الطفل "طه عزت".. مشروع مقريء عالمي من البحيرة
كتبت-رنا الجميعي:
تصوير: محمود أبو ديبة
داخل نادي الزمالك جلس طه عزت بالزي الأزهري مُستكينًا بعد انهائه تلاوة ما تيسر من القرآن الكريم، ضمن فعالية "الأروقة الرمضانية" التابعة للأزهر، يُخيّل للمارّ أن الجالس بجوار الصبي ذو الخامسة عشر عامًا أحد أقاربه، لكنه مُدرس المادة الإنجليزية، الذي يُلازمه في أغلب أسفاره، ليطوف بالصوت العذب أرجاء الجمهورية، حتى وصل إلى أقطار بعيدة، ممثلًا مصر بمسابقة عالمية، وحصوله فيها على المركز السادس.
رافق جمال الصبي أعوام طويلة، بعد أن سمع عزت مُشاركًا في مسابقة "الصوت الذهبي" بإذاعة الشباب والرياضة، حينها كان الصبي لديه 12 سنة، بالأساس فإن جمال يُدرّس للصبي المادة الإنجليزية، بالمعهد الأزهري في قرية "ادفينا"، غير أن من مميزات المعهد هو تشجيع الإدارة لكل تلميذ يجدوا لديه الموهبة "أنا كُلّفت من الإدارة برعاية طه".
حينما بدت الموهبة على عزت منذ كان في الصف الخامس الابتدائي، بدأ أهله يولونه رعايتهم، كما اهتمت به إدارة المعهد الديني "عندنا أي موهبة بنحاول نثقلها"، حدث ذلك مع آخرون أيضًا كما يقول جمال.
اشترك عزت في الكثير من المسابقات على مستوى الجمهورية، كما يذكر، يقول "شرف ليا إني أتلو القرآن"، يتابع مستوى عزت شيوخه في القرية، من المعتاد لديه الذهاب إلى الكُتّاب، كما يتعلم منذ عام المقامات الصوتية.
قبل سنة شارك عزت في مسابقة "أندى الأصوات"، التابعة لرواق الأزهر، لكنه لم يحصل على أي مركز، يُضيف جمال "وقتها لجنة التحكيم قالتله إن خامة صوته حلوة لكنه محتاج دراسة أصول التلاوة"، وهو ما فعله ليعود مُجددًا إلى المسابقة هذا العام، وينال المركز الثالث.
تعوّد جمال على مرافقة الصبي، يظهر ذلك بوضوح في فيديوهات اليوتيوب، حيث نالت بعض الشهرة الصبي، كما صارت له تلاوات بمسجد السيدة زينب والسيدة نفيسة والأزهر، صوت عزت أهّله لأن يكون ممثل مصر في مسابقة ماليزيا العالمية للقرآن الكريم بفرع الأصوات، وسافر بمفرده إلى هناك.
يحكي عزت عن مُشاركته بمسابقة ماليزيا، التي عُقدت بمركز التجارة العالمي في كوالالمبور، يقول إنه شعر ببعض الضيق كونه بمفرده في دولة أجنبية، لكنه سُرعان ما تعوّد على الأجواء، ويصعد المنصة للتلاوة كأول متسابق، ضمن قائمة أغلبها متنافسين كبار السن، فلا يقرب له سنًا سوى مشترك واحد من كندا.
أحيانًا يُباغت المدرس جمال ظروف لا تُمكنّه من مرافقة عزت، تضيق نفسه كثيرًا حينها، تعلّق قلبه بصوت الصبي العذب "أنا لو قاعد في البيت هناك وهو هنا الليلة متعديش عليا"، لا يتوان جمال من مرافقته كلما سنحت له الفرصة، يرى فيه "مشروع قارئ كبير".
لا يفرق مع جمال بُعد المسافات، "احنا جايين في خمس ساعات من البحيرة، ومش عارفين هنام فين كمان"، يقول جمال، يرغب أستاذ عزت في أن يُخصص الأزهر للصبي مكان للسكن "احنا طلبنا منهم"، تُمكنه من ضمان مبيت له كلما أراد المجئ للقاهرة.
بالنسبة لعزت فإنه قد وهب نفسه لحياة القرآن، "بيقعد معايا ومع شيخه أكتر من أسرته"، لا يعني الصبي شئ سوى أن يُصبح قارئ عالمي، فيما يقف أستاذه بجواره دون ضيق، فيقول ضاحكًا "دا بيقولي أنا بسيّطك معايا".
فيديو قد يعجبك: