لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

بعد الضربات العسكرية.. كيف يتواصل السوريون بمصر مع أهلهم في دمشق؟

11:22 ص الأحد 15 أبريل 2018

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- فايزة أحمد:

قبل ستة أيام أطلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تهديدات بتوجيه ضربات صوب أهداف عسكرية تابعة لنظام بشار الأسد بدمشق؛ ردًا على هجوم كيميائي اُتهم الأخير بتنفيذه على "دوما"، فيما تابع أحمد الحمودي هذه التصريحات على شاشة التلفاز داخل محل عمله بمحافظة الجيزة، دون اكتراث؛ لاعتياده على ما وصفه بـ"الحرب الكلامية" التي يشنها زعماء الدول المشاركة فيما يحدث في بلده سوريا منذ أكثر من سبع سنوات. قضى "الحمودي" منه عامين كاملين هناك تحت وطأة القصف، الذي أجبر أسرته على التشتت في بقاع الأرض مُخلّفين ورائهم شقيقتهم التي أصرت أن تظل رفقة زوجها وأبنائها بريف دمشق.

اعتاد "الحمودي"، الاتصال بشقيقته عبر تطبيق "واتس آب" عقب عودته من عمله منتصف الليل للاطمئنان على أحوالها لاسيما وأنها كانت على وشك وضع طفلها الثالث، لكنه انشغل في بعض الأشياء، ما جعله يقرر الاتصال بها في الصباح، إلاّ أنه أثناء استعداده للخلود إلى النوم، فوجئ بقيام كل من "أمريكا وفرنسا وبريطانيا" بشن هجمات على دمشق، هرع محاولًا التواصل مع شقيقته، لم ترد، اعتراه مشاعر مختلطة من الخوف والشك، حاول الاتصال مجددًا، لكن أحدًا لم يرد.

ظن "الحمودي" أنه المشكلة في الإنترنت، فحاول التواصل مع والدته ووالده المتواجدين بهولندا، علّهما يستطيعا التواصل معها من هناك، لكن باءت محاولتهما بالفشل هي أيضًا، فأصيب الوالدين بحالة من الفزع الشديد على ابنتهما.

في تلك الأثناء، كان يحاول الطالب عبد الرحمن مالك، من القاهرة التواصل مع أقاربه المتواجدين بإحدى ضواحي دمشق، للاطمئنان على أحوالهم، وماذا فعلت بهم هذه الضربات ثلاثية المصدر "في البداية الاتصال كان ضعيف كتير.. لكن كنا بنسمع أصوات انفجارات قريبة"، زادت الأصوات من قلق الطالب السوري، غير أنه لم يتوقف عن الاتصال، ذلك الفعل الذي ألفه منذ سنوات حين يسمع بكل مرة قصف أحد مواقع عائلته في بلده المنكوب.

"البلد أصلًا من سبع سنين عاشت حالة حرب، ولأن الناس أدمنوا هذه الحياة الكئيبة، فالقصف الأمريكي بالنسبة لنا كان حدثًا اعتياديًا، خاصة أن إسرائيل عوّدتنا على القصف كل فترة، وهناك مواقع تقصف كل مرة، فأصبح معروف لدينا أين سيكون القصف"، لكن هذه الاعتيادية على الأحداث المُفجعة، لم تمنعه من التنقل من تطبيق إلى آخر محاولًا الوصول إلى أحد من أقاربه، كي يعرف ما الذي ألم بهم "حاولت الاتصال بهم من الواتس آب، والفايبر والماسنجر ومفيش حل".

40 دقيقة بالتمام، مرت على الحمودي في الجيزة، وأسرته في هولندا، يحاولون خلالها التوصل مع ابنتهم، التي أجابت على هاتفها الذي كان منقطعا عن الاتصال بأي شبكة؛ لانقطاعها في منطقة تواجدها، تلك التي ظلت دون كهرباء حتى الصباح "قالت إن أمورهم بخير.. والانفجارات كانت بعيد عنهم، لكن كانت الأصوات عالية وواصله ليها ولأولادها"، فأصيبوا برعب شديد جراء هذه الأصوات.

أقارب عبد الرحمن، هم أيضًا لم يصابوا بأي أذى جراء هذه الضربات، هذا ما قالوه على الهاتف عقب انتهاء الهجوم " القصف كان عبارة عن ٥٠ دقيقة وعلى مناطق غالبيتها عسكرية غير سكنية، فما أثر على حياتهم بأي شيء.. طبعا باستثناء الأصوات المسموعة نتيجة القصف".

مأساة طالب الطب السوري، ربما انتهت بشكل مؤقت هذا اليوم، فقرر الذهاب إلى الجامعة وعقله وقلبه منشغلان بأقاربه القابعين في سوريا، وذلك بالتزامن مع متابعته لتبعات تلك الضربات، واحتمالية تكرارها مجددًا، حتى يستطيع إطلاع والديه عما يحدث هناك، وتهدئة روعهم، خاصة بعد أن قررا مغادرة سوريا رفقته لإتمام دراسته بجامعة القاهرة.

بينما ظلت معاناة الحمودي قائمة حتى مساء أمس، السبت، إذ بمجرد إغلاقه الهاتف مع شقيقته، اتصل به زوجها، يخبره بأنه في طريقه إلى المستشفى رفقة شقيقته التي فاجئها ألم الولادة "كل دقيقة كنت بتكلم معه واطمئن عليها عن طريق اتصالات النت"، ليغلق معه، ومن ثم يعود ويتصل بوالديه في هولندا ليخبرهم بأحوالها.

ساعات ثقيلة مرت على الحمودي، اليوم، خفف من وطأتها أن شقيقته وضعت مولودها بأمان، ارتاح قلبه حين سمع صوتها عقب الولادة، لكن صوت عقله لازال يؤرقه عن المجهول الذي ينتظرها وينتظر أبنائها، واضعًا نصب عينه طيلة الوقت السيناريو الذي حدث مع عمته التي غادرت بلدته إلى إدلب -إجباريًا- مصطحبة أبنائها الذين قلما استطاعوا أن يتواصلوا معهم؛ لصعوبة الاتصالات هناك "بنضطر نحاكيهم عن طريق الشبكات التركية"، يساعدهم ذلك موقع مدينة إدلب على الحدود "السورية-التركية" "بخاف يحصل لأختي متل ما حصل لعمتي".

رغم الهلع الذي انتاب الشاب العشريني خلال تلك الليلة، استطاع أن يخلد للنوم وأساريره منفرجة، لاطمئنانه على شقيقته التي أصرت أن تمنح مولودها اسم خاله الذي يُمني نفسه طيلة الوقت بعودته إلى سوريا الخالية من الحرب.

فيديو قد يعجبك: