حكايات ووهان.. مترجمة مصرية تنقل تفاصيل الصمود أمام "كوفيد-19"
كتب- محمد مهدي:
لم تتردد المترجمة الشابة "أميمة مصطفى" حينما رُشحت لترجمة كتاب "ووهان المحاصر.. حكايات التحدي والصمود" من قِبل مدير شركة بيت الحكمة، الذي يتناول تجربة الصين مع إغلاق المدينة المنكوبة إثر تفشي فيروس "كورونا" المستجد في نهاية العام الماضي، تجربة مهمة يجب نقلها إلى اللغة العربية لتصبح متاحة للعرب في كُل مكان "نقدر من خلاله تصرف الحكومة الصينية بشكل استثنائي وفريد وإزاي الشعب تفاعل مع الإجراءات وقتها" تقولها "أميمة" في حوارها مع مصراوي.
تعرف "أميمة" مدينة ووهان جيدًا "أنا عشت فيها لمدة سنة تقريبًا، خلال دراستي في الصين" لذلك لم تحتج إلى البحث كثيرًا عن المكان قبل الشروع في ترجمة الكتاب المأخوذ من تقارير صحفية عدة عن الأوضاع في بؤرة الوباء "لكن كعادتي وأنا بترجم ببحث عن أصل كل معلومة لو فيه قصة وراها" شرعت المترجمة الشابة في عملها منذ 8 أشهر وانتهت في مايو الماضي، رحلة شاقة لكنها لا تخلو من الاستمتاع.
أكثر ما لفت انتباهها خلال العمل على ترجمة الكتاب هو "الخيط اللي بيجمع بين كل القصص، ما بين الخوف والإحباط والتكاتف في الوقت نفسه" نظرًا لتفشي الوباء بالتزامن مع عيد الربيع وهو الأهم في الصين وكيف تحولت مظاهر الاحتفال إلى سكون شديد وإغلاق كامل "الكتاب بيتناول قصص بسيطة وملهمة منها عامل ديليفري بيحكي إزاي بنت طلبت منه يوصل أكل لوالدها ووالدتها المسنين لأنهم لوحدهم ومش قادرين يخرجوا من البيت وهي خارج ووهان، وشعوره بأنها مسؤولية لازم يقوم بيها".
قصة أخرى لا تنساها "أميمة" عن ممرضى من المشرفين على مصابي "كورونا" وتصرفها الإنساني عند التقاطها العدوى "عزلت نفسها في البيت، ونفذت بروتوكول العلاج لوحدها عشان تخفف العبء عن الطواقم الطبية من زمايلها" صمدت حتى تعافت وعادت إلى عملها مرة ثانية، ملمح إنساني مس قلب المترجمة الشابة "مدير مستشفى كبير في المدينة رفض يسيب مكانه في الصفوف الأمامية رغم إصابته بمرض بيخليها غير قادر على الحركة" كافة التفاصيل منقولة على لسان أصحابها وهو ما يعطي مصداقية للكتاب.
أوجه التكاتف انتشرت في المدينة التي خلت شوارعها من الناس، وعلت فيها أصوات الصراخ والنحيب لأيام عديدة "لكن كان فيه صمود، طبيب كان بيواجه المرض في المستشفيات وزوجته مصابة بالفيروس، قصص عن ناس تطوعت للمساعدة، أصحاب مطاعم قرروا يبعتوا وجبات مجانية للأطقم الطبية، فلاحين اتبرعوا بمحصولهم عشان يوفروا الأكل للجميع" كانت أميمة تشعر بهم لكونها عكفت على ترجمة الكتابة خلال ذروة الموجة الأولى للوباء في مصر، وشعورها بالقرب من الحكايات لمعرفتها الجيدة بالمناطق التي شهدت الأحداث في ووهان.
بعد الانتهاء من أعمال الترجمة تم إرساله إلى الصين "قام بمراجعته الصحفي بنغ تشو يون" قبل نشره في الأيام الأخيرة "خطوة ترجمته لعربية مهمة لدولة كبيرة زي الصين لأنها حابة تشارك تجربتها مع العرب" كما تعتقد أميمة أن قراءة الناس للحكايات الموجودة بالكتاب ستساهم في التقليل من الوصم المجتمعي الذي طال مدينة ووهان"هتكسر حواجز كتير ونقدر من نفهم موقفهم بشكل أكبر، شخصيًا بعتبر الصين دولة صديقة تستحق إننا نفهمها ونستوعب تجربتها".
يُنشر الكتاب بالتزامن مع اقتراب اليوم العالمي للغة العربية، وترى أميمة أن حركة الترجمة تساهم في تعزيز الهوية العربية والانفتاح على ثقافات أخرى "يعني أقدر أعرف عن كل الدنيا وأنا لسه محتفظة بهويتي ودا شيء صعب الترجمة بتقدر تقوم بيه" فيما تعتقد أن عملها أتاح لها "تقبل الاختلاف بصدر رحب، وإني أكون متصالحة مع أفكار وثقافات الدول الأخرى مع حبي لثقافتي وشخصيتي" لذلك تشعر بالامتنان تجاه الطريق التي سلكته في دنيا اللغات.
تلك ليست التجربة الأولى لأميمة في الترجمة من الصينية إلى العربية "ترجمت منهج الصينية للعرب في ديسمبر 2019، وهو كتاب تعليمي للمبتدئين عن اللغة الصينية" كما نقلت دليل الوقاية من فيروس كورونا للموظفين وأماكن العمل الصادر عن مركز مكافحة الفيروسات والأوبئة بجيناغسو، فضلًا عن دليل الوقاية العام من فيروس كورونا المستجد، الصادر من مكتب مكافحة الأمراض والوقاية منها التابع للجنة الصحة الوطنية.
وقريبًا يُنشر للمترجمة الشابة كتاب عن مدونات أبطال الصفوف الأمامية في الصين بشكل عام، دونها أطباء وممرضين بالتعاون مع المترجمة بسمة طارق " وكتاب تعليمي جديد في القواعد الصينية" تنوي الاستمرار في التعبير عن التجربة الصينية في شتى المجالات "لأنها دولة ليها حضارة عريقة زي مصر بالظبط".
فيديو قد يعجبك: