لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

لإعادة تدوير وحماية للبيئة.. قصة "ماكينة" صممّها طُلاب التعليم الفني في الشرقية

01:49 م السبت 19 أكتوبر 2019

طُلاب التعليم الفني في الشرقية

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت-دعاء الفولي:

قبل عدة أعوام اُصيبت والدة إمام علي بحساسية الصدر، كان الشاب المقيم بالعاشر من رمضان يدخل في نقاشات يومية مع أصحاب مصانع الخُردة في المنطقة "كانوا بيحرقوا الكابلات وده بيسبب عوادم صعبة جدا"، لم يكن إمام صاحب الشكوى الوحيد؛ لطالما أبلغ أهالي المنطقة عن تلك الممارسات، لكن شيئا لم يحدث، لذا حين فكّر الطالب بالتعليم الفني في استغلال خبرته الدراسية والعملية، صمم ماكينة لتقشير الكابلات، حيث تنتزع الطبقة البلاستيكية وتُبقي أسلاك النحاس الداخلية، فيما تحافظ على البيئة.

كان هدف إمام حماية أهالي المنطقة وصقل علمه، لكن ما لبث أن شارك باختراعه في مسابقة "ريادة الأعمال والابتكار" التي تُشرف عليها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (وايز) بالتعاون مع أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، حيث يتم تصفية مشروعات فنية وصناعية من مختلف المدارس المصرية والمحافظات، ليتم اختيار 9 مشاريع فائزة على مستوى الجمهورية في 3 فئات، هي التعليم الفندقي، الطاقة الجديدة والمتجددة والتعليم الصناعي، فيما حصل مشروع إمام على المركز الأول ضمن الفئة الأخيرة.

صورة 1

"إيزي أوت" هو اسم الماكينة التي صممها إمام؛ لم تكن رحلته سهلة، طوّر في الآلة كثيرا، بدأ العمل بقطع من الخُردة "كنت بتفق مع مصنع إنه يديني كام قطعة من بواقي استخدامهم بالود كدة من غير فلوس"، بجانب الدارسة كان إمام يعمل في ورشة خراطة "ده عرّفني على ناس كتير".

تصميم ماكينة إمام بسيط "شاسيه حديد فوقيه سكينة قطع وقطعتين حديد متركبين من تحت عشان يشدوا سلك النحاس"، تتكون الكابلات من أسلاك نُحاسية رفيعة، تلتف حولها طبقة عازلة من "الثيرموبلاستيك"، حيث تقوم الماكينة بتقشير تلك الطبقة دون إحراقها "وبكدة ينفع نستخدم النحاس والطبقة نفسها"، إذ تذهب الطبقة الخارجية لمصانع البلاستيك ليتم إعادة تدويرها، ويتم بيع النحاس كمادة خام للمصانع ومحلات الحُلي، حسب قول إمام.

2

حين انتهى إمام من النموذج الأوّلي للماكينة، سمع عن مسابقة "وايز"، لم يتردد في التقديم، وقتها ساعدته المُعلمة هند فايز رئيس وحدة الابتكار والمُدرس نادر درويش مدير وحدة تيسير الانتقال لسوق العمل بمدرسة منيا القمح الموجودة في الشرقية، التي يتبع لها الشاب "كان عندنا خمس مشاريع مقدمين من المدرسة لكن إمام هو الوحيد اللي قدر يكمل وينافس مع باقي المدارس التانية"، حسبما يقول نادر، موضحا أن الوكالة الأمريكية تُشرف على ست مدارس في محافظة الشرقية، تقدمت جميعها بمشاريع للمسابقة "وفي النهاية مشروع إمام بقى ممثل المحافظة مع باقي محافظات الجمهورية".

حوالي 2144 فكرة تقدم بها طُلاب مدارس التعليم الفني على مستوى الجمهورية في المسابقة التي انتهت منتصف الشهر الجاري، تنافسوا في 3 مسارات؛ الطاقة الجديدة والمتجددة والمسار الفندقي والصناعي، تم تصفية المشاريع على مدار الأشهر الماضية من خلال معسكرات طُلابية ولجنة التحكيم "كانوا 43 مشروع على مستوى الجمهورية ثم بقوا 30 وبعدين 15 مشروع وبعدين 9 مشاريع متوزعين على الفئات التلاتة بمراكز"، يقول نادر.

3

لم تكن المنافسة سهلة، علم المُدرس ذلك منذ اللحظة الأولى "كان فيه مشاريع متقدمة واعدة جدا"، واجه الفريق مصاعب عديدة، اختلفت من نادر لإمام لأحمد حسن، صديق الأخير ومساعده في المشروع "أكبر أزمة عندي هو إقناع أهالي الولاد بالمسابقة"، مازال نادر يُعاني من نظرة المجتمع للتعليم الفني "كأننا درجة تانية ومش من حقنا نفكر أو ننافس أو نعمل حاجة مختلفة"، انطبق ذلك على بعض أولياء الأمور "بيدخلوا ولادهم تعليم فني عشان فاكرين إن ده أسهل مع إنه محتاج شغل كتير جدا"، انسحب بعض الطُلاب من مدرسة منيا القمح بعد تقدمهم للمسابقة بسبب تعنت الآباء، فيما تمثل الشق الآخر من الأزمة في الدعم المادي "معندناش مقدرة في المدرسة ندعم ماديا بس كنا بنساعد كمدرسين وبنوفر بعض الأدوات"، فيما تعين على إمام وأحمد تقليل النفقات قدر المستطاع.

مع كل تقدم في المنافسة، تعين على إمام تحسين الماكينة، جعله ذلك يُتلف عدة مواد خام ليخرج الشكل النهائي، فيما ركّز أحمد على تسويق المُنتج لأكثر من مصنع ومكان، اتفق الشابان على عدم بيع الماكينة وإنما الحصول على الكابلات من المصانع وتقشيرها بمقابل مُحدد مسبقا "عشان نضمن إن محدش ينافس شغلنا على الأقل دلوقتي"، يعلم الطالب أن الآلة موجودة خارج مصر، قرأ عنها كثيرا وشاهد فيديوهات مختلفة لتساعده في التصميم، لكن سعرها المرتفع يجعل أصحاب المصانع يعزفون عن شرائها.

داخل أحد الفنادق الشهيرة بالقاهرة عُقدت المسابقة، كانت عين نادر دائما على المركز الأول وكذلك الطالبين "والحقيقة إن روح التعاون في المدرسة ساعدتنا كتير"، يحكي المُعلم عن التطوع بالمساعدة من قبل الطلاب الآخرين الذين لم تُقبل مشاريعهم "فيه منهم عملولنا تصميمات لصور المكنة على الفوتوشوب وفيه اللي ساعدونا بنصايح عشان العرض قدام لجنة التحكيم.. كل حد قدم حاجة في تخصصه"، يتذكر إمام يوم العرض كأنه أمس "قلبي كان مرعوب.. الولاد اللي جم كلهم شاطرين جدا وكنت خايف أطلع أعرض قدام الجمهور".

4

لم يحصل الفريق على المركز الأول فقط في الفئة الصناعية، بل حصد تصويت الجمهور أيضا كأفضل مشروع، ربما وقع ذلك التشجيع عليه أفضل من الجائزة نفسها "إدتنا ثقة في نفسنا وإننا محضرين كويس"، فطوال أشهر التحضير لم يتهاون نادر في تدريب الطالبين على الحديث عن مشروعهما، وتقليص وقت العرض قدر المستطاع كي لا يمل المستمعون.

تبلغ القيمة المادية للجائزة 200 ألف جنيها، تُقدمها الوكالة لصاحبي المشروع كي يُكملا فكرتيهما بشكل أكثر احترافية، فيما خطط إمام للمستقبل بالفعل "عايز أفتح ورشة خراطة بتاعتي ويبقى عندي مكنة التقشير واشوف إيه المطلوب كمان في السوق وأصنّعه".

مازال إمام في الصف الثالث الثانوي، يتمنى الشاب استكمال تعليمه الحِرفي "أدخل معهد الأول وبعدين هندسة تخصص ميكانيكا"، لن يبرح سوق العمل أبدا، فهو يحاول نفض الصورة الذهنية السيئة عن التعليم الفني "احنا بنعرف نشتغل كويس ونبدع مش زي ما ناس كتير فكرانا".

فيديو قد يعجبك: