لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"احتضنوا حقيبته.. والنظرة الأخيرة".. مشاهد من توديع طالب مدرسة المرج

09:38 م الخميس 20 ديسمبر 2018

أهالي ضحايا انهيار سور مدرسة المرج

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب - أحمد شعبان ومحمود عبدالرحمن:

تحت مظلة بجوار قسم الاستقبال والطوارئ بمستشفى جراحات اليوم الواحد بمؤسسة الزكاة بمنطقة المرج، جلست شاهيناز فتحي، زوجة والد الطفل عبدالرحمن درويش، وسط مجموعة من النساء متشحات بالسواد، في انتظار خروج جثمان الطفل من المشرحة، صراخهن يمتزج مع الدموع المتساقطة من عيونهن، ومن حين لآخر يعلو صوت السيدة بالصراخ "ابني راح منّي".

عبدالرحمن الذي فارق الحياة، صباح اليوم الخميس، إثر سقوط سقف "إسبستوس" أعلى سور مبنى بالطابق الخامس للمدرسة، طالب بالصف السادس الابتدائي، بمدرسة منارة الشرق الخاصة، التابعة لإدارة المرج التعليمية، ووقع الحادث الذي أصيب فيه 6 من زملائه أثناء الطابور الذي يتم تنظيمه عقب انتهاء الفسحة الصباحية.

بجوار زوجة والد عبدالرحمن جلست جدة الطفل السبعينية، تحية رياض، لا تحرك بصرها باتجاه آخر غير باب المشرحة، في انتظار وداع أخير لحفيدها، الذي لم تره منذ 90 يومًا، قبل أن يذهبوا به إلى مثواه الأخير.

أهل الطفل عبد الرحمن

عاش الصغير مع جدته 9 أعوام، بسبب مرض والدته ما استدعى مكوثها في بيت أهلها، ومنذ عام توفيت الأم وغادر عبدالرحمن إلى منزل أبيه "كان بيحى كل أسبوع يزورني باستمرار بس من يوم المدرسة ما فتحت مشوفتهوش، يا ريته ما راح المدرسة".

كان الصبي وقت عيشه مع جدته ملتحقًا بمدرسة أخرى "كنت بروح معاه للمدرسة وبستنى وقت الخروج لحد ما أروّح معاه البيت"، تقولها السيدة بينما تضيف أنها لم تتخيل أن انتقاله لمدرسة أخرى سيصبح كابوسًا يطاردها مدى حياتها.

كعادته اليومية خرج عبدالرحمن في الثامنة صباحًا، صُحبة زوجة والد "شاهيناز" من منزله الكائن بحارة ضيقة تبعد عن المدرسة مسافة لا تتجاوز الكيلو متر، تمسك الطفل بيمينها وحقيبتها في يدها الأخرى حتى باب المدرسة، في الحادية عشرة أخبرتها جارتها "يوسف ومالك رجعوا من المدرسة بيقولوا عبدالرحمن اتعور والسور وقع عليه"، لتهرول السيدة مع جارتها صوب المدرسة.
قبل وصول زوجة والد عبدالرحمن بنصف الساعة، ارتفع صراخ التلاميذ في فناء مدرسة منارة الشرق الخاصة، عقب سقوط السقف على زملائهم، يحاول عدد من المدرسين رفع ركام السقف المتساقط لإنقاذ الأطفال، يقول هاني صلاح، مدرس لغة عربية بالمدرسة "أنا كنت في الدور الثاني وقت السقف ما وقع ونزلت على صراخ العيال مش عارف فيه إيه"، هرول تجاه تجمع التلاميذ، وقبل أن يصل وجد مدرسًا آخر يحمل "عبدالرحمن"، بجرح في الرأس، والدماء تغطّي ثيابه "أخدت الولد منه بسرعة وجريت بيه وجبته المستشفى في توكتوك".

الإسعاف تنقل الطفل عبد الرحمن

بعد عشر دقائق، من وصول المدرس بالطفل إلى المستشفى، أبلغه أحد الأطباء بقسم الطوارئ بوفاة الصغير "مكنتش عارف أعمل إيه؟، دعيت ربنا يصبّر أهله"، بعدها جاءت سيارات الإسعاف إلى المستشفى تحمل المصابين "كلهم أطفال صغيرين في ابتدائي.. من ضمنهم اثنين في حالة خطرة".
مدرسة منارة الشرق تتكون من مبنيين، أحدهما يضم الأطفال في مرحلة كي جي، والآخر يضم تلاميذ المرحلتين الابتدائية والإعدادية، يتوسطها فناء المدرسة، يقول محمد حامد أحد المدرسين بالمدرسة إن حالة المباني جيدة، ولم تشهد المدرسة في الفترة الأخيرة أية أعمال ترميم.

يحكي المدرس محمد حامد، أحد المشاركين في إنقاذ الأطفال، تفاصيل ما حدث "كنت واقف أنظم الطابور، استعدادا لدخول التلاميذ إلى الفصول بعد انتهاء الفسحة، وأسفل مبنى كي جي المكون من 5 طوابق، كان حوالي 20 تلميذًا يقفون أسفله، وفجأة سقط عليهم جزء من المبنى، كانوا حوالي 20 تلميذًا "الكل جري لإنقاذهم"، وبدأنا ننقل اللي حالته خطيرة إلى المستشفى، حتى وصلت سيارة الإسعاف "جت بعد حوالي ربع ساعة، ركبت مع الأطفال وجيت على المستشفى هنا".

المدرس محمد حامد

يتذكر "حامد" آخر ما دار بينه وبين طالبه المتوفي "عبدالرحمن "قالي أنا مش هاجي يوم الثلاثاء يا أستاذ عشان سنوية أمي" الذكرى السنوية الأولى لوفاة والدته حلّت قبل أيام.
قطع حديثه معنا صوت صراخ السيدة شاهيناز، مع خروج جثمان الصغير، رفعت عينيها تجاه مشرحة المستشفى، خرجت منها عبارات كأنها تناجيه "هاتلي شنطتك عشان أشيلها يا عبدالرحمن"، بينما احتضنتها "فاطمة" إحدى مدرسات الصغير ليعلو صوت النحيب.

"بتصل بيه عشان الدرس لقيتهم بيقولوا عبدالرحمن مات" تقول الأستاذة فاطمة مدرسة الدراسات الاجتماعية، التي كانت تنتظر وصول عبدالرحمن إليها لتلقي أحد دروسه بمنزلها"، وتصف الخبر بالصدمة "أنا مش مصدقه إنه مات"، حتى رأت جثمان الطفل أثناء خروجه من المشرحة.

فيديو قد يعجبك: