ماذا يعني التأهل لكأس العالم بالنسبة للمصريين؟
كتب- محمد زكريا:
في حوار لصحيفة "ماركا" الإسبانية، صرح محمد صلاح، نجم المنتخب الوطني ونادي ليفربول الإنجليزي، بأن وصول مصر إلى كأس العالم بالنسبة للمصريين هو بمثابة فوز إسبانيا بالكأس نفسه، فـ"هذه المرة الأولى التي نصل فيها بعد 28عامًا، وهو أمر غير عادي".
هذا رأي صلاح. لكن ماذا يعني التأهل لكأس العالم بالنسبة للمصريين؟
كانت لحظة مجنونة. محمد صلاح يحرز هدف الصعود إلى كأس العالم. الآن يهفو قلب حسام فتحي، وعقله يستعيد تلك اللحظات من عام 1990.. إذًا حضرت الفرحة من جديد.
يعود فتحي بذاكرته 28 عامًا إلى الوراء. كانت الحياة أقل صخبًا "مكنش فيه شاشات في الميادين، يتجمع قدامها الآلاف زي ما بنشوف دلوقتي"، لكن في اليوم المُحدد لمباراة مصر، يجتمع فتحي مع أصدقائه، شباب أعزب لا تُكبله المسؤوليات، على مقهى في حي روض الفرج يجلسون، التشجيع حاضر كأنهم في المُدرجات بإيطاليا، والحماس يزداد مع حركة الكرة بين أقدام لاعبي المنتخب الوطني، كانت لحظات استثنائية بحق.
لا يزال صاحب الـ55 عامًا يتذكر فرحته بهدف مجدي عبد الغني في مرمى هولندا. ورغم سخريته من إعادة اللاعب لسيرة هدفه طوال تلك السنوات، يُعيد تفاصيل الجول كأنه أُحرز للتو. كان المنتخب الذي يرتدي لون البرتقال عملاقًا في وقتها "يلعب له كومان، ريكارد.. "، لذا لم يتخيل أن تنتهي مباراته مع مصر بالتعادل، لكن هذا ما كان على أرض الملعب، للكرة حساباتها.
سعادة شبيهة بتلك التي مر عليها 28 عامًا، أحس بها فتحي مع إحراز صلاح للهدف في الكونغو قبل أشهر، كأنه اشتاق إلى وطنه في بطولة الكرة الأهم في العالم.
قبل أيام من انطلاق المونديال، حسم فتحي قراره، مع زوجته وأولاده في المنزل سيُشاهد مباريات مصر، نجح الرجل الذي يعمل مشرفًا في إحدى شركات القطاع الخاص في الحصول على "وصلة" لقنوات بي إن سبورت، يقل سعرها عن الاشتراك التي تفرضه القناة القطرية، والذي يعجز راتبه المحجوز لبنود أخرى عن الوفاء به.
يعتقد الرجل الخمسيني أن مستوى لاعبي المنتخب الوطني لا يؤهلهم لتخطي دور المجموعات، الكرة جماعية وصلاح في نظره لا يقدر على الأمر وحده، لكن يكفيه أن يُشارك هو وأسرته مع الآلاف نفس شعور الانتماء.
ينوي الرجل أن يُشاهد إحدى المباريات المصرية في ميدان مصطفى محمود بالمهندسين، فرحة يُشبهها لأولاده بالعيد، وهو شعوره عمومًا تجاه المشاركة المصرية في المونديال.
لكن محمد أسامة يُشبه شعوره لمُشاركة مصر في كأس العالم، بدخوله الجنة. الجنة التي يقصدها هي جنة الكرة، التي يعشق سحرها وجنونها، ويُتابع بطولاتها المتنوعة، فما بالك بأكثرها إثارة، كأس العالم.
في النسخ السابقة، كان أسامة ينحاز للكرة الممتعة، تبهره الأهداف الصعبة والتمريرات الساحرة، في العام 2002 شجع البرازيل، وفي 2006 تعاطف مع هولندا، وكان لألمانيا نصيب من حبه في العام 2010، وشجع إسبانيا في النسخة الأخيرة قبل روسيا 2018.
الانتماء هو العامل الأهم لأسامة في ذلك العام، لا حديث عن كرة جميلة الآن، فمصر في البطولة الأضخم في العالم. يتمنى الشاب أن يتعدى المنتخب الوطني دور المجموعات، لكن الحسابات لا تُرجح ذلك في نظره، ويُدلل على ذلك بالأداء المُتراجع في المباريات الودية، لكن الأمنيات لا تتوقف.
منذ 18 عامًا، يُتابع سعيد محمد الكرة. ومن حينها لم يفوت أي مباراة في كأس العالم. العام الحالي، ستكون المرة الأولى التي يرى فيها ابن محافظة المنيا بلده تلعب في البطولة، إحساس غريب عليه، فعمره 23 عامًا، ومصر تغيب عن الحدث منذ 28 عامًا.
في اللحظة التي احتسب حكم مباراة مصر والكونغو ضربة جزاء، صارت القشعريرة في جسد محمد، لا يُصدق أن الحلم أصبح معلق الآن بركلة قدم واحدة، أدار وجهه نحو الحائط، خاف أن يراها وهي تضيع، لكن لم يُخيب القدر ظنه، سجلها صلاح، وراح هو يحتفل وسط المنيا مع الآلاف من سكان المُحافظة.
منذ اللحظة الأولى، يعتقد محمد أن خروج مصر من البطولة أمرًا محسومًا، وهذا لا يُحزنه، فما يتمناه وينتظره من المنتخب الوطني أداءً مُشرفًا، لكن أكثر ما يهابه هو أن يفقد الشغف بالبطولة كلها "خايف يبقى دمها تقيل بخروج مصر".
فيديو قد يعجبك: