لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

الملحن مأمون المليجي.. وجه رسالة لمبارك في أغنية ومات قبل تحقيق حلمه

06:05 م الثلاثاء 27 يونيو 2017

الملحن مأمون المليجي

كتب-إشراق أحمد:

هجر الهندسة والمعمار منذ التسعينات، وعاد لسيرة شغفه الأول؛ لقبضته على العود، ونغم الكلمات. نحو 12 عامًا عُرف فيها الملحن مأمون المليجي كواحدٍ من أصحاب الغناء المختلف، حتى توقفت مسيرته مساء أمس الاثنين، بعدما وافته المنية عن عمر 57 عامًا.

على مسرح ساقية الصاوي، أقبل الشباب على حفلات الرجل الخمسيني، عرفته الأعين مشيب الرأس، وميزت الأذن صوته المؤدي لما يُعبر عن واقع اجتماعي أو مشاعر إنسانية، على خطى فني اشتهر فيه غيره أمثال وجيه عزيز، لم يعتمد المليجي على الطرب، بل الحالة الفنية، الكلمات والموسيقى. فهو ملحن بالأساس، يقدم للحضور مزيجًا، بعدما يضفي عليه ألحانه، يشاركهم الغناء كأنما أحد أقاربهم، أب يبادل أبنائه لحظات انبساط، يخبرهم بأسلوب أدائه وتفاعله مع الموسيقى أنها أكثر اللحظات ارتياحًا وودًا له.

"أصرخ بصوتك وانطلق أحسن ما قلبك يتحرق حاسب لحلمك يتسرق" الأغنية التي أداها المليجي، وذاع شهرتها بعد ثورة 25 يناير 2011 رغم غنائها من قبل، كانت رمزًا لما يعتبر عنه الفنان السكندري، فالموسيقى شغف له منذ الصبا، أحب التلحين، تمنى أن يشكل مع شقيقه الذي يكتب أشعارًا سيمفونية فنية تشبه حالة الأخوين رحباني في لبنان، لكنه لم ييأس بعد رفض أعماله وهو بعمر 24 عامًا، وانشغاله بأعمال الهندسة.

حقق المليجي أمنيته بعدما بلغ أشده، في الخامسة والأربعين من عمره اقتحم الفن، صار كل حياته حتى أنه حول مسار الهندسة لمعرض خاص به يعرض فيه منتجاته الفنية التشكيلية، أما أعماله الغنائية فتجلت بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير التي "ردت فيه الروح" كما أيد وصف الإعلامية ريم ماجد له في إحدى اللقاءات التليفزيونية.

كان ذلك عام 2005، حينما جلس المليجي يشاهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك متحدثًا في لقاء تليفزيوني عن مفاجئات وبشارة خير للشعب، شعر الرجل الأربعيني وقتها بالغضب، أراد أن يصرخ، لم يكن في حسبانه الغناء، تذكر الأغنية التي كتبها شقيقه "الشوارع"، لكنه يعلم أن ما أحدًا يستحسن هذا اللون من الغناء، ذلك في الوقت الذي يطل فيه شعبان عبد الرحيم مغنيًا، فقرر المليجي الغناء.

"كان عندي رسالة عايز أوصلها لمبارك يمكن اللي حواليه ضاحكين عليه .. كنت عايز أقول له أدي نتيجة 25 سنة" يحكي الفنان الراحل في إحدى اللقاءات التليفزيونية عن أغنيته الأولى، التي صورها في الشوارع حال اسمها، وجاءت كلمات الرسالة "في الشوارع شيء غريب يناديني.. شيء بيفرض جوه مني حزن عيني.. اترسم كل الوشوش.. تنقسم بينا المواجع أبقى واحد منهم.. جرحي هو جرحهم والحقيقة متوهاني. في الشوارع حلم عاشق للنهار، شوفته في عيون طيبين حلم مطحون بالمرار يطرح غناوي المحرومين ولامتي هنعيش في انتظار وعلينا بتمر السنين".

اتخذ المليجي لنفسه مسارًا، ينعكس من هموم الشارع مثلما وصف دائمًا، لفظ أغاني الرومانسية والأحبة، واختار الواقع الغالب عليه المشاكل وتحفه السياسة، حتى أنه لم يتهرب من التصريح بمواقفه السياسية الرافضة لنظام مبارك والإخوان، معتبرًا أنه مواطن مصري "واللي بيعيش هو الأغنية التي تحمل مضمون وتعكس الواقع".

كانت ثورة يناير الخط الزمني بين مضمون ما يقدمه المليجي "شغل ما قبل الثورة فيه تحريض على الحرية والكرامة والثورة"، فيما استمر في مواكبة حالة الشارع فقدم أغاني حال "هنتغير" وغيرها مما أداه هو أو قام بتلحينه لغيره من الفنانين.

"أنا درويش من دراويش سيد درويش" قالها مبتسمًا حينما سؤل عن تأثره بالفنان الراحل، أكد أنه يسير على الطريق ذاته، لذا طالما سعى لانتقاء الكلمات والألحان المألوفة، ليطل على الجمهور برداء رجل بسيط يريد فقط أن يمنحهم شيئا من الفن يسر النفوس. حتى فرح ابنته لم تغب عنه الحالة الفنية للمليجي، صنع لها أغنية خاصة بصوته وألحانه، أهداها لها وجمهوره، الذي عكف على نعيه منذ إعلان خبر وفاته.

طالما افتخر المليجي بمحل نشأته في الإسكندرية، ومنطقة بحري، حتى أن عشقه لها لا يساوي الفن لديه، يقول في أحد اللقاءات التليفزيونية "لو كان تمن الشهرة أني اسيب اسكندرية فأنا مش عايز الشهرة". رغب الرجل الخمسيني أن يصل فنه لا اسمه، فيقول مبتسمًا في لقاء تليفزيوني قبل ستة أعوام "أنا جيراني في العمارة ميعرفوش أني بغني"، لذا واصل الغناء والتلحين وتصوير الأغاني وإقامة الحفلات دون طلب أو شكوى من الاهتمام الإعلامي، حتى وقت رحيله الذي جاء مباغتًا دون تحقيق أمنية عبر عنه في كلمات إحدى أغنياته "بحلم ببكرة شمس ونهار.. والبسمة طلة من كل دار .. وأشوف بلادي فاردة الأيادي تُبدر غناوي تطرح خضار لكل عشاق النهار".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان