لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

من لغة الإشارة إلى"الشات بوت".. كيف تُستقبل بلاغات كورونا من الصم وضعاف السمع؟

11:24 م الأربعاء 27 مايو 2020

الصورة الرئيسية

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- محمود عبدالرحمن:

فيديو وفوتوغرافيا- زهوة محسن:

داخل استقبال مستشفى صدر 23 يوليو بمنطقة المرج، حاولت سامية عبدالعليم وزوجها -اللذان يعانيان من إعاقة سمعية وكلامية- توصيل ما تشتكي منه؛ باستخدام إشارات اليدين وحركة الشفاه وإيماءات الوجه، لكن الطبيب لم يفهم ما يريدان توصيله والشكاوى، كررا محاولاتهما لكن دون فائدة.

ليلجأ الزوج إلى إجراء اتصال عبر كاميرا هاتفه بمترجم لغة إشارة، يطلب منه مساعدته في ترجمة ما يريد قوله للطبيب بلغة الإشارة؛ ليخبر المترجم الطبيب، بأن "سامية" تعاني من ارتفاع مستمر لدرجة حرارتها، منذ 5 أيام، وآلام بالحلق متقطعة؛ تشتكي منها بين الحين والآخر.

ينهي الطبيب الكشف على الزوجة، ويطلب منها المواظبة على مواعيد الأدوية التي صرفها لها، وفي حالة حدوث أي تطور لهذه الأعراض، عليها الذهاب إلى مستشفى الصدر أو الحميات بالعباسية، يكتب الزوج على الروشتة التي أخذها من الطبيب، "هي خايفة ليكون عندها "كورونا"، يرد الطبيب بنفس الطريقة؛ بالكتابة أسفل ما كتب الزوج على الروشتة: "دي أعراض عادية وممكن يكون دور برد".

صعوبة التواصل بيني سامية والطبيب، والبحث عن بدائل أخرى للتعبير عن معاناتها، يتكرر يوميًا مع 7 ملايين ونصف المليون من أصحاب الإعاقة السمعية والكلامية في مصر؛ وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة.

حالة من القلق تراود سامية بين الحين والآخر بعد عودتها إلى بيتها، خوفًا من أن يكون ما لديها أعراض الإصابة بـ"كورونا"، زاد من توترها وخوفها أن تنقل العدوى لطفليها، خصوصًا في ظل التزايد المستمر لأعداد المصابين بالفيروس، التي تعلنها وزارة الصحة مساء كل يوم.

الصورة الاولى

نصيحة من صديق للزوج باللجوء؛ لتطبيق إلكتروني يعرف بـ"واصل" لمساعدتهما في تشخيص حالة الزوجة ومعرفة مدى إصابتها بفيروس "كوفيد-19"؛ ليقوم الزوج بتحميل التطبيق على هاتفه والتواصل من خلاله مع أحد العاملين بالمركز، لاستشارته في حالة زوجته سامية.

أطلقت وزارة الاتصالات في ديسمبر الماضي؛ أول مركز تقني لخدمات ذوي الإعاقة بالتعاون مع شركة "أڤايا" العالمية العاملة في قطاع التكنولوجيا؛ من أجل توفير خدمات الإسعاف والنجدة أو المطافئ، ومؤخرًا استفسارات "كورونا"، من أجل التيسير على سامية وزوجها وأقرانهم واندماجهم في المجتمع.

ويتيح المركز الذي يستقبل الاستغاثات على مدار الـ24 ساعة، إمكانية إجراء اتصالات مرئية بلغة الإشارة عبر تطبيق: "واصل" بين ذوي الإعاقة ومترجمي لغة الإشارة؛ لمساعدتهم في حالات الطوارئ أو الاستفسارات الخاصة بـ"كورونا".

Untitled-1

داخل صالة مجهزة تقنيًا وإلكترونيًا -تعرفها لافتة صغيرة بـ"مركز لغة الإشارة"-بمبنى أكسيد بالقرية التكنولوجية بالمعادي، يستقبل عدد من مترجمي لغة الإشارة، استغاثات أصحاب القدرات الخاصة من الصم والبكم، يرتدي كل مترجم سماعة رأس موصولة بجهاز كمبيوتر مزود بكاميرا وبجواره هاتف يستخدمه في توصيل بلاغات الدعم والمساعدة للجهة المسؤولة عنها: "أنا مجرد وسيط بين الأصم والجهة المنوطة بحل مشكلته"، تقول نرمين المهدي إحدى المترجمات بالمركز.

تشرح نرمين، الحاصلة على ماجستير التربية الخاصة تخصص إعاقة سمعية، طبيعة عملها، بمجرد تلقي استغاثة، نطلب معلومات محددة من المتصل -الاسم والعنوان ونوع الاستغاثة- وتدوينها على التطبيق؛ الذي يحدد الموقع الجغرافي للمتصل من أجل الاستجابة السريعة، وتأتي الخطوة الثانية للاتصال بالمركز التقني؛ لتفعيل الاستغاثة أو البلاغ المقدم: "كل ما تكون المعلومات دقيقة كل ما نقدم المساعدة في أسرع وقت"، تقول المترجمة التي تعمل بالمركز منذ افتتاحه.

الصورة الرابعة

لا يقتصر دور "نرمين" وزملائها على توصيل الاستغاثة بالجهة المنوط بها الاستجابة الفورية لها، بل تعاود الاتصال بصاحب البلاغ بعد مرور ساعات؛ للتحقق من مدى الاستجابة من الجهة التي يفترض أن تحل المشكلة: "لما ببلغ أي جهة من الجهات التي نتعامل معها، يتم تحديد المدة الزمنية التي يمكنها انتهاء المشكلة خلالها"، وبعد انتهاء هذه المدة الزمنية تعاود نرمين أو أحد زملائها -في حالة انتهاء موعد عملها واستلام زميل آخر منها- بصاحب الشكاوى أو الخدمة، وذلك؛ لتأكد من حل المشكلة وعدم جود أي عقبات: "بفضل متابعة معه لحد ما يخلص".

من خلال تطبيق "واصل" يتواصل زوج سامية مع المركز، ويعرض حالة زوجته ويطلب منه مترجم الإشارة أنت تعزل نفسها وإذا حدث أي مضاعفات أو تطور للأعراض التي تشتكي منها تعاود الاتصال بهم مرة أخرى.

إنشاء المركز الأول من نوعه بالشرق الأوسط والوطن العربي، تنفيذًا للمبادرة الرئاسية التي تتبنى دمج ذوي الإعاقة في المجتمع، ومساواتهم بمختلف الفئات والشرائح التي يعيشون معهم، كما يروي أحمد فايد، المدير الإقليمي لشركة "أڤايا" المنفذة؛ لتطبيق "واصل".

الصورة الخامسة_2خدمة الرد على استفسارات "كورونا" استحدثها المركز في أبريل الماضي، لمساندة ودعم خطة الدولة للحد من انتشار فيروس: "كورونا المستجد كوفيد-19"، باستخدام التكنولوجيا من أجل دمج هذه الفئة مع باقي المجتمع والحفاظ على سلامة أفرادها، وفقًا الدكتورة نهى ربيع، مديرة المسؤولية والخدمات المجتمعية بوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.

"مش كتير اللي يفهم لغة الإشارة ودي معاناة تقابلني يوميًا"، تقول سامية من خلال مترجم إشارة، إن وجود هذا النوع من التطبيقات، يحل لهم جزءًا من مشكلة التواصل مع المجتمع، وخاصة الجهات والمؤسسات الحكومية.

الصورة السادسة_5

"درجة حرارتي مرتفعة وخايفة؛ ليكون عندي كورونا"، استغاثة تلقتها دعاء محمد، مترجمة إشارة بالمركز، من سيدة أربعينية، تطلب منها معرفة هل حاملة للفيروس أم لا، لتبدأ دعاء بتوجيه الأسئلة إليها: "بخلي المتصل يجاوب على عدة أسئلة وبعدها بشوف، هل الأعراض اللي بيتكلم عنها اشتباه في "كورونا" ولا دور برد عادي"، تقول دعاء.

بعد إضافة استفسارات "كورونا" إلى خدمات المركز التقني، تم تأهيل العاملين بالمركز ودعمهم بالمعلومات الأساسية عن الفيروس من حيث أوجه التشابه مع الإنفلونزا العادية، بجانب طرق العدوى وكيفية الوقائية وغيرها.

ومن خلال إجابة الشخص المتصل عن الأسئلة نعرف حالته إيه، وفي مرحلة الاشتباه والأعراض الخفيفة، نطلب منه عزل نفسه في مكان منفصل عن باقي أفراد الأسرة، ومعاودة الاتصال مرة أخرى عند زيادة الأعراض، لكي يتم تشخيص حالته بمعرفة أحد الأطباء الذي يحدد إلى أي مدى يحتاج إلى نقله للمستشفى، بحسب دعاء التي تعمل مترجمة لغة الإشارة منذ عام 2005، وكان سبب معرفتها بهذه اللغة وجودها في أسرة يعاني جميع أفرادها من الصم باستثنائها.

يوجد تعاون بين المركز وكافة الجهات التي تتعامل مع حالات "كورونا"، يقول الدكتور فادي إسماعيل، مدير الابتكار بالأكاديمية الوطنية وتكنولوجية المعلومات لذوي الإعاقة، وفي حالة الاشتباه في إصابة متصل بالفيروس من خلال الشروط المنصوص عليها من وزارة الصحة، نأخذ كافة المعلومات، وتبليغ الجهة المعنية للتعامل معه، كما يحدث في الخط الساخن المخصص من قبل وزارة الصحة للمواطنين للاستفسار عن "كورونا".

الصورة السابعة_4

منذ انتشار فيروس "كورونا" في مصر، زاد معدل المكالمات التي يتلقاها المركز بالتوازي مع زيادة أعداد الإصابة، بحسب محمد صفوت، الذي يعمل مدرب لغة إشارة منذ 6 سنوات، ويكون أغلبها من أجل الاستفسار عن كيفية الوقاية وتجنب الإصابة: "بعرفهم تعليمات الوقائية وضرورة البقاء في المنزل"، موضحًا: أغلب المتصلين لديهم قلق من أرقام الإصابات التي تتزايد يوميًا، لذا نقدم لهم الدعم النفسي الذي يطمئنهم.

وفي 20 مايو الحالي، أطلقت وزارة الاتصالات خدمة الاختبار الآلي لأعراض فيروس "كورونا المستجد" بتقنية الشات بوت (chatbot) بلغة الإشارة، حيث يتم تلقين البرنامج التفاعلي بمعلومات برمجية لفهم اللغة البشرية، ويتم إدارة الحوار باستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي، وبالتالي يكون الرد على الاستفسارات الخاصة بـ"كورونا" تلقائيًا.

هذه التقنية التفاعلية القائمة على المحادثة النصية بين روبوت مبرمج ومستخدم بشري، يتم استخدامها بطريقة سهلة ومصممة بعناية لمساعدة الصم وضعاف السمع في مواجهة "كوفيد-19"، كما يقول أحمد فايد، المدير الإقليمي لشركة "أڤايا" المنفذة لتطبيق "واصل".

ويستقبل المركز، الفائز بجائزة CIO 100، التي تمنح للمشروعات الابتكارية والرائدة في الشرق الأوسط، يوميًا مئات الاتصالات من جميع محافظات مصر، سواء الخاصة باستفسارات كورونا وفي حالات الطوارئ،التي تشهد العديد من الخدمات الأخري كما يقول مدير الابتكار بالأكاديمية الوطنية وتكنولوجية المعلومات لذوي الإعاقة.

بينما ترى سامية عبدالعليم، أن التطبيق قدم لها ما تريد واستطاعت التغلب على الخوف والقلق الذي عانت منه بسبب خوفها من الإصابة بـ"كورونا"، التى تأكد من عدم إصابتها بالفيروس، بعد اختفاء الأعراض التي كانت تعاني منها؛ لتمارس حياتها بشكل شبه طبيعي، لكن أكثر حرصًا، والتزامًا بالتواجد في المنزل وعدم النزول إلى الشارع إلا في حالات الضرورة القصوى.

فيديو قد يعجبك: