15 عاماً على سقوط "صدام حسين".. كيف يتذكر العراقيون هذا اليوم؟
كتبت- فايزة أحمد:
على دبابة جاء الأمريكيون إلى العراق مطلع شهر أبريل عام 2003، رافعين شعارات مفادها أنهم يحملون الديمقراطية للعراقيين الراغبين في التخلص من الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، الذي حكم البلاد طيلة أربعة وعشرين عامًا، ذلك الذي تداعى أركان نظامه حين رُبط الوثاق حول عنق تمثاله الذي كان موجوداً بميدان "الفردوس" بالعاصمة العراقية بغداد، لينزعه الأمريكيون عن موضعه فسقط أرضًا، فيما كان حيدر الربيعي يتابع ذلك المشهد عبر فضائية "العالم" القناة الوحيدة من بين جميع القنوات العراقية التي نقلت اللحظات، وذلك رفقة أسرته، بمشاعرِ مختلطة ما بين الفرحة والترقب فيما سيحدث بعد ذلك، فيما لا ينسى ما جرى وكأنه الأمس.
قبل غزو الأمريكيين لبغداد، عزمت أسرة حيدر أمرها على الانتقال إلى مدينة ديالى التي تبعد عن العاصمة بنحو (98كيلو متراً)، ريثما تستقر الأجواء داخل مدينتهم التي تحولت لثكنة عسكرية "ما كان فيه أكل ولا ماء ولا كهرباء ولا أي خدمات"، فضلًا عن الإجراءات الأمنية المُشددة من قِبل رجال صدام حسين الذين لم يتوقفوا عن استعراض قوتهم، متوعدين الأمريكيين الذين دخلوا البلاد من الجنوب وتحديدًا من مدينة كربلاء.
مع إطلاق أول قذيفة في اتجاه المضاجع التي زعم الأمريكيون وقتها أنها ملاذ لأنصار الرئيس الأسبق، كان محمد الطائي يتجول في أحد شوارع محافظة الموصل التي كانت بعيدة نسبيا عما يحدُث داخل العاصمة، لكن أصوات تلك القذائف كانت ملء آذان جميع العراقيين في جميع المحافظات، ما جعله يعود سريعًا أدراجه إلى منزله، ليكون بجانب أشقائه الصغار الذين انتابهم الرعب؛ جراء أصوات تلك القذائف.
لم تكن الفرصة سنحت بعد لـ"الطائي" الذي كان يبلغ من العمر آنذاك (18 عامًا)، لزيارة بغداد، إلاّ أنه اعتراه حزن عميق إثر ما شاهده من عمليات نهب من قِبل المدنيين لمؤسسات الدولة، تلك العمليات التي أُطلق عليها "الحواسم" "كنت كتير فرحان بسقوط صدام على أمل أننا ننفتح على العالم والرواتب تتحسن، لكن عمليات السرقة هذه كانت محزنة جدًا".
عاد "حيدر" طالب الدراسات العليا إلى منزله في بغداد، تغيرت ملامحها في عينه، تلك التي غادرها في اليوم نفسه "فارس ميرزا" مصطحبًا عائلته إلى إقليم كردستان، هروبًا من مصير مجهول تحاشاه معظم مؤيدي صدام، وفي قلبه غصة "يومها والدي قال: لا عراق بعد صدام حسين".
ما زاد من حزن "ميرزا" الذي كان في منتصف العشرينات حينذاك، رؤيته بعض هؤلاء الذين اعتادوا التصفيق لكل قرارات صدام، وسُرعان ما انقلبوا عليه بتصفيقهم للأمريكيين؛ وهو ما يصفه بـ"الخيانة" لرئيس صان بلده طيلة فترة حكمه -بحسب قوله: "العراق كان أمان وقت صدام، الآن ما في أمن.. فيه أزمات وطائفية فقط".
ما يتبناه كل من "الطائي" و"ميرزا"، يرفضه "الربيعي" بشدة رغم ما يعانيه العراق في الوقت الراهن من أزمات "لا العراق حاليًا زين ولا وقت صدام كان هيك"؛ غير أنه لا يخفي شعوره بالندم لا لفرحته بزوال النظام البائد، وإنما لافتراضه الخير في القادة الذين تولوا حكم البلاد لاحقًا "هم أيضًا سرقونا ونهبونا"، لقناعته بأن بلاده من أغني دول العالم؛ لما أنعم الله عليه به من الحسنيين "الماء والنفط".
15 عامًا مرت على سقوط صدام حسين، وتعرض العراق خلالها لأحداث جِسام داخلية وخارجية نالت منه ومن أمنه، كما تغيرت حيوات حيدر الربيعي، ومحمد الطائي، وفارس ميرزا، فالأول صب اهتمامه على إتمام تعليمه؛ علّه يستطيع تحسين أوضاع عائلته، فيما ساءت أوضاع الثاني الاقتصادية تلك التي تجعله غير قادر على السفر خارج العراق، بينما عزم الأخير أمره على استكمال الباقي من عمره داخل مصر.
فيديو قد يعجبك: