كيف تلقى أطفال مصر "جائزة صلاح"؟
كتب- محمد زكريا:
على منصة التتويج يقف محمد صلاح، وجهه مُبتسم ونظراته توحي بالثقة، يُعلن الاتحاد الإفريقي "الكاف" فوز المصري بلقب أفضل لاعب بالقارة، الآن يأتي دوره ليُلقي كلمته أمام الملايين من عشاقه، ممن يعتبروه المثل، يشكرهم على الدعم، قبل أن يُهدي جائزته إلى "كل أطفال مصر وإفريقيا".
فكيف تلقى أطفال مصر "جائزة صلاح"؟
"أقول لهم لا تتوقفوا عن الحلم ولا تتوقفوا عن التصديق من أجل أن تحققوا تلك الأحلام".. كانت كلمات هداف ليفربول الإنجليزي مشجعة لروح كريم سيد، الطفل ذو الـ16 عامًا، والذي يلعب لنادي الشمس الرياضي بالقاهرة.
في منزله بحي المطرية في القاهرة، تابع سيد الحفل الإفريقي باهتمام، لا يزال إعلان الجوائز مُستمر، مصر تحصد لقب أفضل منتخب لعام 2017، بينما ينتظر الطالب بالصف الأول الثانوي إعلان صلاح "أفضل لاعب إفريقي"، ليس فقط لأحقيته بالتتويج كما يرى، لكن حتى يكون فوزه شُعلة تدفعه إلى تحقيق حلم اللعب بأحد الأندية الكبرى في مصر، ومنها إلى الاحتراف في أوروبا.
الأمر نفسه يتمناه شادي محمد، الطفل ذو الـ12 عامًا، والذي يعيش في مدينة الغردقة.
في ساحة أحد فنادق المدينة الموجودة على البحر الأحمر، حيث يعمل والد محمد، تابع الطفل وسط آخرين في نفس عمره حفل التكريم حتى النهاية، رغم التزامه في الثامنة والنصف صباح اليوم التالي بموعد للامتحان "سهرت وقولت مش مهم، لأن الكورة أول حاجة في حياتي". انتهى الحفل، أُعلن فوز صلاح بـ"الكأس"، فيما عمّ الفرح قلب الطالب بالصف الأول الإعدادي.
لم يختلف الأمر كثيرًا في منزل محمد عادل، الطفل الذي لم يتعد عمره 18 عامًا.
داخل بيت متواضع بأحد أحياء القاهرة الشعبية، جلس الطالب بالصف الثالث الثانوي أمام شاشة التلفاز، تابع باهتمام مجريات حفل توزيع الجوائز، للحظات تخلل الطفل شعور بالملل "كل الأغاني بتاعت أفارقة، المفروض يراعوا أن في عرب بيتابعوا الحفلة فينوعوا في المغنيين"، لكن انتظاره لحظة إعلان فوز صلاح هون عليه الأمر كثيرًا.
رغم متابعته الجيدة لمباريات الكرة واطلاعه على حساباتها، لم يكن عادل متأكدًا من حسم صلاح اللقب "جايزة البي بي سي خدها مصريين كتير فكنت متأكد أن صلاح هياخدها، لكن جايزة الكاف مخدهاش ولا مصري عشان كده كنت خايف ميفوزش".
لكن ما أن توّج الدولي المصري بلقب أفضل لاعب إفريقي، هبّ عادل فرحًا، بارك على صفحتة بـ"فيس بوك" لكل من في عمره "بحس أن صلاح شبهنا، وقدر يوصل للعالمية، فكده مبقاش بعيد أن أي حد فينا يحقق اللي نفسه فيه مهما كان صعب"، لكن أكثر ما نال إعجاب الصغير هو إهداء لاعب ليفربول جائزته إلى الأطفال وليس إلى المسؤولين.
صباح اليوم التالي لفوز صلاح بالجائزة، كان محمد صابر يملأه الحماس، هنأ أصدقائه في المدرسة الحكومية، وأتفق معهم على تنظيم مباراة يلعب فيها بنفس مركز اللاعب الدولي.
في المباراة أحرز صاحب الـ13 عامًا هدفًا بقدمه اليسرى، سجد شكرًا واحتفل كأنه لاعب في ليفربول "لحظتها تخيلت نفسي صلاح، بلعب في إنجلترا ومصر كلها بتشجعني"، قبل أن يفيق ابن دار السلام بالقاهرة سريعًا، لكن الأمل في تحقيق ما يصبو إليه لا يغيب عنه.
داخل أحد فصول مدرسة رجاك للغات في مدينة الغردقة، كان مُعلم الرياضيات يتابع ما يدور بين طلاب الصف الأول الإعدادي من أحاديث، لاحظ المُدرس أن سيرة لاعب ليفربول لا تغب طويلًا عن ألسنة الصغار "كل واحد منهم بيشجع نادي بعينه، بس أغلبهم يأما برشلونة يأما ريال مدريد، بقى كل طالب عايز محمد صلاح يروح النادي اللي بيشجعه، عشان يكون ليه إضافة".
يُقدر مُدرس الرياضيات حب تلاميذه للكرة، لذلك وجه دفة الاهتمام في طريق العلم "اتفقنا نسمي المسائل الحسابية اللي حدودها فيها سرعة باسم محمد صلاح، ده حببهم في مادة الرياضة وشجعهم يذكروها كويس".
في عمله يلحظ المُعلم سيطرة نجاح صلاح على عقل صغاره "صور بروفايلتهم على فيس بوك بقيت لمحمد صلاح.. في طلاب أعرفهم من زمان، كانوا دايما بيحطوا صور للاعيبة زي ميسي ورونالدو، التغيير ده معناه أنهم بيشوفوا صلاح ميفرقش حاجة عن النجوم دول، وده هيزرع فيهم فكرة أنك تقدر تكون أنجح حد في مجالك، بعكس السائد في مجتمعنا بأن المصري عمره ما هيتفوق على الأجنبي".
فيديو قد يعجبك: