بعد 10 سنوات من التدريس.. سحر هجرت "الأحياء" واختارت الجلود
كتبت- رنا الجميعي:
تصوير - محمد حسام الدين:
منذ عامين استيقظت سحر البراموني وجدت الفراغ حولها، شعرت بوحشة كبيرة، فحفيدتها الصغيرة صوفيا التي آنستها طويلًا ذهبت إلى الحضانة، لم يعُد هناك ما يشغلها، وصار سؤال "ماذا تفعل الآن؟" يدّق داخل رأسها، حتى وجدت السلوى في ورشة صناعة الجلود.
عملت سحر على مدار 10 أعوام مُدرسة لمادة الأحياء، انقسمت المُدّة إلى ثماني سنين داخل مصر، بعدها عامين بالسعودية، "كنت بشرح هناك وأنا سعيدة".. تقول سحر لمصراوي، فأعوامها القليلة بالمملكة كانت الأفضل، تذكر السيدة الخمسينية أن الفارق كبير "حسيت أد ايه هما تقدموا عننا".
لمّا عادت سحر إلى مصر، قررت أنها لن ترجع إلى العمل كمدرسة مُجددًا "حسيت إن ضميري هيوجعني لو كملت هنا"، لذلك فُصلت من العمل كمدرسة "قولت إن اللي بعمله ومستمتعة بيه هناك حرام إني معرفش أديه هنا".
فاجئتها ابنتها آية "ماما أنا اشتركت ليكي في ورشة الجلد ودفعت خلاص"، استنكرت الأم في البداية "أنا عمري ما جربت، وعمري ما احتكيت بالناس وشوارع مصر معرفهاش، كان لازم يبقى معايا حد يوديني ويجيبني"، غير أنها رضخت في النهاية لرغبة آية.
تغيّرت سحر، صارت تعلم شوارع مصر جيدًا "بروح أشتري الجلد من باب الشعرية وباب الخلق"، كما احتكت بالناس، أصبح لها صديقة تعرّفت عليها خلال الورشة، للسيدة ثلاث معارض حتى الآن، آخرها بمهرجان "من فات قديمه تاه"، المقام حاليًا ببيت السناري.
اشتركت سحر بسبع ورش لصناعة الجلد، تطوّرت مع الوقت "حبيت الشغلانة واتعلقت بيها"، حتى أن لديها أبًا روحيًا هو دكتور ماجد حمّاد، أستاذ بكلية التربية الفنية "الحمد لله وقع في قرعتي إنسان بيعرف يوصل المعلومة بصدق".
في كل خطوة تأخذها سحر تستشير دكتور حمّاد، كما أنها تتحداه مع كل قطعة تقوم بها، من بينها مُعلّقة تقوم على الحفر "كان بيقولي صعب عليكي، وأنا تحديته، قلتله هعملها وهتديني عشرة من عشرة"، تقول سحر ذلك بينما تُشاور على المُعلقة ذات الزهور، والتي مضى على ظهرها الأستاذ وكتب عليها الدرجة النهائية.
تلفت سحر الأنظار بملابسها المُلوّنة، ترتدي الكثير من الاكسسوار من بينها سِوار عليه حرف "الاس"، كملابسها المميزة كانت حقائبها الجلدية "أنا دايمًا بفكر أعمل ايه الناس مشفتوش قبل كدا"، في بداية تعلّم سحر لصناعة الجلد بأكتوبر العام الماضي، صنعت أولى حقائبها الجلدية "الدكتور قالي مميز، واشتركت بعدها في معرض والدكتور اداني ترابيزتين احط عليهم شغلي".
تتذكر سحر المعرض الأول "الناس كانت مقبلة ومبسوطة"، كذلك كانت هي، تطير من فرط السعادة "جبت كل قرايبي والناس اللي أعرفهم"، مع كل معرض تشترك فيه سحر يكون هدفها الأول هو النظر بعيون الزوار "عشان أحس إن حاجتي مميزة في عيونهم".
لم تعد سحر تشعر بالفراغ كما كانت من قبل، ملأت صناعة الجلد حياتها، مع بداية كل يوم تشرب القهوة وتتصفح موقع "بينترست"، تتجوّل بين صور لحقائب جلدية، تُحاول تطوير نفسها دومًا، رغم تعب تلك الصنعة التي تستخدم فيها أدوات حادة "فيه شنطة نقط عرقي عليها أنا مش عايزة أشيلها".
فيديو قد يعجبك: