بعد وقف تراخيص البناء بـ8 أحياء بالقاهرة.. "مصراوي" يرصد أبراج مخالفة في المعادي والزيتون

 كتب – مصطفى فرحات ونانيس البيلي

"وقف تراخيص البناء ببعض أحياء القاهرة لمدة 6 أشهر" قرار أصدره المهندس عاطف عبد الحميد محافظ القاهرة، قبل يومين، ونشر في جريدة الوقائع المصرية في 30 يوليو الماضي، على أن ينفذ من تاريخ نشر القرار، ويشمل القرار 8 أحياء وهم "مصر الجديدة، النزهة، شرق مدينة نصر، غرب مدينة نصر، المعادى، غرب القاهرة، الزيتون، حدائق القبة".

وتحتل محافظة القاهرة بكافة أحيائها المرتبة الأولى في عدد مخالفات البناء التي لم تفرق بين حي راق وآخر فقير أو عشوائي، وتتمثل أغلبها في تعلية الطوابق بزيادة عن التراخيص الممنوحة.

4٫9 مليون هى عدد المباني المخالفة في مصر وفق إحصائيات وزارة الإسكان، بنسبة بلغت حوالي 90% من إجمالي العقارات الموجودة بحسب إحصائيات الهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان، ليجعل مصر أشبه بـ"جمهورية المباني المخالفة".

"مصراوي" انتقل إلى منطقتي المعادي والزيتون لرصد مخالفات البناء المنتشرة بالمنطقتين منذ سنوات، والأضرار التي ألحقتها تلك الأبراج المخالفة بالمنازل المجاورة..

تمتليء منطقة "زهراء المعادي" بالأبراج السكنية داخل الشوارع الضيقة، تقف بارتفاع شاهق لا تخطئه العين، بينما تجاورها بعض المساكن التي لا تتعدى 4 طوابق.

أمام عمارة تقع على ناصية أحد الشوارع بمنطقة زهراء المعادي، جلس صبحي محمود - سمسار - مع بعض أصحاب العمارات، يتحدثون عن "التشطيبات" النهائية التي يحتاجها العقار قبل تسليمه إلى السكان.

يقول "صبحي" إن القرار الذي أصدرته محافظة القاهرة يشمل المباني التي يسعى أصحابها إلى ترخيصها بشكل قانوني من الحي، ولم يُصدر بشأن البناء المخالف "عمره ما هيوقف البناء العشوائي، لأنه في الأصل ما لوش ورق شهر عقاري"، ويضيف الرجل القادم من محافظة "أسيوط" أن القرار سيرفع من وتيرة البناء المخالف، الذي سيصبح الطريق الوحيد أمام الراغبين في البناء "الحكومة تعمل اللي عاوزاه والشعب راح يعمل اللي هو عاوزه".

بحسب ما يقول السمسار فإن السبب الذي دفع الحكومة إلى إصدار هذا القرار، هو رغبتها في الترويج لشقق الإسكان الاجتماعي التي تقوم ببنائها في الوقت الحالي في عدد من المناطق "عاوزين الناس تمشي من هنا وتروح شقق الإسكان".

بالقرب من محطة مترو حدائق المعادي، يرتفع برج سكني من 13 طابقًا، يقول المقاول المسؤول عن بناء البرج السكني، إن بناءه تم بشكل مخالف من البداية "إحنا بنينا ولا عملنا رخصة ولا أي حاجة"، ويشير إلى استغلالهم وقت ثورة 25 يناير التي انتشر فيها البناء العشوائي بصورة كبيرة "كان الحي والشرطة نايمين، لكن دلوقتي لو اتشقلبنا مش هنعرف نحط طوبة". 

"ممكن تخالف قرار وقف التراخيص وتبني" قالها مقاول المعادي، متحفظًا على ذكر اسمه، مضيفًا أن القرار لن يؤثر كثيراً على عملية البناء العشوائي، ويشير إلى وجود أماكن يمكن البناء فيها دون ترخيص خاصة في الشوارع الجانبية بالمناطق "في شارع جانبي يعمل عشوائي براحته" بخلاف الشوارع الرئيسية التي يصعب فيها البناء دون ترخيص "بتبقى الحكومة والحي شادين حيلهم".

مواطنون: القرار تأخر كثيراً.. والأحياء "بتنهب الملايين".. ومقاول " عمره ما هيوقف البناء العشوائي"

يشير المقاول إلى وجود شكاوى من جيران الشارع بحقهم بعد بنائهم مخالف وتحويل قطعة الأرض من فيلا إلى عمارة سكنية "بيوتهم 3 أدوار فبقينا كاشفينهم وسدينا عليهم الهواء"، ويشير إلى عدم اكتراثهم بتلك الشكاوى "يشتكوا زي ما هما عاوزين، ده كلام فاضي مبيقدروش يعملوا حاجة".

بسؤال المقاول عن إمكانية بناء قطعة أرض رغم قرار وقف الترخيص، يقترح عدم الحصول على ترخيص من الأساس حتى بعد مرور فترة الـ6 أشهر، ويقول إنه يمكن البدء في البناء فوراً وأنه بعد بناء عدة طوابق سيقوم أفراد من الحي بعمل محضر، وأن ذلك المحضر تسقط عقوبتة الحبس فيه بعد مرور 3 سنوات.

ويوضح أن هناك طريقة جربها للتحايل على محضر البناء المخالف باختيار شخص آخر محل ثقة غير صاحب العقار المخالف وتصوير بطاقته الشخصية وعمل المحضر باسمه، بعد ذلك لن يتمكن أفراد الحي من التوصل للمالك الحقيقي للمبنى، ويوضح أن أهم شيء هو دفع مبالغ مالية لترضية أفراد الحي ليقوموا بتعطيل محضر المخالفة "كله بيخلص بالفلوس، بس أهم حاجة اللي يعرف يتعامل".

بأطراف أحد شوارع المنطقة الشعبية، يقع برج سكني من 13 طابق في الشارع الصغير الذي تبلغ مساحته 6 أمتار، يقول "منير" صاحب أحد المحلات بالطابق الأرضي إن العقار تم بناؤه بشكل مخالف قبل 5 سنوات "البلد كلها شغالة كده، وفيه أعلى منها في شوارع أضيق من كده"، ويضيف أن أصحاب تلك الأبراج يقومون بالتعامل مع أفراد الحي "لو جاتله إزالة بيجي 4أدوار بس، وهو بيعرف يظبطها بالفلوس".

لم تسلم منطقة "حلمية الزيتون" هي الأخرى من البناء المخالف، حيث انتشر في شوارع ضيقة لا يتعدى عرضها الـ6 أمتار، تتفرع منها شوارع أكثر ضيقًا، تقع على امتدادها من الجانبين عمارات لا تقل عن 12 طابقًا، بعضها تم تسكينها بالكامل بينما البعض الآخر في مراحل التشطيب الأخيرة.

مواطن متضرر: "المقاولين بيطلعوا العمارة في شهرين ويجروا يبنوا في منطقة تانية  "

في إحدى الأبراج السكنية بمنطقة الزيتون داخل أحد الشوارع الذي لا يتجاوز عرضها 8 أمتار، يسكن "أشرف" مع أسرته المكونة من 3 أفراد، في شقة تقع بالطابق الثاني والتي اشتراها منذ سنتين في نفس الوقت الذي شرع فيه أصحابها في بنائها، يقول "أشرف" إن ظاهرة البناء المخالف منتشرة بكثافة في الزيتون "لو دخلت أي شارع هتلاقي كل العمارات مخالفة".

ويوضح "أشرف" أن السبب الذي دفعه إلى شراء الشقة رغم علمه بمخالفتها لشروط البناء هو رخص سعرها، حيث يبلغ ثمنها 260 ألف جنيه، بينما يتضاعف هذا المبلغ في حالة الشقق المرخصة "مش هقدر أدفع تمنها، لأن الفرق كبير".

إلى جوار برج سكني من 13 طابق بمنطقة الزيتون، تقع "ورشة ميكانيكا" يملكها محمد رجب، يقول "الأبراج المخالفة بجوارنا جعلت حيطان الورشة ريحت" ، بالنظر الى ورشة الميكانيكا هناك شروخ فى على جدران المبنى المكون من 5 أدوار

يضيف محمد "الحي سمح لأصحاب العمارات المخالفة أن يتجاوزا الطرق القانونية في البناء من حيث الارتفاع، الأمر الذي أدى إلى تدمير البنية التحتية "مواسير الصرف الصحي اتدمرت لأن العمارات كتيرة"، ويتابع : المنطقة كانت تُعرف ب "منطقة الفيلل" قبل أن يطالها البناء المخالف.

"أصحاب العمارات بيبنوا أكتر من عمارة في وقت واحد" يقولها صاحب ورشة الميكانيكا، ويضيف أن أصحاب العمارات يتعجلون في بنائها، فلا يستمر بناء البرج أكثر من شهرين "بيكون لسه الخشب في السقف، ويعملوا عمدان فوقها".

ويوضح أن أكثر العمارات المخالفة في المنطقة، يملكها أفراد تخصصوا منذ سنوات في هذا النوع من العمارات "كانوا بانيين على أرض فرعونية في المسلة والمحافظة هدت لهم العمارة".