"دهناه بإيدينا".. مدرسان في العريش يستقبلان الطلاب بملعب جديد
كتبت-إشراق أحمد:
انتظر سعيد محمد تلك اللحظة طيلة أسبوعين؛ أن يرى مدرس التربية الرياضة ثمار جهده ورفيقه حين يستقبل الطلاب لملاعب المدرسة بعد التجديد "بإيدينا دهنا المكان وعملنا رسومات ورفضنا نجيب نقاشين"، ومع بداية العام الدراسي لباقي المراحل التعليمية، أمس، يستشعر المعلم أنه أتم المهمة بصنع شيء يبهج التلاميذ في يومهم الأول بالمدرسة.
داخل مدرسة الرسالة الخاصة في منطقة الضاحية بالعريش، يقضي سعيد عامه الثاني بين صفوف المكان. أراد أن يكون عامه الجديد مختلفًا، وجاءت الفرصة؛ حينما اجتمع رئيس مجلس إدارة المدرسة بالمعلمين ليتناقشوا فما يفعل هيئة التدريس مع بدء الدراسة، فبادر مدرس التربية الرياضية باقتراح تجديد الملاعب، على أن يفعلوا ذلك بأنفسهم "كنا عايزين نعمل حاجة حابينها وتتضاف لنا والولاد يفرحوا بيها"، فرحب القائمين على المدرسة بالفكرة "الدكتور شاكر بدوي صاحب المدرسة مبخلش علينا بأي شئ كل حاجه كانت متاحه"، لكن لم يتخيل سعيد أن المهمة ليست بالسهولة التي كان يتصورها.
من الثامنة صباحًا حتى الثالثة عصرًا يواصل سعيد وزميله أحمد الكاشف العمل، تحت أشعة الشمس الساطعة يحملون فرشاة الدهان للمرة الأولى، يعكفون بكل طاقتهم لإنجاز المهمة "المساحة كانت كبيرة حوالي 50×25 ولأننا مش عارفين في الألوان أوي.. غلطنا وعدلنا كتير لغاية ما وصلنا للنتيجة اللي عايزينها". يذكر سعيد حين أرادوا الطلاء بلون أخضر، فكانت النتيجة لون سماوي وهو ما كان ليؤذي عين الطلاب والمدرسين، فعملوا على تعديله.
رفض سعيد وزميله أن يستعينا بعامل لتجديد الملعب "لو جبنا نقاش الموضوع هياخد وقت وممكن ميطلعش زي ما أحنا عايزين فقلنا نعمل أحنا بإيدينا اللي حابين نعمله"، فلم يقتصر معلما التربية الرياضية بطلاء الملعب، بل أضافا له شكلا مختلفا، لهذا استعانوا بمدرس التربية الفنية "هو اللي علمنا رسمة الكورة اللي في نص الملعب كان بيرسم وأحنا نمشي بالألوان".
كان وجود زميل رفقة سعيد داعماً؛ حين أصاحب الشاب الوهن وجد من يشاركه "كنا نبص لبعض من التعب ونقول ايه اللي أحنا عملناه في نفسنا ده"، فيذكرون بعضهم البعض بلحظة النتيجة وفرحة الصغار التي لن يبلغوها إلا بإنهاء طلاء الملعب، ليعودوا إلى العمل بإصرار، دون أن يفارقهم القلق "كنا خايفين نفشل خاصة أن دي أول مرة نمسك رول وندهن"، غير أن التشجيع الذي لاقوه من هيئة التدريس زادهم رغبة في إتمام المهمة.
"هو الملعب ده لينا؟" بينما يلاحق المعلمان الزمن لإنهاء التجديد قبل بدء الدراسة، كان يقبل بعض الطلاب للتقديم أو دفع المصروفات، فيطرحون ذلك السؤال عليهم، ليجيبوهم مازحين "لأ هنلفه وناخده معانا وأحنا مروحين.. طبعا ليكم". تلك السعادة التي لمسوها وتحققوا منها مع دخول طلاب صفوف الأولى من المرحلة الابتدائية، أكد لهم أن ما بذلوه من تعب يستحق.
مع رد الفعل من قبل الطلاب والمعلمين وحتى أولياء الأمور، دب الحماس في نفس المعلمين نحو المزيد من العمل "قولنا نعمل كمان ملعب الطايرة"، وبالفعل أول أمس تبدل شكل الفناء، من هيكل اسمنتي إلى ساحة تكسوها الألوان الزاهية.
يشعر سعيد وزميله الكاشف بالزهو "حاسين أننا عملنا حاجة مختلفة"، وأنها جزء منهم، يضحك الشاب بينما يذكر حين رأى العمال ينظفون الفناء وتنهمر المياه نحو الملعب "كنت في الدور الرابع وفي ثانية نزلت للأرضي وقلت لهم يخلوا بالهم"، فيما وقف بالأمس في طابور الصباح يوصيهم خيرًا بما صنعوه لهم ولم يدخروا من أجله طاقة طيلة تلك الفترة.
فيديو قد يعجبك: