لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

بعيد عن المدينة.. أطفال وهواة وطلبة في حضرة "خسوف القمر"

09:40 م السبت 28 يوليو 2018

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- رنا الجميعي وشروق غنيم:
تصوير- شروق غنيم:

في الخامسة من مساء أمس، بدأ معهد البحوث الفلكية المعروف بـ"مرصد حلوان" في استقبال الجُمهور، لرصد ومشاهد ظاهرة خسوف القمر، يعتبر المرصد واحدًا من مرصدين داخل القاهرة فقط يُمكن من خلالهما الرصد.
بسعادة قدم العديد لمشاهدة الظاهرة الطبيعية، لم يقف بُعد المسافة بالنسبة لبعض الأسر والشباب في القُدوم، فيما فتح المرصد أبوابه أمام هواة التصوير وهواة الظواهر الطبيعية والدارسين والأسر، مع إسدال الليل لظلامه كان الحشد ضخمًا، أمام التلسكوبات وقفت طوابير من الكبار والصغار، فيما حاول البعض اختيار بُقع بعيدة نسبيًا لرصد الظاهرة بالعين المُجردة، فبالإمكان رؤيته عند بداية الخسوف الجزئي.

رصد الخسوف

ويعتبر ذلك الخسوف هو أطول خسوف للقمر خلال القرن الحادي والعشرين، يُعرف باسم "القمر الدموي"، وتستمر مدته حتى ست ساعات، حيث يبدأ الخسوف الجزئي عند الثامنة وأربعة وعشرين دقيقة، أما الخسوف الكلي ففي التاسعة التاسعة والنصف.
امتلأت ساحة المرصد بالأطفال، يتطلعون نحو عالم جديد، أعدّ المعهد قُرابة عشرين تليسكوب، كما يقول دكتور أسامة على، رئيس قسم الشمس بالمعهد الفلكي. بنهم وحماس يستكشف الأطفال أدوات الرصد، يتفحصون التليسكوبات الموجودة، يتساءلون بشغف عن موعد الخسوف، من بينهم يحيى، أخذ يلتقط أكثر من تليسكوب ينظر من خلاله، يُسرع ناحية والدته مي عبد الحي "ماما أنا شوفت السما"، كانت الساعة لا تزال الخامسة والنصف مساءً.

رصد الخسوف

أتت مي برفقة ابنها صاحب السبعة أعوام مُبكرًا، الحماس يملأ صدر صغيرها تجاه الحدث، لم يمنعها بُعد منطقتها السكنية في "مدينتي" عن الذهاب إلى المرصد، عوّدت الأم ابنها يحيى على الارتباط بالطبيعة وظواهرها "بحاول أزرع فيه ده لإننا وإحنا صغيرين أهالينا مكنوش مهتمين بأحداث زي دي، مش عاوزة ده يتكرر مع ابني، عاوزاه يبقى شايف العالم اللي حواليه فيه إيه".

رغم أنها المرة الأولى للأم الثلاثينية داخل المرصد، إلا أنها منحت ابنها سابقًا تجارب مُشابهة، شراء مجلات وكتب علمية تحكي عن الظواهر الطبيعية، تحكي مي-خريجة كلية تربية فنية- أن ذلك يجذب اهتمامها أيضًا مما جعلها "لما ناسا أعلنت اكتشاف كوكب جديد جمّعت كل المعلومات والفيديوهات ووريتهاله".

رصد الخسوف

كُلما اقترب موعد الخسوف الجزئي المُحدد في الثامنة وأربع وعشرين دقيقة، ازداد عدد الأسر، بين أمهات قدموا برفقة أطفالهن، وأسر مكونة من الأب والأم، وآخرين اصطحبوا أقاربهم أيضًا، بجانب هؤلاء اجتمع عدد من الشباب، من بينهم محمد شيرين، الذي قدِم كهاوي فقط للظواهر الطبيعية، كانت تلك هوايته منذ صغره لكنه لم يسع قُدمًا إليها "أنا دارس ميكانيكا"، منذ عدّة سنوات وجد محمد الفرصة لأن يعرف أكثر عن ذلك المجال الذي أحبّه صغيرًا "كنت مهتم بالظواهر وأنا صغير"، يتذكر الشاب أن أولى الظواهر التي رصدها كانت القمر العملاق التي حدثت مع بداية العام الحالي.
برفقة أصدقائه قدِم محمد إلى مرصد حلوان، جاءوا باكرًا وأحضروا تلسكوبين معهم، انشغلوا بضبطه حتى يتسنى لهم مشاهدة خسوف القمر .خسوف القمر

بعيدًا عن الحضور وقف شخصان سمْت ردائهم يُوحي أنهم غير مصريين، استعد معاذ وشبير لضبط كاميراتهم لاستقبال الظاهرة، تنبع أصول الشابين من الهند، لكن مُعاذ وُلد في مصر، ويهوى التصوير منذ 15 عامًا، وضمن ما يُحبه هو تصوير الظواهر الطبيعية "صورت قبل كدا الخسوف السنة اللي فاتت على طريق العين السخنة".
داخل المرصد لا يكّف العاملون عن الحركة، يسألون باهتمام الحاضرين عما إذا كان ينقصهم معلومات بشأن الظاهرة المرتقبة، يدربون الأطفال على كيفية استخدام التليسكوب بشكل صحيح، يُوجهّون الحاضرون نحو الشاشة التي ستعرض القمر بأكمله، فيما أعدّوا عدد كبير من الكراسي.

رصد الخسوف

أمام تليسكوب وقف مصطفى محمود يتفقده بدهشة، لأول مرة يراه بعيدًا عن كتب المدرسة، رغم أنها الأمنية التي يحتفظ بها داخله "نفسي لما أكبر أبقى عالم فضاء واشتري واحد". كبر صاحب الخمسة عشر عامًا على حكايات من والده عن الفضاء والعالم الذي لايزال يتم استكشافه.
كانت مُهِمة محمود رضا متفاوتة، فأبناؤه السبعة أعمارهم مختلفة، قرر تقسيمهم في مجموعات، حتى يُصبح الشرح مُلائمًا لكل منهما "الصغيرين بقيت أقولهم القمر هيبقى كبير النهاردة، ودي حاجة مبتتكررش ولازم نروح نشوفه"، فيما استفاض في الحكي مع ابنه الأكبر مصطفى "طالع زيي بيحب الموضوع ده، لكن هو أكتر، بيدخل على النت يتفرج على فيديوهات، وقبل ما نيجي قرأ من نفسه عن الخسوف".

رصد الخسوف

عند بداية دخول القمر لمنطقة شبه الظل في السابعة احتشد العديد أمام التليسكوبات لمشاهدتها، بينما أمسك محمد رجب بمنظاره، اختار بُقعة عند سور المرصد برفقة أصدقائه، صوتُه المُنبهر يُلفت النظر إليه، تلتقطه الأعين بينما يراقب القمر مُدونًا تفاصيل داخل دفتر يحمله في يده، تدور بينهم الأحاديث. أتى الطالب بالفرقة الرابعة تربية بقسم الفيزياء إلى المرصد "تطبيق للي إحنا بندرسه، وفي نفس الوقت أتابع اللحظة اللي بيشوفها العالم كله في نفس اللحظة"، يقطع حديثه ليُشير لأحد أصدقائه إلى نجم لامع يسأله مُستفسرًا عنه "هو دا ايه؟"، يُجيبه صديقه "دا كوكب الزهرة هو بيظهر بعد المغرب".

استعدّ الطالب العشريني ورفاقه قبل الحدث جيدًا "كإنه امتحان"، بشكل تطوعي قرر أستاذ جامعي إعطاء محاضرة عن الخسوف، كما حضر رجب ورشة داخل المرصد "كانت حاجات عامة زي الفرق بين الخسوف والكسوف، الألوان اللي هتظهر، حجم القمر وكتلته والمسافة المتوسطة والقريبة والبعيدة، ومعادلات بسيطة لإن في ناس مش ده تخصصها حاضرة".

برفقة رجب جاء زميله الأصغر سنًا علي عز الدين، كانت المرة الأولى له في رصد ظاهرة طبيعية على الأرض، كُل مراجعه وقراءاته عبر الكُتب فقط، غير أنه تمكّن هذه المرة أن يرصد بعينيه، شعر طالب الفيزياء بسعادة شديدة كونه يُراجع ما قرأه، أمام أقرب نُقطة في المرصد وقف علي مُنبهرًا بما يراه، يكتب ويُدوّن كل الإشارات التي يراها.

رصد الخسوف

يهوى علي مجال فيزياء الطبيعة منذ أن كان طالبًا بالمرحلة الثانوية، يضع حُلمه نصب عينيه "بتمنى إني أفوز بنوبل"، يذكر علي أن آخر مسلم فاز بها كان دكتور محمد عبد السلام من باكستان، يقرأ كل ما تطوله يداه على الانترنت عن هوايته المُحببة، حماسه لا يقل، حتّى أنه تعلّم الخط الكوفي خصيصًا لينقل ما كتبه العالم المسلم عبدالله بن زكريا القزويني.
الحُشود لا تنقطع عن دخول المرصد، حتى التاسعة مازال العديد يتوافدون، يفيض العدد حتى يختار البعض اكتشاف المكان، يصلوا إلى سُلّم يتجه إلى مكان أعلى، يصعدون نحو السطح، يجلسون متجاورين مُراقبين القمر بأعينهم، يبدو الأمر كأنها نُزهة مُريحة للأعصاب بعيدًا عن صخب المدينة.

رصد الخسوف

بالأسفل مازال عاملو المرصد يُساعدون الجمهور، يضبطون التليسكوبات يدويًا نحو القمر، الذي أصبح دمويًا بالكامل، يُحاول العاملون ترتيب المشهد بطوابير يقف فيها الجميع، ورغم تعبهم يُقابلون الطلبات بابتسامة وصوت هادئ، كانت أجواء الحدث كلها حاضرة، بينما أخذ المصورون يوثقون اللحظة، قرر البعض في أداء صلاة الخسوف بمسجد المرصد، بينما يُطلّ القمر من أعلاهم.

فيديو قد يعجبك: