إعلان

عامل مشرحة دمنهور يروي لحظات صدمة وانهيار أهالي ضحايا قطاري البحيرة

01:35 م الخميس 01 مارس 2018

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت – نانيس البيلي ومها صلاح الدين:

 

لم يتحمل فرد الأمن المكلف بتأمين مشرحة مستشفى دمنهور التعليمي رائحة الموت والدماء، سد أنفه بمنديل وهو يجيب على سؤالنا عن "خالد عبد العزيز" عامل المشرحة، أشار بيده قائلا بصعوبة "كان بيرمي مخلفات غسل النهاردة في الزبالة".

قبيل منتصف الليلة الماضية، كان الهدوء يعم محيط المستشفى، الذي استقبل جثامين 5 من ضحايا حادث قطاري البحيرة، فقد انتهى اليوم قبل ساعات قليلة بتسليم جثامين الضحايا الخمسة لذويهم بناء على أوامر النيابة العامة إلا أن رائحة الموت كانت لا تزال موجودة في المكان.

"كانوا متبهدلين أوي"، قالها "خالد عبد العزيز" عامل المشرحة الذي عاد بعد دخولنا المستشفى، واصفا حال جثامين الضحايا بتأثر.

لم يكن "عبد العزيز" موجودا في المشرحة وقت الحادث، لكنه هرع إلى هناك فور إبلاغه من الإسعاف بوقوع حادث تصادم القطارين ووجود وفيات.

استعد الرجل الذي تخطى العقد الرابع، لاستقبال الجثامين كما هو معتاد في الحوادث الكبرى "لو ثلاجة واقفة بشغلها". وفي حوالي الثانية ظهراً وصل أول جثمان للمشرحة، بدأ بعدها في تغسيله "جبت مشمع أبيض وحاولت أظبط الجثامين لأنهم كانوا محتاجين شغل كتير".

جثمان واحد كان مجهول الهوية، "كان راجل جاي من غير أي ورق" قبل أن يتعرف عليه أخوته، وفي حوالي الثامنة مساءً كانت الجثامين الخمس غادرت المشرحة "لأن وكيل النيابة صرح بالدفن على طول"، بينما بقت أشلاء من ضحايا الحادث لم يتعرف عليها أحد من الأهالي" النيابة حرزتها عشان يفحصوها"، وفق ما يروي "خالد".

داخل المشرحة، كانت الأرضية تمتلئ بالمياه الممزوجة بآثار من الدماء، وبالقرب من الباب المفتوح استقر ترولي تغسيل الموتى المعدني وفوقه كمية من الدماء، بجسده النحيل وبنطاله المرفوع لأعلى ركبتيه انهمك خالد في التنظيف وهو يقول لنا: ثلاجات المشرحة مقسمة حسب نوع الجثامين "المعروفة بكتب عليها اسمها وألزقه ببلستر، ولو مجهولة برقمها، والأشلاء بجمعها مع بعض".

 

قبل 22 عاما، بدأ" خالد" عمله في تغسيل الموتى بمشرحة مستشفى دمنهور، يتذكر أول أيام عمله "كنت مبقدرش أستحمل ريحة الدم والجثث"، قبل أن يعتاد على الأمر ويصبح لا يتأثر بأي شيء "بقيت عادي، ممكن أغسل أكتر من 10 جثث في اليوم".

خلال تلك الفترة التي تجاوزت نصف سنوات عمره، فكر "خالد" كثيراً في تغيير مهنته "فكرت ياما أسيب الشغلانة"، بينما كان يتراجع عن الأمر كلما تذكر أجر تغسيل الموتى "كنت بقول عشان الصواب".

لا يتوقف عامل المشرحة عند تغسيل الجثامين، يسعى في أغلب الأحيان إلى تطييب خاطر أهالي المتوفي، "بهديهم وبقعد أقولهم ده أمر ربنا ووحد الله". يقول العامل الأربعيني إن أقارب ضحايا الحادث انتابتهم صدمة شديدة ودخلوا في حالة من الانهيار خلال التعرف على جثث ذويهم.

قبل ذلك كان "خالد" يعمل في وحدة الفشل الكلوي بذات المستشفى، بينما يتولى صديقه "كاظم" تغسيل الجثامين بالمشرحة "كنت بدخل أوقات معه أساعده، يقول "خالد" إن صديقه ذهب بعد فترة لمدير المستشفى وطلب منه أن ينقله معه "لما لقى قلبي جامد قال لي أنا عاوزك معايا".

لدى "خالد" 3 أبناء هما التوأم "أنس وأحمد" وصغيره الثالث "يوسف"، يقول إنه يفصل بين عمله عندما يكون وسط زوجته وأبنائه " أول ما بروح البيت كلنا بننسى إني كنت في المشرحة، زي ما باجي المشرحة بنسى إني كنت في البيت".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان