من صناديق الرنجة وعصايا "المقشة".. مريم تصنع ألعابًا للأطفال: "لقيت نفسي بعد 20 سنة"
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
كتابة وتصوير - شروق غنيم:
مرت ثلاثة أعوام على الحادث لكن ندوبه لا تزال في جسد مريم عياد، أتقنت السيدة الأربعينية صناعة الحقائب اليدوية لمدة عشرين عامًا، كان رزقها الوحيد، لكن الحادث الذي أثر على أعصاب يديها وأقدامها حال دون تكملة المشوار، لم تستطع حتى حياكة حقيبة كاملة، حزن ملأ فراغات الكسر الذي عانت منه، لكن بعد عام ونصف، ضحكت لها الأيام مجددًا حين عثرت على شغفها الحقيقي في الحياة.
عشرون عامًا انهمكت ابنة محافظة سوهاج في صناعة الحقائب، لكن خلق ألعاب مبهجة للأطفال من بواقي صناديق الرنجة الخشبية وأجساد "المقشة" المكسورة، أسر قلبها، شعرت أنها تحيا من أول وجديد "دي كانت أول مرة أحس إني بتحرر من تعبي وحزني بسبب الحادثة".
لم يكن مشروع عياد الجديد مجرد صناعة ألعاب للأطفال، بل حملت رؤية مختلفة تجاه الأمر "الألعاب بقت غالية أوي، أنا نفسي أي طفل ميتحرمش من لعبة"، لذا قررت ألا تستخدم خامات باهظة الثمن "في مرة كان عندنا صندوق رنجة حسيت إنه بيقول حاجة"، تحب السيدة الأربعينية العمل بيديها "فككته ونشرته في الشمس وبعدين دهنته معجون بقى شكله حلو"، فيما أخذت تجمع خشب عصايا "المقشة" من القمامة "وبعدين أوديهم تتخرط وتتنشر"، تفكر أنه إذا استلزم دفع مالًا على مشروعها "يبقى يروح لصنايعي مش على الخامات".
حين وجدت عياد صدى لمشروعها قررت أن تأتي إلى القاهرة بين الحين والآخر، خاصة للمشاركة في المعارض "لإن لحد دلوقتي معنديش مكان أبيع فيه، الألعاب مستضيفاها في بيتي"، كل قطعة لها حكاية مع ابنة سوهاج "رغم إني لما بشتغل بيبقى بالطريحة، يعني خمسين قطعة عشان ده أسهل".
مع كل مرة تبحث فيها عياد عن خامات يتفتح لها أفكارًا جديدة، ذات مرة وجدت قطعة خشب بواقي تصنيع، شعرت أنها تأخذ شكل حيوان ما، فاختمرت في عقلها فكرة "إني أجمع بواقي الخشب وألونها حسب هي شبه إيه، وأعمل للأطفال ورشة تخيل يشوفوا الشكل ويقولوا ده إيه".
دأت عياد المشروع في الدرب الأحمر للأطفال "بلوّن الخشب وبنبدأ الورشة كل واحد يتخيل إيه الشكل ده"، تسعد ابنة سوهاج حينما يتقافز الأطفال في تخمين الشكل رغم أنه بلا ملامح "بحب الألعاب اللي بتشغل دماغه، مش مجرد حاجة ثابتة".
ثلاثة معارض فقط شاركت فيهم عياد، ومع كل حدث جديد يقف المارة طويلًا أمامها، تفتح قلبها لهم جميعًا حتى ولو لم يشتروا، تقص حكايتها، الحادث، لحظات الضعف والإحباط، ثم العودة مجددًا مع صُحبة الأطفال.
يندهش الجميع من حكاية مريم، ومن تلقائيتها التي تدخل قلبهم سريعًا، ضفائرها المنسدلة والتي تشبه الأطفال، فيما يتفاجئوا أكثر من انخفاض أسعارها مقارنة بما يجدوه للألعاب أطفالهم "أنا نفسي الكل يلعب ويتبسط"، يحركها هذا المنطق لأن تتوسع وتعمل على أفكار لديكور المنازل "نفسي الناس كمان يبقوا عندهم بيوت حلوة ومريحة بطريقة بسيطة ورخيصة".
تملك المشروع الجديد من شغف عياد، تعكف في منزلها بسوهاج على صناعة الألعاب، وكما بابا نويل في رأس السنة تأتي إلى القاهرة معبأة بهجة الأطفال في حقائبها، صار الموضوع أكثر من باب رزق، صار هويتها "بحب الناس أما تسجل اسمي على التليفون يكتبوا رنجة ومقشة مش مريم، بعد عشرين سنة لقيت نفسي في ده".
فيديو قد يعجبك: