدم عروض في كل مكان" كما تقول طُلبة في تصريحات تلفزيونية، منحتها لهجتها الخاصة وطريقتها المميزة طابع خاص، ظلت محاولاتها مستمرة للخروج من عالم الهواية إلى الاحتراف حتى حصلت على فُرصة في مسرح الفنان الكبير سمير غانم لتتفجر موهبتها بشخصية "بدرية المهدية" في "دوري مي فاصوليا". وهو ما لفت انتباه المخرج المتميز رائد لبيب.
بعد أيام من مشاهدته لـ "طلبة" على مسرح قصر النيل في عام 2001 طلب منها المشاركة في برنامج المقالب "حسين على الهواء" على أن تحتفظ بطريقة "المهدية" في أداء شخصيتها بالبرنامج "لكن حولنا الاسم بقيت مديحة حاتم" وانطلقت في التجربة بحماس وموهبة طاغية، تُخرج من جعبتها الكثير من الجمل الخاصة والغريبة خلال المداخلات الهاتفية التي تقوم بها مع الفنان الكبير حسين الإمام وضيوفه من النجوم لتختم كلامها "مديحة حاتم، حدائق القبة، القااااااهرة".
كان من المفترض أن تظهر "طلبة" بالصوت والصورة في البرنامج "لكن الأستاذ طارق نور قال خلوها صوت بس، عايزين الناس تسأل مين صاحبة الصوت دا" وهو ما ساهم في نجاح الشخصية بصورة أكبر، ونصحها البعض حينها بتغيير اسمها لـ "مديحة حاتم" غير أن الفنان القدير "محمد صبحي" طلب منها الاحتفاظ باسمها الحقيقي "قالي بدرية هي اللي عملت (مديحة) وتقدر تعمل زيها وأكتر" وصلت رسالته جيدًا، اقتنعت بالأمر "واحتفظ باسمي زي ما هو".
منذ بزوغ نجمها عُرفت "طلبة" بإجادتها للارتجال، إمكانيات فائقة في تخيل المواقف المُضحكة والحوار الأنسب له، تظهر في مشاهد قليلة لكنها تُعطي لتلك الدقائق البهجة "مساحة الدور مش بتفرق معايا، لأني بحب المشهد اللي بعمله وبخليه عالي" فعلتها في عشرات الأعمال منذ بدايتها مثل "صايع بحر وخالتي فرنسا في 2004، وملاكي إسكندرية وزكي شان وبوحة في 2005" لتنطلق في موجة الأفلام الشبابية وتصبح رقم هام في معادلة نجاح تلك التجارب حينها.
عندما يقع الاختيار على الفنانة الكوميدية في عمل جديد لا تجد مساحة حوارية كبيرة لدورها في السيناريوهات "المنتجين بيقولولي الورق أهوه إعملي اللي إنتي عايزاه" يدرك الجميع إمكانياتها وارتداء عباءة الشخصية بسهولة بعد المذاكرة والتركيز، جرى ذلك في عدد من الأفلام من بينها دور المترجمة الشهير بفيلم "لا تراجع ولا استسلام" من إخراج أحمد الجندي وبطولة أحمد مكي وماجد الكدواني"ضفت حاجات من عندي زي (هاو ماتش كلوك) وبنظبط تفاصيل على حسب الموقف اللي احنا فيه" تقول أن "مكي" دائمًا ما يسمح لها بالارتجال في أعماله.
خلال السنوات الأخيرة، حصلت "طلبة" على مكانة جيدة في دنيا الفن سواء بأعمالها السينمائية أو المسلسلات التلفزيونية أو المسرح التي وصلت إلى 168 عملا، ومؤخرًا في البرامج التلفزيونية التي تعتمد فيها على الارتجال، موهبتها الكبيرة التي لا تتخلى عنها قط، غير أنها تشعر بغصة لعدم حصولها على تكريمات رسمية "مش معترفين بيا ككوميديانة، مش واخدة حقي".
لاتزال "طلبة" مستمرة في محاولاتها الدائمة لتقديم أدوار كوميدية تبقى في ذاكرة الجمهور كما اعتادت، وخلال شهر رمضان الفائت ظهرت في أعمال هامة مثل "فلانتينو" مع النجم الكبير عادل إمام، وفي الأيام الفائتة بدور مميزة بمسلسل "الشركة الألمانية لمكافحة الخوارق" من بطولة محمد عبدالرحمن ومحمد سلام، تداوم دائمًا على الارتجال كقاعدة للنجاح لم تخيب معها أبدًا.
فيديو قد يعجبك: