لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

مظاهرات بيروت تعيد "مصور الحروب" للأحداث الساخنة: فيها كل معاني الحياة

12:42 م الإثنين 28 أكتوبر 2019

احتجاجات لبنان

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- عبدالله عويس:

صور- باتريك باز:

أصوات طلقات الرصاص لا تفارقه، المشاهد القاسية التي مرت عليه طيلة 30 عاما من تصوير الحروب، ما بين ركام المنازل، وجثث القتلى، والأسلحة الثقيلة، والهتافات والاحتجاجات والثورات، والمشاعر الصعبة، كالرعب من قذيفة أو خرطوش أو استهداف، كانت كافية ليتخذ "باتريك باز" قرارا بالتوقف تماما عن تصوير كافة الأحداث المشابهة، وأن يبحث في كل صوره عن الحياة لا الموت، والتزم بقراره 5 سنوات، غير ما أن يجري حاليا في بيروت، رأى فيه مصور الحروب حياة وميلادا جديدا للبنان، فعاد من جديد بالكاميرا إلى وسط المتظاهرين.

1

كان عمره 12 عاما حين وقعت الحرب الأهلية اللبنانية، عام 1975، يلهو بفوارغ الرصاص مع الصبية، وحين شب لم يحمل السلاح قط، وإنما حمل الكاميرا لتوثيق كل شيء، لكن القدر اختار له توثيق الحروب، فكان أول ما صور بشكل احترافي العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 1982، وتوالت بعد ذلك أحداث كبيرة لم يتوقف عن تصويرها سوى في 2014، واتجه بعد ذلك لتصوير مهرجانات وحفلات ومنتديات وندوات فنية: "لكن أنا من بيروت وما يحدث في بيروت الآن، رأيت فيه كل معاني الحياة، فقررت أن أصور ما يحدث".

2

كانت الاحتجاجات قد انطلقت الخميس الماضي في بيروت، ثم انطلقت إلى أماكن أخرى، اعتراضا على قرارات اقتصادية أخذتها الحكومة اللبنانية، بفرض ضرائب جديدة، لم يتقبلها المواطنون، الذين يعانون من غلاء المعيشة.

3

في رأي باترك فإن سلمية المتظاهرين، ولجوؤهم إلى الأغاني والرقص ونشر البهجة بين المعتصمين بالشوارع، وتنظيمهم لفعاليات فنية وسط احتجاجهم، أمور رأى فيها معانٍ إيجابية تؤكد أن ما يحدث ميلادا جديدا للبنان، يتمنى أن تنتهي معه الطائفية التي مزقت البلاد وأضرت بالعباد، فراح يلتقط بعدسته كل الصور التي رأى فيها ذلك الجمال الذي يبحث عنه منذ سنوات.

4

لما كانت المرأة اللبنانية حاضرة وبقوة داخل الاحتجاجات، فقد فرضت نفسها على عدسة مصور الحروب، فالتقط لهن صورا عدة، يظهرن فيها وهن صامدات ضد أفراد الأمن، وداعمات لكل فعالية، وحين وضعن أنفسهن دراعا بشريا بين المتظاهرين والأمن، وهن يغنين بصوت حسن، ويهتفن بكل قوة كذلك: "ذهبت للتصوير بشكل عام، والتقطت صورا كثيرة للثورة، ووجود المرأة جعلني في النهاية أختار عدة صور لها لنشرها فيما بعد على مواقع التواصل الاجتماعي".

5

في لبنان وحرب الخليج وأفغانستان وسراييفو والعراق والبوسنة والصومال وتحرير الكويت وليبيا وفلسطين وسوريا، كانت عدسة باتريك الذي عمل للوكالة الفرنسية لا تتوقف عن التصوير، وابتعد الرجل كثيرا عن بلاده التي نشأ فيها لطبيعة عمله، ثم عاد إليها في 2014 واستقر بها، وعلى مدار عامين خضع لعلاج نفسي ليستطيع التأقلم مع حياته الجديدة: "رأيت الكثير من الموت، ولم أستطع رؤية المزيد، بدأت بغزو لبنان وانتهيت بالمعارك في ليبيا" يحكي المصور الحاصل على جوائز مرموقة للتصوير الصحفي، وكان محكما في بعض الجوائز الدولية، وألف كتابين أحدهما عن حرب العراق، التي صور فيها لمدة 5 سنوات وكان الكتاب بعنوان "لا تلتقط صورتي.. العراقيون لا يبكون"، ثم كتاب آخر عن المسيحية في لبنان، واعتمد في الكتابين على صوره.

867

بعد تغطيته فعاليات مهرجان الجونة السينمائي بمصر، في سبتمبر الماضي، انطلق باتريك إلى دبي للقاء عمل، ومن هناك عاد إلى بيروت في يوم الجمعة، ثاني أيام الاحتجاجات، ولم يستطع التحرك إلا على دراجة بخارية، فالطرق كانت ممتلئة بالمتظاهرين، وصباح السبت كان باتريك في طريقه إلى ميداني، ساحة رياض الصلح وساحة الشهداء، يقف وسط الجموع، يراقب بعينه ثم يلتقط بعدسته ما رغبت فيه نفسه من صور: "ما كنت أعتقد أن أصور مرة أخرى حدثا كهذا، لكنه لبنان، وهذا تاريخ بلادي" قالها الرجل الذي يدير فرعا للوكالة الفرنسية بالشرق الأوسط.

مشاهد السيدات كانت تطغى على الموقف، رأى فيهن بطولة، ورآهن تحررن من كل قيد، ولأنه يعتبرهن كل الحياة، فكان يغازلهن بعدسته في صور ستكون ضمن أرشيف يوثق تلك الأيام من تاريخ ذلك البلد: "في الحقيقة لا أعرف على وجه التحديد كيف ستنتهي تلك الثورة، وإلام سنصل، لكنني سعيد بأنه هذه المرة لا طائفية ولا حديث عن أحزاب، والاتهامات موجهة لكل المسؤولين باختلاف فصائلهم وطوائفهم.. كلن يعني كلن".

9

الكثير من الاحتجاجات والمظاهرات والثورات حول العالم، قام باتريك بتغطيتها صحفيا، ويحتفظ بآلاف الصور منها، وفي رأيه فإن ما يحدث في لبنان له طابع خاص، فلكل شعب ومجتمع ثقافته وأفكاره وطريقته في التعبير التي تختلف عن الآخر، لكن الحالة اللبنانية هي الأكثر رومانسية ومليئة بالحيوية ومفعمة بالحياة: "ولذلك قررت تصويرها، رغم مقاطعة الأحداث الشبيهة، فهي بلا عنف تماما ولا مشاهد قاسية، إلا من محاولات الأمن أحيانا لتعكير صفو الموقف".

10

يؤمن "مصور الحروب والحياة" بغد أفضل للبنان، لا يعرف ملامحه بعد، لكنه يوقن أنه حتما سيأتي، ويرى أيضا كلبناني عايش مواقف صعبة، أن رغبة أبناء بلده في حياة طبيعية، يحيا فيها المواطن بكرامة، ستتحقق إن عاجلا أو آجلا.

11141312

فيديو قد يعجبك: