لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

بعد 141 عاما.. ماذا كتبت جريدة الأهرام في عددها الأول؟

09:03 م الأحد 06 أغسطس 2017

جريدة الأهرام في عددها الأول

كتبت-دعاء الفولي:

العام 1876، مصر تحت حكم الخديوي إسماعيل. عدد سكان القاهرة يتجاوز 239 ألف نسمة. العملات المُتداولة هي الذهب، الفضة، النحاس، السنت، الفرنك، فيما تم سك نقود تذكارية بمناسبة افتتاح قناة السويس. العام 1876 ومصر لم تذق طعم الصحافة بعد. العام 1876 وثمة أخوان لبنانيان قررا إنشاء أول مطبوعة تتخذ شكل الصحيفة، قبل أن يُطلقا عليها اسم "الأهرام".

في الخامس والعشرين من ديسمبر 1875 قرر بشارة وسليم تقلا تأسيس جريدة الأهرام، غير أن العدد الأول خرج في 5 أغسطس من العام الذي تلاه. شكّلت الأهرام-حينها- ثورة في علاقة المجتمع بالمعلومة، إذ خرجت من مكتب بمنطقة المنشية في الإسكندرية، لتكون أسبوعية تصدر كل سبت.

مبلغ زهيد لا يتعدى الخمسة عشر فرنكا هو ثمن الاشتراك في الجريدة لمدة ستة أشهر، بينما يرتفع ليكون 23 فرنكا على مدار العام. ولأن "الأهرام" لم تُوزع داخليا فقط، فقد كُتبت أسعارها في الدول الأخرى؛ بين الأستانة، سوريا، أوروبا، الجزائر، تونس، وأخيرا بومباي في الهند.

"ذلك هو العدد الأول من السنة الأولى لجريدة الأهرام المرعيّة بعناية الحكومة السنية والمستعدة الاستعداد التام أن تجعل من يتصفحّ صفائحها واثقا بما يطالعه"... كانت تلك الجملة هي مطلع افتتاحية الجريدة ذات الـ141 عاما. في 21 سطرا لخّص محررها سليم تقلا ما أراده هو وأخاه؛ أن "الأهرام" تسعى للوقوف على "الفوائد الصحيحة" وكسب "قبول الجمهور"، وتحقيق التقدم الصعب، وأخيرا دعوة "أولي الغيرة والهمة لمد يد المساعدة الأدبية".

1 copy

صفحتان وأربعة أوجه هو سمت المطبوعة الصحفية الأولى التي حررها سليم أفندي تقلا. لم يكن الشكل الحالي للترويسة قد ظهر. تصدّرت كلمة "الأهرام" صفحتها الأولى مع رسم صغير للأثر الفرعوني الحامل لنفس الاسم، فيما علت علامة الهلال والنجمة ذلك الشكل.

في ذلك العدد تناولت الجريدة موضوعات عدة؛ بدأتها بالحديث عن صفة الإغراق في حب الذات، وكيف يمكنها يؤذي صاحبها المحيطين إذا لم تُمارَس باعتدال، إذ أنها عادة "لا يخلو منها إنسان ولا تحول عن واحد فهي كقول من قال عادة في البدن لا يغيرها إلا الكفن". كانت كلمات تلك القطعة "ثقيلة". استخدمت ألفاظا مثل "تضعضعا"، "التعاضد" وغيرها، غير أن تقلا دعاها في آخر سطر بـ"المقال".

حاولت الجريدة الإلمام بما وقع تحت يدها من أخبار، وإن كانت متأخرة نظرا لكونها أسبوعية أو لصعوبة وصول المعلومة ونقلها؛ إذ عنونت إحدى الفقرات بـ"الأخبار البرقية الواردة إلى الإسكندرية"، وفي تلك الجزئية تحدث المحرر عن سيطرة العساكر الشاهانية (الأتراك) على مجموعات متمردة في الهرسك.

2-copy

قُسمّت صفحات الجريدة إلى عدة فقرات، على ثلاثة عواميد، يفصل كل واحدة منها عن الأخرى خط يحمل زخرفة طفيفة، فيما كان نوع الخط أقرب للرقعة. بعض الحروف تم تشكيلها. همزة القطع لم تُرسم فيما كُتبت الموجودة على نبر.

مازالت الجريدة العريقة تتنقل بين تفاصيل مختلفة. تحكي تارة عما سيدور في "مجلس نواب الأمة في إنكلترا" بخصوص عدة حوادث، أهمها زيارة شخصيات عامة لبلدان عديدة، بين فرنسا، إسبانيا والأستانة. كما روت واقعة طلب أعضاء الشورى الإنكليزي انسحاب بريطانيا من اتفاقية "باريز"، والتي تُلزم إنجلترا على عدم الخروج بالمراكب التجارية عن مياهها الإقليمية وقت الحرب، ما يُجبر أصحاب السفن على بيع ما لديهم بدلا من الترحال والبيع في الخارج، فتفقد الدولة جزء من قامتها الاقتصادية.

أسفل الصفحتين الثانية والثالثة، استخدمت الجريدة الهوامش لكتابة أسباب اختيار الأخوان تقلا اسم "الأهرام". فصلا تلك المعلومات عمّا قبلها بخط حاد يقطع الصفحة من اليمين لليسار، سارديَن تاريخ أهرام الجيزة العتيقة، مُحلقين بين أقوال المؤرخين عن تلك الآثار، وأصل كلمة "بيراميد"، إذ تفاوتت الحكايات التي تُرجعها للغة العبرانية بمعنى قبو الموت، أو اللغة القبطية.

أعلى الصفحات وفي المنتصف كُتب تاريخ العدد الأول: "5 آب"، بينما جاء العام على اليسار، واستأثرت الجهة اليمنى برقم العدد. ورغم أن الصفحة الأولى لم يتم ترقيمها، غير أن الثانية والثالثة والرابعة احتوت على أرقام.

وفاءً بعهودها تجاه القارئ في نشر معلومات واسعة، أدرجت الجريدة أهم الدعاوي التي تجري في "المجالس الحقانية" أو ما عُرف فيما بعد بالمحاكم. وقرر المحرر ألا ينشر أسماء الأشخاص الواردة في تلك الدعاوي حفاظا على هويتهم، على أن يستعيض عنها بألفاظ استعارية. وكانت الدعوى حينئذ مُقدمة من أحد تُجار الإسكندرية، أسمته الأهرام "زيد"، ضد زوجته يطالبها برد بعض أمواله.

3

كانت "الأهرام" في ذلك العدد تُرسخ لفنون مختلفة عرفتها الصحافة الحديثة. فبينما كانت كلمة "بريد القراء" في علم الغيب، أوردت رسالة من أحد طلبة الأزهر وهو "علي أفندي مظهر"، يُثني على إنشاء الجريدة، ودورها في رفع اسم مصر قائلا: "قد حصل الاستبشار بمشروعكم الجليل وقوبل بالممنونية والشكر الجزيل".

في العمود الأول من يسار الصفحة الثالثة كتب سليم تقلا كلمة إعلان، أسفلها دعاية لمكتب الترجمة من اللغات الفرنسية، الإيطالية والإنجليزية الجديد لصاحبيه إبراهيم عرب وحنين خوري، بينما كان الإعلان الثاني عن "محل" يستعد صاحبه دوفنسيكه بيمونتل أن يحامي عن كل الدعاوي التي تقدم له سواء في المجالس العربية أو الأفرنجية، بينما يقبل الترافع في دعاوي "الفقراء" مجانا.

جمعت صفحة الأهرام الأخيرة بين لطائف عدة؛ أولها "النادرة" التي قصّ فيها تقلا حكاية طريفة عن فتاة إنكليزية قطعت مسافة طويلة عبر شواطئ لندن، موردا عقب تلك القطعة بيان زيادة نهر النيل في عام 1876مقابل السنة التي سبقته، قبل أن يكتب اأسعار الصادرات والواردات من القطن، القمح، الفول والبذور. 

4 copy

ولم تخلُ تلك الصفحة من حوادث محلية أيضا. أما العمود الأخير في العدد، فقد نذره تقلا للحديث عن مطبعة الأهرام الجديدة، المستعدة لطباعة ما يرد إليها من "كتب عملية وأدبية وقصص ونوارد وخلافها"، واعدا القراء بطباعة صحيفة يومية بالعربية الفصيحة شريطة زيادة عدد المشتركين لدى وكلاء الأهرام الثلاثة وعشرين الموجودين في الدول العربية.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان