لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

علاء خالد يتحدث عن الإسكندرية وعودة "أمكنة" وما فعلته السوشيال ميديا بسوق الكتب (حوار)

03:29 م الأحد 16 يونيو 2019

علاء خالد

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

حوار– هبة خميس:

فوتوغرافيا- سلوى رشاد:

عبر انعطافة قصيرة من شارع أبي قير في منطقة رشدي بالإسكندرية، وبجوار "بوتيك لندن" الذي اصطفت أمامه بعض الفتيات السكندريات لشراء الملابس المستورة والسواريهات، يظهر جاليري "فراديس"، المكان الذي يشبه نقطة التقاء لمصر؛ ممثلة في منتجات الفخار، التحف البسيطة والشيلان المصنوعة من التلي من أسيوط والخيامية مع مقتنيات من النوبة، وأسطوانات لمارسيل خليفة، هو نفسه المكان الذي اختار الكاتب علاء خالد أن يستقبلنا به، ووسط خلفية مميزة من الصور الفوتوغرافية للمصورة سلوى رشاد، زوجته.

الكاتب صاحب مجلة أمكنة المجلة المصرية الوحيدة المهتمة بالمكان وتاريخه، وصاحب مشوار طويل من الروايات أبرزها "ألم خفيف كريشة طائر ينتقل بهدوء من مكان لآخر" ، وأحد الأسماء المهمة في تاريخ قصيدة النثر.

حدثنا عن المكان الذي نلتقي فيه الآن جاليري "فراديس"، كيف بدأت فكرة إنشائه؟

الجاليري كان ملك لوالدة زوجتي وأختها، ففي الستينات قاما الاثنان بإنشاء معهد تجميل رائد لتعليم السيدات التجميل، وكان الأول من نوعه في الاسكندرية، لكن مع تغير الحال وانشغالهما بالأولاد والحياة أغلق المعهد لسنوات طويلة، وبعد تركي لعملي ظللت لسنوات بلا عمل وقررنا فتح الجاليري أنا وسلوى، إذ كان من شروط العقد تحويله لمساحة فنية لاهتمامات سلوى بالفوتوغرافيا، وجمعنا فيه مقتنيات من مصر كلها ومن قرى الصعيد، كنا نستكشف الأمكنة ونأتي بالتذكارات لنضعها في الجاليري، ومن وقتها والحياة بدت كقطعة كاملة ليست مجتزئة فالعمل جزء من مجلة "أمكنة" والكتابة وعلاقتي بزوجتي، وأيضاً قنعت بمعدل رزق، لا طموح لدي في الكثير، ففي لحظة كنت وصلت للخوف من المجتمع وناقم عليه بسبب وقيعة دينية من زملائي، ومع الوقت صارت أفكاري أكثر تعقيداً.

1

تجمعك بزوجتك الفنانة سلوى رشاد علاقة من نوع خاص.. حدثنا عنها؟

بالتفاهم وصلنا لشكل علاقتنا، وساعدنا أهل سلوى في عدم الانخراط في تفاصيل الزواج، لأنه وقتها كانت الناس تطبق معايير مؤسسة الجواز على الكل، لكننا تحررنا من الفكرة أساسها الصداقة والقرب ليست زوج وزوجة، وبرغم أننا كنا نعيش مع أهلنا في فترات وقربنا منهم لكن الحفاظ على الخصوصية كان الأساس. ومع الوقت كوننا كتلة من الصداقات المشتركة فأًصبح هناك تناغم بين علاقتنا واصدقائنا والعمل والكتابة.

كتبت سيرتك الذاتية في روايتك الشهيرة "ألم خفيف".. كيف جاءتك الفكرة؟

"ألم خفيف كريشة طائر ينتقل بهدوء من مكان لآخر" هي السيرة شبه الذاتية لي، الجزء الاساسي منها مبني على حياتي لكن المصائر تغيرت وجزء من الأحداث، وبدأت الكتابة فيها بعد وفاة والدي، لأنني بعد فقده بدأ المكان من حولي بالاختلال وظهر فراغ كبير من علاقة حب وسلطة، فحاولت إعادة علاقتي بالمدينة، ولاحظت تغير المكان من حولي وأدركت وقتها أنني أحفظ تاريخ ذلك الجزء من تكويني وتوثيق للعائلة وللمكان نفسه، ولمدة اثنى عشر عاماً كنت أكتب في الرواية إلى وفاة والدتي التي وضعت نقطة النهاية للرواية، كأنها تؤرخ لمرحلة انتهت وبدأت مرحلة جديدة.

2

من وحي سيرتك الذاتية.. يظهر أن هناك تأثير كبير لوالدتك على حياتك فكيف حدث هذا؟

والدتي كانت حكاءة من طراز خاص جاءت من عائلة كبيرة، فوالدها كان تاجر كبير وعضو مجلس نواب، فحملت تاريخ العائلة عبر حكايات كثيرة كانت تسردها لي منذ الطفولة، كنت طفل مريض دائما فلازمت السرير فترات طويلة، فتحولت تلك الحكايات إلى التسلية الوحيدى لي مع ألعاب البازل، وتكرار تلك الحكايات على مدار سنوات بنفس التفاصيل بطريقتها المميزة في تأجيل الذروة وحفظ مسارات وتحولات الأشخاص داخل العائلة من مكان لآخر جعلني حريص على تسجيل تلك الحكايات مع رسم شجرة للعائلة.

الإسكندرية في كتاباتك لها خصوصية ملفتة، حدثنا أكثر عن ارتباطك بها؟

الإسكندرية بالنسبة لى كانت الشارع والمكان الذي نشأت به، لذلك تفسيري للمكان كان من الزاوية الضيقة لي، وعناصر تجربتي من العائلة والشارع والأجيال التي تتبعتها، لم أعي على وجود الأجانب والتفاصيل الخاصة للإسكندرية الكوزموبوليتانية التي يكتب عنها معظم الأدباء. وبدأت في استكشاف المدينة بعد ارتباطي بزوجتي سلوى، حيث كنا نتسكع في الشوارع لتلتقط الصور الفوتوغرافية، من هنا بدأت بالتعرف على المدينة، كنت من قبلها أعرف المدينة من خلال والدي وطقوسه الأسبوعية والأماكن التي ورد ذكرها في كتاب "وجوه سكندرية".

عملا بمبدأ "المسارات المختلفة"، ألم يحدث أن فكرت في الانتقال من الإسكندرية إلى واحدة من تلك المجتمعات الجديدة؟

الحياة في المدن تشعرنا بالتلاشي وتفقدنا قيمتنا، فنحن لسنا أكثر من ترس في آلة ضخمة، والأفكار محدودة لأنها ناتجة عن صراع ضيق، فقررت منذ فترة أن انتقل من الإسكندرية لمكان بديل، وقمت بشراء الأرض بالفعل، لكن ارتباطنا الشديد بالإسكندرية والعائلة لم يمكننا من إكمال تلك الخطوة، حتى في الإسكندرية نختار مسارنا اليومي والأماكن التي نفضلها لتقليل الضرر الناتج عن العيش في المدن.

3

"أشباح بيت هاينرش بول" و"بيت الحرير"، روايتان تتناولان موضوع ثورة يناير، ما هي ظروف كتابتهما؟

الروايتين متزامنين وكتبتهم في بدايتهم مع بعض في عام 2016، الأولى تحكي عن شخص سافر لألمانيا ضمن مجموعة من الكتّاب في منحة إقامة في بيت هاينريش بول، المسافة هنا جعلت البطل يقرأ الثورة بشكل مختلف، ومشاركته لأناس لديهم تحولات مشابهة في بلدانهم، لأننا في النهاية متشابهين في مشاعرنا وتناقضاتنا والشك طوال الرواية، وكتبت عن الثورة لأن دورة زمنية مرت جعلت من السهل الرجوع لها، الجرح قل والشعارات اندثرت ودخلنا مرحلة جديدة تعاد صياغة الثورة فيها بمفهوم أعمق، وأحياناً اليأس والإحساس بالهزيمة يكون قوة دفع محركة فلن تختفي الثورة داخلنا ببساطة، والرواية الثانية "بيت الحرير" فيها عدة اشتباكات بالنسبة للثورة، وعلى عدة مستويات، مثلاً أجواء الثورة، والتصعيد في الأفعال، والوصولية، وسقوط الأقنعة.

على ذكر الثورة.. كيف تراها بعد كل تلك الأعوام؟

ظلت مصر في فترة ركود مجتمعي طويلة ولحظة سكون تامة، مجتمع فارغ وغياب للمشروعات الكبيرة، زيادة البطالة مع زيادة معدلات السفر للخارج، فبدأت فكرة تفريغ المجتمع، كنت أسأل نفسي دائماً: هل نظل هكذا أبدا؟ والسأم الطويل تحول لغضب شديد وتمرد كبير على المجتمع، بعدها حدث الانفجار في يناير، وتلك الطاقة تحولت ولم تنته.

4

"في مسار الأزرق الحزين" سجلت تجربة إقامتك في العناية المركزة لفترة طويلة، حدثنا عن تفاصيل التجربة؟

رجعت من ألمانيا منهك بعد إجراء عملية جراحية في يدي، كنت أشعر بأن هناك مرحلة ما تنتهي من حياتي وكانت الثورة جزءا منها، بدأت استشعر الضعف في جسدي، وبعد إجراء عملية بسيطة للمرارة والزائدة وعرفت بوجود خطأ فقد أحدث المنظار ثقبا في الأمعاء وحدث تلوث، وظللت في العناية المركزة لأسبوعين، تلك كانت أصعب فترة مررت بها ورأيت الكثير من الهلاوس وأنا مستيقظ كأنني أمشي في أروقة المستشفى بالأنابيب المعلقة في جسدي، فكتبت الكتاب بعد خروجي لأستعيد التجربة بالكامل، وشعوري بأن جسدي مهان وبخفة لاقترابي من الموت وقتها أشفقت على زوجتي وأحبائي، وبعد انتهائي من التجربة بفترة عاد لي الحماس ثانية للحياة والعمل والكتابة، لذلك عملنا على عدد جديد من مجلة"أمكنة".

ماذا عن محتوى العدد الجديد من مجلة "أمكنة"؟

قمنا برحلة طويلة من مدينة القصير إلى مرسى علم، والشيخ الشاذلي، وشلاتين، وجبل علبة للعدد الجديد من "أمكنة" الذي أسميناه "حيوات بديلة"، لأنه عن الناس التي اختارت حياة بديلة بعيداً عن العاصمة، وأسست مجتمعات متكاملة. هناك تجربة لسيدة أنشأت مدرسة في العياط لتعليم الفلاحين، والعديد من الناس الذين قاموا بعمل مسارات مختلفة، مثل الشباب الذين استقروا في مدينة "دهب".

5

إلى أي مدى تتابع الكتّاب الجدد، وما ينشر من أعمالهم؟

أتابع الشعر أحياناً، ويوجد الكثير من الشعر الجيد، لكن في الرواية لا أستطيع متابعة ذلك الكم من الروايات، غير أني أطمئن لوجود حركة البيع والشارع وزيادة أعداد جمهور القراءة بشكل عام، أذكر أننا في التسعينيات لم نكن نقرأ سوى لأصدقائنا، وكان لدي 4 كتب لكنني أتحرك في نطاق ضيق جدا، ودوائر محدودة من التلقي.

أنت من جيل كان يعتمد على الكتب المطبوعة وما يباع منها، ثم انفجرت قنبلة السوشيال ميديا، ما هو تقييمك لها؟

السوشيال ميديا وتلك الأجيال الجديدة أعادت إحياء المشهد الأدبي، وأصبح هناك قاعدة جديدة للقراء، وتغيرت ذائقة المتلقي. قبل ذلك كنا نتأثر أكثر بالترجمات التي تنقل لنا الحياة الأدبية بالخارج، وحينما أردت طباعة كتاب ذهبت لدار "شرقيات" بألف جنيه، لأنه لم يكن هناك من يشتري الكتب فكنا ندفع لنطبع ونشتري كتابات بعضنا البعض. ذلك الفراغ لم يكن ليقيم حياة أدبية، وكشف التناقض الكبير بالمجتمع، وفي آخر حفل توقيع لي فوجئت بشباب لم يتخط العشرين يقرأ كتبي، هذا الجيل خرج بمعلومات جديدة وطموح مختلف عن الأجيال التي سبقته، والسوشيال ميديا تعد معجزة، حيث ظهر جيل جديد كامل، ونقلة غير طبيعية بذاكرة بديلة للناس، وصورة للذات بسهولة كبيرة، وذلك لم يكن ليحدث بسهولة قبلها.

6

فيديو قد يعجبك: