المقاهي والكافيهات وباعة الأعلام.. رزق وفرحة في كأس العالم
كتبت - نانيس البيلي:
وسط فرحة وترقب المصريين لمشاركة مصر في كأس العالم، بعد غياب أكثر من 18 عاما، كانت هناك فرحة إضافية من نوع آخر لشريحة من المواطنين، تضم أصحاب المقاهي والكافيهات وباعة الأعلام وتيشرتات المنتخب، وحتى أصحاب محال الأدوات الكهربائية التى تبيع إيريال التليفزيون الهوائي، بعد تأكيد إذاعة القنوات الأرضية لعدد من مباريات كأس العالم.
يأمل هؤلاء وغيرهم في رزق وفير يعوض حالة الركود غير المسبوقة طوال الأشهر الماضية خاصة في الموسم الرمضاني، وفق قولهم.
بين أشياء عادت للرواج بعد اختفاء سنوات، وأماكن تُستعد بأقصى طاقتها لمشاهدة مباريات البطولة، كان لـ"مصراوي" جولة في مناطق الزمالك والمهندسين وفيصل، لرصد هذه الاستعدادات.
حبًا في العلم ومنتخب مصر
كانت حركة الشوارع صاخبة، في حوالي العاشرة من مساء أمس، حينما وقف "أسامة" بائع الأعلام ببضاعته في ميدان مصطفى محمود بالمهندسين، فتلك الفترة هي موسم بالنسبة له.
كأس العالم سينطلق اليوم، تشارك مصر فيه لأول مرة منذ 18 عاما، الأمل يختلج نفسه في رزق وفير يعوض حالة الركود المستمرة منذ أشهر.
من تجار وسط البلد، يجلب صاحب الـ43 عاما بضاعته "عندي المستورد والمصري" يقولها بزهو. يعلم "أسامة" أن "الفصال" سمة أساسية لدى المصريين، يحسب مسألة تفاوض الزبائن معه في الأسعار "برفع ثمن الحاجة كام جنيه عن سعرها الحقيقي عشان عارف إن الزبون كده كده هيفاصل فيها". ويبلغ ثمن العلم الصغير من 5 جنيهات أما الكبير 35 جنيها.
"أعلام مصر، وتيشيرتات المنتخب، وبرنيطة" هي كل تجارة الشاب الأربعيني، أما أعلام الفرق الأخرى والمنتخبات الدولية "بجيبها بس بالطلب"، لا يزال يذكر مباراة نهائي دوري الأبطال بين ليفربول وريال مدريد قبل أسبوعين، وقتها ازداد الطلب على علم الريدز "عشان خاطر عيون محمد صلاح".
بدأ شغف "أسامة" بتجارة الأعلام منذ نحو 12 عاما، وتحديداً منذ كأس الأمم الأفريقية التي فازت بها مصر، وسط الجماهير طاف ببضاعته من التحرير إلى المهندسين مروراً بوسط البلد، أصبحت تلك هوايته الرئيسية التي ترك بسببها مهنًا أخرى، و"حبًا في العلم" كما يصف وحتى ينفق على أبنائه الثلاثة "بشتغل أحيانًا في الديكور وورد الأفراح".
يحزن الرجل كثيراً من حالة الركود في البيع والشراء التي بدأت قبل نحو 7 سنوات، يعوضها قليلاً أصحاب الكافيهات الذين يطلبون منه كمية من وقت لآخر "وفيه مدارس ممكن تشتري مني للفصول والحوش، وكمان لو حد مسافر برة مصر بيحب ياخد العلم معاه" لكنه عمومًا يؤمن بأن "الرزق بتاع ربنا".
عودة الإريال الأرضي.. وفنيون: "رواج مؤقت"
حالة غير مسبوقة من الرواج بسبب "الإيريال الهوائي" شهدتها محلات الأدوات والأجهزة الكهربائية، بحسب ما يؤكد عاملون في تركيب الإريال والدش، بعدما تم الإعلان، قبل أيام، عن بث 22 مباراة من كأس العالم على التليفزيون الأرضي، حيث بدأ الإريال الأرضي يختفي منذ أكثر من 10 سنوات بعد انتشار أطباق الدش والريسيفر، بينما جاء كأس العالم بمثابة طوق نجاة لإنقاذه من الاندثار.
عماد رمزي، فني تركيب دش بأحد محلات منطقة الزمالك، يؤكد أن هناك إقبالًا كبيرًا على شراء الإريال، لكنه يرى أنه "رواج مؤقت" لن يستمر أكثر من 10 أيام، لأنه "هيوصل صورة مهزوزة ولن تكون الإشارة جيدة كما أنه سينقل 22 مباراة فقط من بين أكثر من 60 مباراة لكأس العالم".
ويرى "عماد" الذي يعمل في المجال منذ 11 عاما، أن شبكات الضغط العالي في مصر تؤثر على الترددات، وهو السبب في ضعف فكرة الإريال "القريب من المقطم هو بس اللي هيلقط إشارة كويسة".
نفس الرأي، يؤكده "وائل" فني تركيب دش، يعمل بالمجال منذ حوالي 20 عاما، يقول إن الإريال الداخلي سعره 10 جنيهات، ويوضع على شاشات التلفاز "فكرة غير عملية"، حيث سيضطر صاحبه إلى وضعه في البلكونة وتزويده بسلك إضافي، ولن يحصل على صورة جيدة "وفي الآخر هيينزلوا يتفرجوا على القهاوي، عشان عايزين يشوفوا حاجة نضيفة".
الحل في وجهة نظر "وائل"، هو تركيب إريال ذي كفاءة جيدة، يصل سعره إلى 300 جنيه بجانب 100 جنيه تكلفة تركيب سلك ومثلها أجرة الفني "والنوع ده ده مش موجود غير قليل في مصر"، ويضيف أن الانتشار الكبير الذي يشهده الإريال هذه الفترة هو "رواج وهمي".
"إن شاء الله صلاح يخطفها"
الكافيهات والمقاهي الشعبية، كان ضمن قائمة المستفيدين من موسم كأس العالم، يتمنى أصحابها أن يحقق لهم الموسم رزقًا وفيرًا، يعوض حالة الركود الرمضاني الذي استمر على مدار الـ30 يومًا الماضية، بحسب "محمد سعيد" مدير كافيه بمنطقة المهندسين، ويعزي ذلك إلى الظروف الاقتصادية وارتفاع الأسعار.
قبل أيام، استعد "سعيد" لاستقبال البطولة العالمية الأهم، اشترى "بروجيكتور" جديد لضمان عرض وصورة أفضل، وأجرى صيانة لجميع الشاشات للتأكد من سلامة الصوت والسماعات.
لم ينس الشاب الثلاثيني شراء أعلام الفرق كلها ومع انطلاق البطولة ستعلق "داير ما يدور" داخل الكافيه "والفرقة اللي هتخسر هنشيل علمها، لحد ما يفضل العلمين بتوع فرقتين النهائي"، وفي مباريات مصر "هنضغط شوية عشان لو أعداد كبيرة جت".
طوال مباريات البطولة سيضع الكافيه "مينيمام تشارج" للمشروبات، لتعويض تكلفة الاستعدادات وثمن الاشتراك التجاري للقنوات الفضائية الناقلة للبطولة "لازم ألم الفلوس اللي دفعتها" وفق "سعيد"، وربنا يعوض علينا في حالة ضعف الإقبال "كل شيء وارد، مش مضمون إن الزباين تيجي بأعداد كبيرة".
وفي مقهى شعبي بمنطقة فيصل، يترقب صاحبه "ربيع" البطولة بحماس كبير "بتمنى الموسم يحرك الدنيا شوية"، لذلك عمل هو والعاملون معه بالقهوة كخلية نحل للاستعداد للبطولة، وزيادة عدد المقاعد والشاشات كانت أولى الخطوات "وهعلق أعلام وصور لاعيبة المنتخب كله".
لا ينوي الرجل رفع أسعار المشروبات، سيظل كوب الشاي بجنيهين فقط، والقهوة بـ5 جنيهات "لأن المنطقة شعبية وزبايني ناس بسيطة مينفعش أزود عليهم وأنا عارف الظروف".
كمشجع وصاحب عمل، يأمل "ربيع" أن يصعد المنتخب الوطني للترتيب متقدم "إن شاء الله ربنا يكرمنا وكل ماتش نجيب جون"، كذلك يتمنى سعيد أن تكون البطولة "خيرا للكل، الشعب يفرح وإحنا نكسب". بينما يساوره بعض القلق إذا خرجت مصر من البدايات "الكأس مش هيبقى ليه روح". ويحلم بوصول مصر للنهائي "إن شاء الله صلاح يخطفها وكل ماتش يجيب جونين، يبقى كده ضمنا".
فيديو قد يعجبك: