لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

في يومه العالمي| حكاية 4 شباب تركوا التعليم: هل لا تزال مصر بلد شهادات؟

03:00 م الخميس 24 يناير 2019

حكاية 4 شباب تركوا التعليم

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- محمود عبد الرحمن:

على ناصية ميدان مصطفي محمود الذي يتوسط شارع جامعة الدول العربية بالجيزة، وقف عبد الرحمن علي، شاب لم يتعدى عمره الـ17 عامًا، حاملاً شنطة بلاستيكية صفراء أعلى كتفه، تحوي لعب أطفال، يتحين غلق إشارة المرور ليتجول بين السيارات ويعرض بضاعته للبيع.

قرناء البائع في العمر لا يزالون يدرسون بالثانوية العامة أو الفنية أو التجارية، لكن عبدالرحمن ترك للدراسة إجباريا منذ أكثر من 10 سنوات، بعد رفض والده استمراره في المدرسة، لمساعدته في الإنفاق على شقيقاته، وبعد أن استطاع توفير فرصه عمل له بالمقاهي التي يعمل بها.

الفقر والجهل والعوز، من ضمن الأسباب التي حرمت 265 مليون طفل في العالم من التعليم، 20% منهم تسربوا من التعليم في المرحلة الابتدائية، وفقا لما أعلنته الأمم المتحدة، في تقريرها الصادر الأسبوع الماضي، بمناسبة اليوم العالمي للتعليم الموافق 24 يناير من كل عام.

التعليم ملوش قيمة

قناعة والد عبدالرحمن أن التعليم ليس له جدوى كانت السبب وراء إنهاء تعليمه، "أبويا كان شايف إن التعليم ملوش قيمة وإن الفلوس هي الأهم" والأفضل لابنه تعلم صنعه يستطيع أن يربح منها.

لم يجد عبد الرحمن صاحب الثمانية أعوام وقتها مفرا من الالتزام بقرار الأب وترك دراسته في الصف الثالث الابتدائي بمدرسة أبو بكر الصديق بدار السلام، وبدأ العمل مع والده بالمقهى، لكن زادت قسوة الأخير ما جعل الطفل يهرب من والده ويترك البيت والعمل معه.

يقدر عدد المتسربين من التعليم في مصر بـ 7.4% من السكان، وفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، الذي يقدر نسبة الأمية في مصر بـ25.8%، بينهم 10% يقرأون ويكتبون بالكاد ولديهم شهادة محو أمية.

الفقر والقسوة

يلخص عبدالرحمن أسباب وجوده ضمن صفوف المتسربين من التعليم في نقطتين: جهل وفقر والده، وقسوته المستمرة.

ويصف الأيام الأولي لتركه البيت والمدرسة وأسرته بأنها الأصعب في حياته، يسترجع منها أيام نومه تحت كوبرى بولاق الدكرور، والتجول على المطاعم واستجدائه زبائنها لإعطائه بعض السندوتشات. بلهجة ندم يتمنى أن يعود بالماضي ويرفض قرر والده بتركه دراسته: "ياريتنى ما سبت التعليم، علشان أكيد كنت هكون حاجه كويسة، مش لازم دكتور ولا مهندس، بس كان نفسي أعيش عيشة محترمة".

"التعليم حق من حقوق الإنسان، وصالح عام، ومسؤولية عامة".. تقول أودري أوزلاي، مديرة اليونسكو في تقرير الأمم المتحدة، مؤكدة أن التعليم أنجع وسيلة نستطيع استخدامها لضمان إدخال تحسينات كبيرة في مجال الصحة، وتعزيز النمو الاقتصادي، وإتاحة الاستفادة من القدرات والطاقات الكامنة وإطلاق العنان للابتكار من أجل بناء مجتمعات أكثر استدامة وقدرة على الصمود.

صورة 1

في الاتجاه الآخر من إشارة مرور ميدان مصطفي محمود، وعلى بعد أمتار من عبدالرحمن، يقف إبراهيم محمود، بجوار "عجلة" يبيع عليها سندوتشات. إبراهيم ترك دراسته بالصف الأول الإعدادي بمركز سنورس بمحافظة الفيوم، لأن أسرته لم تستطع توفير نفقات المدرسة والدروس الخصوصية، التي يراها السبب وراء عقاب المدرسين له "كانوا بيضربونى كل شويه علشان أنا مش باخد دروس، وكل أصحابى كانوا بياخدوا عندهم، علشان كده اتعقدت من المدرسة".

كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتمدت في 3 ديسمبر 2018 قرار الاحتفال باليوم العالمي للتعليم بمشاركة 58 دولة من أعضائها، باعتبار يوم 24 يناير يوماً دولياً للتعليم في إطار الاحتفال بالتعليم من أجل السلام والتنمية.

قرار ذاتي

قبل 8 سنوات، غادر إبراهيم محل إقامته بالفيوم، متجهاً إلى القاهرة بحثاً عن عملا ينفق منه على نفسه وأسرته، كان قراره الشخصي: "سبت المدرسة علشان حرام أحمل أهلي مصاريف تعليمي خصوصا بعد تدهور حالهم".

يتذكر بابتسامة ارتسمت على وجهه لحظة قدومه الى القاهرة "أول ماجيت اشتغلت صبى على عربية فول بأجرة 25 جنيها في اليوم".

3 سنوات قضاها إبراهيم -صاحب الـ16عاما-، في عمله على عربة الفول، اعتاد أن يستيقظ في تمام الرابعة فجراً لغسل الأطباق وتحضير الطلبات، "كنت بصحى الفجر وأقعد للمغرب، أكيد لو أنا متعلم عمرى ما كنت هستحمل كده".

صورة 2

ضحية "مرات الأب"

"أبويا طردني من البيت، وهو السبب أني طلعت من المدرسة".. قالها مصطفى محمد صاحب الـ18 عاماً الذي ترك مدرسته، وشرع في التسول بأحد شوارع منطقة إمبابة.

"مصطفي" ينتمي إلى أسرة متوسطة الحال على عكس غيره، لكن الخلافات مع زوجة أبيه كانت عائقا يمنعه من استكمال تعليمه بمدرسة فاطمة عنان بإمبابة.

"كانت بتفضل أولادها عليا، بتأكل عيالها وأنا بتخبى منى الأكل"، يتذكر مصطفي عندما نشب خلاف بينه وبينها "أبويا طردني وطلعنى من المدرسة علشان دافعت عن نفسي".

صورة 3

بلهجة حزينة يتمنى مصطفى كغيره من الأطفال، أن يعيش حياة كريمة بعيدًا عن حياة التسول التي يعيشها حاليًا -على حد وصفه-، موضحاً أنه كان يحب مدرسته وأصدقائه "كان نفسي أكمل تعليمي وأكون دكتور، بس أعمل أيه مكنتش هقدر أروح المدرسة وأنا في الشارع".

يحكي مصطفى عندما ذهب إلى محيط مدرسته لرؤية أصحابه "بشوفهم من بعيد، بس بتكسف أنهم يشوفوني علشان هدومي وحشه وأنا متسول وهما متعلمين".

صورة 4

في منطقة المهندسين، يستوقف فرغلي جلال، من مواليد محافظة أسيوط العابرين لمساعدته، البعض يعطي له والبعض الآخر يتركه وآخرون يبتعدون عنه لسوء ملابسه.

فرغلي لم يسبق له الالتحاق بأي مدرسة، "أنا مدخلتش مدرسة، علشان أبويا كان عامل نظافة ويدوب الفلوس بتكفي الأكل". يسترجع صاحب الـ17 عاما، عندما توفيت أسرته "والده ووالدته" وذهب إلى القاهرة "قولت آجي أشتغل في مصر علشان الشغل فيها كتير".

ولكن حب فرغلى للتمثيل جعله يتقدم لعمل اختبارات بأحد مكاتب التمثيل بشارع المنتصف بالعجوزة "نجحت في اختبارات الأداء، بس اترفضت علشان مش بعرف أقرا" لم يحزن فرغلى على كونه جاهل، موضحاً أن أسرته ليس لها ذنب" أنا كنت أكتر واحد عارف أنهم مش معاهم".

 

فيديو قد يعجبك: