لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"شبح الطلاق" وأشياء أخرى.. أسباب تراجع الزواج في آخر 5 سنوات

04:57 م الخميس 03 أكتوبر 2019

أسباب تراجع الزواج

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- أحمد شعبان:

في سنواتٍ خلت، كان الزواج بالنسبة لكثيرين "مشروع العمر"، هدفاً في حد ذاته، لحظة ينتظرها الشباب والفتيات أملاً في تحقيق سعادة منشودة، وتكوين أسرة وإكمال "نصف الدين"، لكن مع مرور الزمن، شهِد المجتمع تطورات متسارعة، غيّرت مفاهيمه، وبدّلت أولوياته، ولم يعد الزواج على رأسها، فارتفعت نسبة العنوسة ووصلت إلى 13.5 مليوناً في عام 2016 من الجنسين تخطّوا سن الثلاثين بدون زواج، بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

واستمرت معدلات الزواج في الانخفاض بنسبة 2.8% خلال عامي 2017 و2018، وفي الوقت نفسه ارتفع مؤشر الطلاق بنسبة 6.7%، بحسب نشرة الجهاز عن إحصاءات الزواج والطلاق.

"إرتفاع تكاليف الزواج والمعيشة، والخوف من فشل تكون أسرة"، أسبابٌ يعتبرها "محمد سلطان"(34 سنة)، كافية لصرف النظر عن الزواج في الوقت الحالي على أقل تقدير، لذا لم يعد يُشغل باله كثيراً بمسألة الزواج، بات يعتبره عبئاً اقتصادياً واجتماعياً لا يستطيع تحمّله.

وبات الشاب الذي يعمل موظفاً بإحدى الشركات الخاصة ويتقاضى راتباً لا يتجاوز الـ3 آلاف جنيه، رافضاً لفكرة الزواج نفسها، أو على الأقل "بقيت خايف منها، لإن الأرتباط موضوع مش بسيط أو سهل".

يقول إن الظروف المادية ليست السبب الأول في عدم جوازه حتى الآن، وإن كانت من بين الأسباب، لكنّ تجارب الزواج التي تككلت بالفشل وانتهت بالطلاق للأصدقاء والأقارب، رسّخت لديه قناعة بأنه لم يحن الوقت المناسب للزواج بعد، لذا يقول إنه من الصعب تغيير رأيه وقناعته عن الزواج، إلا بعد فترة "لو قابلت شخص مناسب أو تحس إنك كبرت ولازم تتجوز خلاص".

سبب ثالث ذكره الشاب قد يدفعه للزواج، "ناس كير بتقولي إن يكون عندي أولاد، دي حاجة حلوة جداً والأبوة إحساس عظيم ممكن هو الوحيد اللي يدفعني إني أتجوّز، "، وذلك بعد تفكيرٍ طويل، وتأنٍّ قبل الإقدام على تلك الخطوة والاستعداد لها جيداً، وتروٍّ قبل اختيار شريك الحياة.

أحد أسباب العنوسة وانخفاض معدلات الزواج، بحسب الدكتور محمد هاني استشاري العلاقات الأسرية، هو ارتفاع نسبة الطلاق، الذي بات شبحاً يطارد البيوت المصرية، وصار لدينا حالة طلاق واحدة كل 4 دقائق، بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ووصل معدل الطلاق عام 2018 إلى 2.2 في الألف.

"ودي أرقام لا تشجّع الشباب على الزواج، دايما شايفين نماذج سلبية حولهم وشايفين الأسر بتفكك بعد سنة أو سنتين زواج، وناس بتقوله إن الزواج تجربة فاشلة، فيبدأ الشاب يقول إيه اللي يخليني أقدم على خطوة زي دي خليني بحريتي أحسن"، يقول "هاني"، مشيرا إلى أن الطاقة النفسية لدى الشباب لم تعد تحتمل الاستمرار في الزواج بعد عام أو اثنين من إتمامه، والفتيات يرفضن أن يُقدمن على هذه الخطوة، للاعتقاد بأن الطلاق واقع لا محالة "فبيقولوا ليه أقعد بأطفال وأشيل مسئولية تربيتهم بعد الطلاق".

بالنسبة إلى استشاري العلاقات الأسرية، فإن خللاً كبيراً أصابَ المجتمع وبدّل أولوياته، ففي الماضي كان لكلمة "الطلاق" جلال، تخرج من فم الأزواج بصعوبة، ويتناقلها المجتمع في حدودٍ ضيّقة، بينما في الوقت الحالي صار المجتمع أكثر ميلاً نحو الطلاق والانفصال و"أصبحت كلمة الزواج هي اللي قليلة".

تذكر الدكتورة سوسن فايد أستاذ علم النفس الاجتماعي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، أن الأجيال الحالية من الفتيات يخشين تكرار تجارب الأمهات في الزواج، خاصة إذا كانت من نوع التجارب التي تتسم بالقسوة، وتغلفها المعاناة، أو تنتهي بالطلاق، "الفتيات بيخافوا إنهم يعيشوا تجارب مماثلة فيبدأوا الهرب من الزواج خوفاً من تكرار نفس المعاناة".

أواخر أغسطس الماضي، خرجت الفتاة المصرية "ريم مهنّا" معلنةً عن خضوعها لعملية لتجميد بويضاتها، لقناعتها بأن السن المناسب للزواج بعد الـ30، ومع ارتفاع سن الزواج في مصر، واحتمالات تأخّر وصول الرجل المناسب، تخشى الفتاة أن تخسر حلم الإنجاب، فأقدمت على تجميد بويضاتها.

العائق الاقتصادي.. ليس وحده!

"طول عمرنا تاريخياً كان فيه معاناة اقتصادية وفيه فقر لكن مكنش بيحصل إحجام عن الزواج مع طلاق بنسب عالية زي دلوقت"، تقول الدكتورة سوسن فايد، لافة إلى تشابك عوامل أخرى دفعت نحو العزوف عن الزواج، منها عدم استعداد الجيل الحالي لتحمّل مسئولية تكوين أسرة، وتُرجع ذلك إلى "أزمة قيم تواجه المجتمع، وغياب التنشئة السليمة التي ترسّخ بعض القيم والمفاهيم منها الصبر والتسامح والأسلوب الصحيح لبناء أسرة، والفهم الحثيث للزواج باعتباره منظومة مجتمعية جادّة، يتشارك فيها طرفان ينبغي أن يلفظا الأنانية بعيداً، كما أنها لا تُبنى فقط على انفعالات عاطفية مؤقتة، يكون الطلاق هو المصير بعدما تزول".

غياب الثقة بين طرفي الزواج من ناحية الجانب الأخلاقي، خاصة مع عصر العوالم المفتوحة وانتشار الشبكات الاجتماعية، بات يثير شكوكاً وقلقاً لدى المُقبلين على الزواج، ويصعب معه اختيار شريك مناسب، سبب آخر تذكره "فايد"، يثير قلقاً بالفعل لدى "أحمد مصطفى"، 37 عاماً، الذي يرى أن "السوشيال ميديا جعلت الاختيار صعب جداً"، وأن المستقبل البادي أمامه بلا ملامح، على المستويين الشخصي والعام، يصعّب عليه تحمّل مسئولية الزواج وإنجاب أبناء، "أخاف إني أكون ظلمتهم لإنهم مش هيعرفوا يعيشوا في الظروف دي، إزاي أضمن ليهم حاجة أنا مش ضامنها لنفسي وأنا شايف قدامي أسر مش عارفة تعيش، ودي مش مسألة ارتفاع أسعار واقتصاد فقط، لكن الموضوع بالنسبالي أكبر ومرتبط بالمجتمع ككل".

على المستوى الشخصي، يعمل الشاب الثلاثيني في مجال الإعلام، تقدّم في عام 2013 لخطبة فتاة لكن صعوبة تأجير أو امتلاك شقة وتجهيزها، حالت دون إتمام الزواج، خاصة وأن أحواله غير مستقرة في مهنته، ودخله الشهري لا يتجاوز 4 آلاف جنيه.

https://www.masrawy.com/files//Downloads/546789789.jpg

محمد خالد مأذون شرعي بمنطقة باب الشعرية، يقول إن الزواج الآن بات أكثر صعوبة، لاحظ الشاب الثلاثيني ذلك في انخفاض عدد عقود الزواج التي عقدها مؤخراً "كنا بنشتغل قبل كده 5 أو 6 أيام في الأسبوع، كان علطول بيكون فيه كتب كتاب، لكن دلوقت ممكن نشتغل يومين فقط في الأسبوع".

فيما يقول محمد الفلاح، مأذون شرعي بالمنيا إن عقود الزواج انخفضت من 55 عقدا، كان يعقدها في فترة الصيف قبل عامين، إلى نحو 25 عقداً، يفسّر ذلك الدكتور محمد هاني، استشاري العلاقات الأسرية بأن الوظائف لم تعد متاحة أمام الشباب، وإن وُجدت فالدخول قلياة لا تكفي لتحمّل مسئولية تكوين أسرة.

يشدد استشاري العلاقات الأسرية على ضرورة التوسع في مبادرات مثل "مودّة" التي أطلقتها وزارة التضامن الاجتماعي مؤخراً، لتأهيل الشباب المقبل على الزواج نفسياً واجتماعياً وأسرياً، لكن مع تطوير آلية عملها بحيث، "يوضع هؤلاء الشباب تحت ضغط ويتعلّموا يعني إيه مسئولية زوجية، ونوفر لهم الظروف المناسبة ونفهّم الأهل إزاي يدعموهم"، حتى نجد تأثيراً على أرض الواقع، بانخفاض معدلات الطلاق.

فيديو قد يعجبك: