بالصور- 10 سنوات على رحيل محمود درويش.. الجُدران "تحنّ" للشاعر الفلسطيني
كتبت- رنا الجميعي:
لم يكن شاعرًا عاديًا، جمع محمود درويش بين الموهبة المُتفرّدة والكاريزما والصوت الرنّان والاهتمام بالقضيّة الأم "فلسطين"، في التاسع من أغسطس عام 2008 رحل درويش، كان خياره الموت الرحيم، فتم فصله عن أجهزة الإنعاش. هذه الأيام تمر 10 سنوات على غياب الشاعر الفلسطيني، الذي لا تزال تتذكره جُدران الوطن العربي.
يُعتبر درويش الشاعر الوحيد الذي رُسمت صورته على الجُدران، يتذّكره الوعي العربي كُلما تجددت النزاعات، كرمز بقي دليلًا على سلامة القضية الفلسطينية.
على الجدار العازل رسم الفنان "ارنست بينيون ارنست" صورة لدرويش، يقف فيها بنظارته مُعتدًا بنفسه كما هي العادة.
قام أهل تونس بتحية درويش على طريقتهم، فرسموا صورته ضاحكًا، وبجواره كتبوا أبيات من شعره يُحيي فيها الأرض.
في تونس أيضًا، على جدار بقرية دجيربا رُسم جرافيتي لدرويش في المنتصف ومن حوله أبيات من شعره، كسجّادة مُعلقة، يتناثر تحتها الورود.
في مدينة صور اللبنانية كان درويش حاضرًا أيضًا، رسمه الفنان غالب حويلا عام 2017، في قُطر دائرة حضر درويش على الجدار، كمِحور مكتوب حوله أبيات شعره، كأنها منه وإليه تعود.
في لبنان أيضًا جرافيتي آخر لدرويش، وتبدو حُروف شِعره حوله كهالة ذهبية اللون تُحيطه بجلالها.
رغم انتشار صورة الشاعر الفلسطيني، إلا أن النصيب الأكبر للحنين كان لأبيات شعره، تحدّث درويش عن كل شيء تقريبًا، عن الحرية، الثورة، الحُب.
تهفو النفس إلى فلسطين دومًا، وفي ذلك تكون كلمات درويش هي الاقرب.
لم يهتف درويش باسم فلسطين لكنها كانت دومًا وسط كلماته، هي من قال عنها "على هذه الأرض ما يستحق الحياة: على هذه الأرض سيدة الأرض، أم البدايات أم النهايات. كانت تسمى فلسطين فصارت تسمى فلسطين".
عبر الشعر كان درويش يؤكد على أن فلسطين بلده التي لن يتنازل عن ملكيتها لأحد، أن البحر والهواء له، فيقول "هذا البحر لي.. هذا الهواء لي.. هذا الرصيف وما عليه"، تستحضره الذاكرة وتنقل كلماته بجوار البحر.
في قصيدته الشهيرة "مديح الظل العالي"، التي كتبها عام 1983، كان درويش يُخرج لسانه للسلطة والدولة، يُمجّد الثورة ويضيق بالفكرة، على إحدى الجُدران كُتبت كلماته، يستدعيها قلمٌ مؤمن بالثورة.
لم يستحضر الوعي العربي كلمات درويش في الثورة والحرب فقط، كان شِعْره ملجأ لكل قلب حزين، يشعر بخيبة الأمل ولسعة الذكرى، المرارة في الحلق كُلها تتجمع لدى قول درويش "ونحن لم نحلم بأكثر من حياة كالحياة".
في الحُب يصير درويش ملكًا مُتوجًا، كلما اشتاقت النفس إلى الحبيب، يعود لكلمات الشاعر الفلسطيني، ليتعلّم فن الصبر منه، فدرويش يقول "ولا تتعجل فإن أقبلت قبل موعدها.. فانتظرها، وإن أقبلت بعد موعدها.. فانتظرها".
ولأن في عُرف درويش لا ينفصل الحُب عن الحرية.
لا يستقيم شعر درويش بغَيْر خيال، فالحرب تجعله أسيرًا للأمل، دويّ الطائرات تُحيل تفكيره إلى رؤية الحمام الأبيض، وحين تحنّ النفس إلى السلام تتذكر ما قاله الشاعر "عندما تختفي الطائرات.. تطير الحمامات.. بيضاء.. بيضاء".
رغم ما أكّده درويش عن النسيان، وأن سيرة المرء منّا لا مفرّ لها من تحولها إلى سراب، إلا أن درويش سقط من تلك المُعادلة.
رُبما يكون ما خلّد سيرة درويش هو تفرّده، والأصوات الجميلة التي حملت كلماته على أجنحة الموسيقى، مارسيل خليفة وكاميليا جبران والثلاثي جبران.
فيديو قد يعجبك: