لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

على مسرح ناشونال جيوجرافيك.. قصة العرض الأول لاكتشاف "منصوراصورس" المصري أمام أطفال أمريكا

02:16 م الإثنين 29 يوليو 2019

الدكتورة سناء السيد أثناء حديثها عن اكتشاف منصورا

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت-إشراق أحمد:

قبل عشرة أعوام، كان مجرد تحدي وخيالات طموحة "هو ممكن بنت تشارك في مجموعة بحثية وتقعد في الصحراء وتنجح؟". على استحياء تقدمت سناء السيد ونفسها تجيب بصرامة "أيوه أقدر"، لتنضم إلى فريق يقوده دكتور هشام سلام، مدير مركز علوم الحفريات بجامعة المنصورة. في يناير 2018 تحقق الانتصار؛ اكتشف الفريق حفريات ديناصور يوثق الحقبة الجيولوجية لأخر 30 مليون عامًا من العصر الطباشيري في الصحراء الغربية. كسر الكشف العلمي الحواجز، ولم ينقض حلم سناء طيلة عام وثمانية أشهر، بل أضيف له مسؤوليات أخرى، ففي 20 يوليو المنصرف وقفت على مسرح مؤسسة علمية في واشنطن، تتحدث لأول مرة أمام أسر أمريكية وجمهور غير متخصص عن التراث الحفري في مصر "ومنصوراصورس".

تلقت نائب مدير مركز علوم الحفريات بجامعة المنصورة دعوة، من مؤسسة ناشونال جيوجرافيك العلمية لإلقاء محاضرة في المقر الرئيسي لها في واشنطن. 3 أيام قضتها سناء في الولايات المتحدة الأمريكية، على هامش فاعليات تستضيفها المؤسسة بعنوان "ملكات مصر" من شهر مارس حتى سبتمبر المقبل، فيما دُعيت الباحثة المصرية للمشاركة في "يوم الأسرة السنوي" الذي تقيمه ناشونال جيوجرافيك وعنوانه "أسرار مصر"، للحديث عن تاريخ مصر قبل وجود الإنسان بحسب سناء، الجيولوجية المصرية.

1

أمام جمع من الحضور الأمريكي، يكثر بينه تواجد الأطفال من عمر 3 إلى 13 عامًا، تحدثت سناء عن 10 كائنات ضخمة عاشت في مصر، من بينها "منصوراصورس" الديناصور، الذي كانت الباحثة الشابة ضمن فريق العمل المكتشف له بعد رحلة تفقد استمرت لسنوات، بدأ نتاجها في ديسمبر عام 2013 بالعثور على أول عظمة قبل استخراج المزيد في فبراير 2014.

لم يكن ذلك العرض الأول للدكتورة سناء في الخارج، سبقه اثنين آخرهما في مارس المنقضِ، لكنه كان اللقاء الأول بغير متخصصين من جمهور غير مصري، ومع هذا ما كان الأمر غريبا على الباحثة "شغلنا في المركز خلانا نتعامل مع أطفال وناس كتير في أعمار مختلفة معندهمش خلفية عن الحيوانات الفقارية أصلا، فمكنش صعب أني انقل الموضوع بره".

2

ما إن انهت الدكتورة سناء المحاضرة، انهالت عليها الأسئلة من الكبار والصغار واستمرت حتى بعد خروجها من القاعة "كانوا عايزين يعرفوا إزاي اكتشفنا منصوراصورس وإزاي استخرجناه؟ وإزاي بنت من الشرق الأوسط قدرت تخيم في الصحراء مدة شهر وتشتغل. اتعاملت إزاي وعملت ايه؟". تفاصيل كثيرة أراد الجمع أن يسمعها من الباحثة في الفريق المصري، حتى ولو علموا بها عبر ما نشر عن الكشف العلمي.

لمست سناء الانبهار في أعين وأسئلة الحضور، كما سجلت الاختلاف بين المتلقين في أمريكا ومصر "الوعي أكبر هناك. الأطفال عندهم ثقافة عن الحفريات لأن حواليهم في كل حتة أماكن بتتكلم عن ده زي ناشونال جيوجرافيك. عندنا الموضوع صعب. معندناش في مناهجنا حتى حديث كافي عن تراثنا في الحفريات". توضح نائب مدير مركز الحفريات إن العمل في أمريكا بدأ قبل 100 عامًا، فيما عمر التجربة المصرية يرجع لعام 2010، ومع ذلك تقول الدكتورة سناء إن الوعي أصبح أفضل بالمقارنة قبل عشرة أعوام.

ألقت الدكتورة سناء المحاضرة مرتين في اليوم، تضمنها صور تواجد الفريق المصري في الواحات الداخلة وسط الصحراء، استقبلت التفاعل ذاته "كانوا بيوقفوني بره المحاضرة ويسألوا وفي اللي بيتصور معايا أو يخليني أكتب كلمة لبناتهم". احتفاء غمر الباحثة المصرية، ليس فقط لكونها جزء من كشف علمي استعصى على آخرين، لكن أيضا للصورة التي اختلفت بحديثها "مكنوش متخيلين أن حد من مصر يعمل كده وكمان واحدة ومحجبة ومحتفظة بأصولها وبتتكلم علم مظبوط. فاحترموا وقدروا ده أوي".

3

منذ التحقت الدكتورة سناء بمجال الجيولوجيا والحفريات، وانضمت مع ثلاثة باحثات أخريات إلى الفريق ليشكلوا أكثر من نصف قوته، وهي تعلم أن التحدي ليس سهلا، وأن أول ما عليها تجاوزه وكسر شوكته هو كلمة "أنت بنت مينفعش تعلمي ده"، لهذا تحرص كلما أتيحت فرصة الحديث عن إنجازات المركز البحثي و"منصوراصوس"، أن تحمل رسالة إلى الفتيات المتلقيات "متستسلميش طالما اللي بتعمليه لا يتعارض مع الأسس المجتمعية الصحيحة ولا مع الدين. أنت تقدري تعلمي أي حاجة أنت عايزاها". ورغم أن الباحثة لم تزل تتلقى الكلمة ذاتها "آخر مرة قرأتها على فيسبوك حد معلق على فاعلية ناشونال جيوجرافيك بيقول أنت بتعملي كده ليه أنت بنت"، لكن لا تزيدها مثل تلك التعليقات إلا إصرارا على تغيير الوعي برفقة زملائها.

طيلة نحو عامين منذ اكتشاف منصوراصورس، تبدل الحال "بقى تقبل الناس للي بنعمله أسهل شويه بقوا مستوعبين أننا نقدر نطلع الصحراء ونرجع تاني من غير ما يحصل لنا حاجة"، فيما أصبحت الخطى لا تنقطع عن مركز دراسة الحفريات في جامعة المنصورة "الاكتشاف خلى الناس تيجي تدور على تراثها الطبيعي وتعرف أنه زي الآثار لازم نحافظ عليه وده حاجة مهمة"، ليسير الباحثين في مركز علوم الحفريات نحو تحقيق هدفهم برفع الوعي، عبر فتح مجال التدريب لكافة الأعمار ومن مختلف التخصصات "دربنا ما يفوق 200 طالب خلال السنتين اللي فاتت وبيحصلوا على شهادة معتمدة من الجامعة. بنقبل أي حد المهم يكون عنده الوقت والشغف"، هذا بالإضافة إلى تخصيص ساعات معينة للزيارة كي يتلقون فيها الاستفسارات من المهتمين بالحفريات بحسب قول الدكتورة سناء.

4

عادت نائب مدير مركز علوم الحفريات إلى مصر، تعاودها بين الحين والآخر صورة صغار في أمريكا أخبروها "عايزين نشتغل الشغلانة بتاعتك أنت بتشتغلي حاجة حلوة"، تمتن لتلك المواقف التي تشعرها أن رسالتها بإمكانها الوصول لأبعد مما تحلم "العلم مش شيء منفر والعالم مش واحد مجنون قاعد طول النهار في المعمل لكنه إنسان طبيعي"، فيما توقن بأن المسؤولية باتت أكبر وتحتم المزيد من العمل "لازم شغلنا يرقى للمستوى اللي عملناه أينعم مش هنطلع كل يوم منصوراصورس لكن الأبحاث تكون بنفس الجودة"، ففي كل رحلة بالخارج تتأكد أن ثمة من يترقب ما سيفعله الفريق المصري في علوم تراث الحفريات.

فيديو قد يعجبك: