لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

صاحب "البيست سيلر": لا أثق في أرقام دور النشر و"السوشيال ميديا" سبب ظهور أدباء جدد (حوار)

08:52 م الأحد 03 فبراير 2019

سامح فايز

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

حوار-رنا الجميعي:

تصوير: نادر نبيل:

منذ عام 2014 انشغل الصحفي سامح فايز بتفسير عدة ظواهر حديثة تخص مجال الثقافة، فوجئ بمشاهد جديدة في سوق النشر؛ كان أولها ظاهرة الكتب الأكثر مبيعًا، أو ما يُسمى بالـ"بيست سيلر"، تتبّع فايز ظواهر أخرى مثل الروائيات المُنتقبات، وأدب الرعب، وأفسد الكليشيه المعروف بأن متوسط قراءة العربي 6 دقائق، كما لم ينسْ أن يُحلل ظاهرة الناقد الرقمي، وما أسماه بـ"دولة كتاب الظل".

مصراوي حاور الصحفي والكاتب "سامح فايز"، الذي صدر له خلال اليوبيل الذهبي لمعرض الكتاب "البيست سيلر.. حكايات عن القراءة"، وهو عبارة عن تحقيقات صحفية نُشرت منذ عام 2014 حتى عام 2018، عبر جريدة القاهرة ومجلة الثقافة الجديدة. يتحدث فايز خلال الحوار عن ظاهرة الكتب الأكثر مبيعًا، وتوجهات القراء فيما بعد عام 2011، وعن تأثير "السوشيال ميديا" في سوق النشر.

-أولًا لماذا اخترت البحث وراء ظاهرة "البيست سيلر"؟

لم يكن خيارًا، في عام 2014 كنت أشاهد حلقة على إحدى القنوات الفضائية، استضافوا فيها ثلاث كُتاب حققت كتبهم وقتها مبيعات مرتفعة في مصر؛ هم شريف أسعد ومحمد عصمت ومحد صادق، ولم تكن اسمائهم معروفة كـ"علاء الأسواني أو أحمد العايدي أو أحمد مراد"، كانوا خارج تلك القائمة، المفاجأة الأكبر كانت دهشة الصحفيين الثقافيين والنقاد من تلك الأسماء "كانوا بيسألوا ع الفيسبوك هما مين دول، مكنش حد عارفهم".

ومن هنا بدأت أتتبع تلك الظاهرة، وقُمت بتحقيق حولها، وتقصّيت توجهات القراء للوقوف حول انتشار كُتّاب دون غيرهم، ووجدت أن مواقع التواصل الاجتماعي كانت الدافع وراء انتشار هؤلاء الكتاب، خاصة بعد يناير 2011، مع الاهتمام المتصاعد بـ"السوشيال ميديا".

-ماذا يعني كاتب "بيست سيلر"؟

الكاتب الأعلى مبيعًا هو من يُحقق انتشارًا كبيرًا، وتبيع مؤلفاته آلاف النسخة، وتقوم كل دار نشر بإعلان أن تلك الأعمال هي الأعلى مبيعًا لديها، لكن المؤسف أننا ليس لدينا أرقام واضحة حول الكُتاب الأكثر مبيعًا الحقيقيين، لكن هُناك من تمكّن من تحقيق جماهيرية عريضة، والدليل حفلات توقيع الكتب في معرض الكتاب "الناس بتقف طوابير".

1

-ماذا تعني بالكتاب الأكثر مبيعًا الحقيقيين؟

بعد عام 2011 ومع زيادة عدد مستخدمي الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، أصبح من العادي أن توجد قوائم الأعلى مبيعًا عند دور النشر كفكرة دعائية، ولم تعد مُجرد ظاهرة بل واقع، وغالبًا أي دار نشر تُعلن عن كُتّابها الأكثر مبيعًا يقومون بالتحايل لتسويق أعمالهم.

-كيف تقوم دور النشر بالتحايل؟

تكتفي الدور بإعلان أن هذا الكاتب هو الأكثر مبيعًا، أو تقوم بذكر أن تلك الطبعة هي العاشرة مثلًا للكاتب، ولا نعرف كم نسخة بالطبعة الواحدة "فيه بعض الناشرين بيخلوا الطبعة الواحدة 100 نسخة"، كما رصدت أيضًا بنفسي حالات للتحايل؛ فمثلًا اكتشفت سلسلة من سلاسل المكتبات الشهيرة أن هناك بائع في أحد فروعها يتلقى مال من الكُتّاب مُقابل إشاعة خبر أن أعماله هي الأكثر مبيعًا، كما أن بعض الناشرين يُعطوا خصومات عالية للمكتبات "عشان خاطر المكتبات دي تحط كتبهم في قوايم البيست سيلر"، لذا أنا لا أثق في أي قائمة مُعلنة.

-لنضع أنفسنا مكان القارئ.. كيف يُوقن أن هذا الكاتب هو الأعلى مبيعًا فعلًا حتى يشتري أعماله؟

هناك كُتاب معروفين بالفعل، والمشهد يدلّ على نفسه، القراء على مواقع كالفيسبوك والجودريدز يُشيرون لبعضهم البعض على أفضل الأعمال، والتي يُقبلون عليها، كما أن طوابير حفلات التوقيع على كتاب مثل أحمد يونس وزاب ثروت وأحمد مراد ومحمد صادق وغيرهم، تؤكد ذلك، "لكن أنا كصحفي مقدرش أصدّق القوايم المُعلنة من الناشرين".

2

-وماذا عن الجهات الرسمية، هل هناك أي أرقام يُمكن أن نثق فيها؟

لا توجد أي احصائيات لعملية النشر وصناعة الكتاب في مصر أو في الوطن العربي، ولا توجد أي جهة مختصة بعملية الاحصاء، حتى نشرة الإيداع التي ترصد عدد الكتب المنشورة خلال سنة لم تعد تُصدر "رحت دار الكتب عشان أطلبها قالولي مطلعتش من 2011"، لكن أنا حاولت أقوم بذلك بنفسي "يعني روحت لدار الرواق وقدرت آخد من هناك الأرقام، كذلك الدار المصرية اللبنانية، اللي قالتلي احنا بنعتبر الكاتب اللي بيعدي 10 آلاف نسخة هو بيست سيلر".

-في كتابك ذكرت مصطلحات مثل "دولة موازية"، و"عالم موازي"، و"امبراطورية الكتب الأكثر مبيعًا"، إلى ماذا تُشير بتلك المصطلحات؟

هناك عوالم موازية وليس عالم واحد، دول أخرى تجهلها الصحافة الثقافية و"النقاد اللي كانوا بيقولوا على أي كاتب يطلع إنه ظاهرة وهيختفي، مبقوش ظاهرة، دول بقوا واقع ومختفوش ولا حاجة"، مواقع التواصل الاجتماعي وعلى رأسهم موقع الجودريدز الخاص بالكتب مؤشر على وجود كُتّاب لا يعرفهم النقاد، وقراء وصل عددهم إلى 509 ألف من مصر وحدها، وهو ما نتج عنه عدد من الظواهر كأدب الرعب وكتابات المنتقبات وما أسمته دولة كتاب الظل، وهو الكتاب الذين يفوزون بالجوائز الثقافية، في حين أن أرقام المبيعات والنقاد لا يعرفوهم "كأنهم واقفين في الأعراف".

-ومن هؤلاء المؤلفون؟

ذكرت منهم في الكتاب أحمد عبد المجيد وأحمد القرملاوي وآخرون، هؤلاء فازوا بجوائز مثل ساويرس الثقافية والشيخ زايد.

-وصفتهم داخل الكتاب أنهم "لا ينتمون إلى دولة القارئ بمقاييسها الركيكة، بل إلى الكتابة الحقيقية"، ماذا يعني ذلك؟

أي أن كتاباتهم قوية أدبيًا، وبمقياس الإبداع الذي يُطلق فيه العنان للخيال، ولذلك تفوز مؤلفاتهم بالجوائز الثقافية.

3

-لكن إذا كانت أعمالهم تفوز بالجوائز، فلماذا لا يعرفهم النقاد؟

يعرفهم النُقّاد بعد الفوز لا قبله، فيتفاجئوا بوجود أسماء لم يسمعوها من قبل، لكن في رأيي أن جُزء من عدم معرفة النقاد بهم، أن عددهم قليل، صعب أن يلاحقوا كل الكتب التي تُصدر خلال عام "لما يطلع تلاتين ألف عنوان هيقراهم امتى"، في رأيي أن النقاد ينقسموا لنوعين، بعضهم لديهم حالة إنكار لكل ماهو جديد، وهناك من يلهثوا وراء الأسماء الشابة الجادة في أعمالها "وهنا كان دور السوشيال ميديا في ملاحقة الكُتاب اللي يستحقوا عن طريق الجودريدز والفيسبوك واليوتيوب".

-لذلك رصدت أيضًا ظاهرة "الناقد الرقمي"؟

نعم، فالناقد الرقمي في رأيي هم القراء المستخدمين للإنترنت، هؤلاء أصبح منهم نجوم الآن في عالم "السوشيال ميديا"، ويقومون بقراءة العديد من الأعمال، ثم تحليلها عبر مواقع التواصل الاجتماعي "بيكتبوا على الفيسبوك والانستجرام والجودريدز وكمان بقوا بيطلعوا بفيديوهات على اليوتيوب"، وأصبح لديهم متابعين بالآلاف.

-في كتابك لم تُركّز فقط على ظاهرة "البيست سيلر"، لكنك عرجت على أدب الرعب وكتابات المنتقبات؟

جميعها ظواهر تستحق التحليل، حيث اختلفت سوق النشر منذ عام 2005، حيث ظهرت دور نشر تهتم بكتابات الشباب أولها كانت "دار ليلى"، وزاد عدد الدور من 260 في عام 2013 إلى 1100 في عام 2018، وأقبل الشباب على أدب الرعب، حينها سألت دكتور شاكر عبد الحميد، أستاذ علم نفس الإبداع، عن تفسيره للظاهرة، قال لي أن الحالة المُرعبة التي عاشتها مصر بعد ثورة يناير 2011 من مظاهرات وأحداث عنف أدّت بالشباب إلى الهروب لخيال أكثر دموية "زي المثل اللي بيقول اللي يشوف بلوة غيره تهون عليه بلوته"، كما اختلفت توجهات القراء الذين تربوا في ظل ظاهرة الدعاة الجدد، وهو ما جعل البعض يطلبون أدب نظيف، وبعد ثورة يناير ظهروا، ومنهم المنتقبات اللاتي وصل عددهم إلى 10 كاتبات، كدعاء عبد الرحمن التي تعدّت مبيعاتها عشرات الطبعات.

فيديو قد يعجبك: