"غضب واستسلام".. أهالي شهداء "يناير" يعلقون على براءة مبارك
كتب-محمد زكريا ودعاء الفولي:
أغلقت محكمة النقض، اليوم، الصفحة الأخير في قصة محاكمة الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، إذ قضت ببراءته من قتل المتظاهرين في ثورة 25 يناير.
وبينما احتفل أنصار مبارك أمام أكاديمية الشرطة اليوم بالحكم، كان لأهالي شهداء الثورة ردود أفعال متفاوتة.
لم يكن والد شهاب حسن، يرغب بنزول ابنه إلى حرم الثورة، أكل الخوف قلبه، حاول منع ولده الذي كان يدرس بأكاديمية الفراعنة، غير أن الشاب الراحل أصر على المشاركة، فذهب إلى ميدان التحرير يوم الخميس، وكرر الأمر في جمعة الغضب 28 يناير 2011، وهناك لقى مصيره.
رصاصة اخترقت الجانب الأيمن من رأس شهاب لتخرج من الأيسر، فيما هو يحمي المتحف المصري. "دخل المستشفى وفضل هناك لحد 4 فبراير ثم توفي،" يقول الوالد.
منذ تلك اللحظة كرّس الأب وقتا طويلا لمتابعة ما يجري في محاكمة مبارك، على أمل عودة الحق، ومع صدور حكم أولي عام 2012 على مبارك بالسجن 25 عاما، رُدت الروح إليه. لكن بعد ست سنوات قضى حكم اليوم على أي رجاء. "حسبي الله ونعم الوكيل فيهم.. هناخد حقنا من مبارك في الآخرة".. يقولها الأب باكيا.
في المقابل لم يحتفظ باسم بسيوني بأي بادرة أمل في محاكمات الرئيس الأسبق، فمع طول مُدة التقاضي "فقدت الاهتمام أصلا".
بسيوني هو شقيق المُعيد الراحل بكلية التربية الفنية، أحمد بسيوني، والذي قُتل يوم 28 يناير، بعدما خرج في مظاهرة في منطقة روض الفرج.
كانت الكاميرا هي أداة الشاب المقتول لتوثيق ما يحدث. اندفعت الأعداد الكبيرة في اتجاه ميدان التحرير، وهناك رأى أحمد شخصا يُصاب برصاصة في بطنه "ولما راح عشان يساعده اتضرب برصاصة في دماغه وتوفي".
خلال السنوات الماضية حصل رموز النظام الأسبق على براءات قضائية في أحداث الثورة، بداية من ضباط الشرطة ووصولا إلى مبارك. "وبكدة يبقى النظام كله زي الفل،" يقولها الشاب ساخرا.
صار باسم أكثر يقينا أن حق أخيه لن يعود، على الأقل ليس في الفترة الحالية.
14 عاما فقط هو عُمر الفتى الراحل إبراهيم رضا. لم يكن يعتزم المشاركة في التظاهرات المشتعلة في ميدان المطرية بالقاهرة، فقط ذهب لمشاهدة ما يحدث، لكن نصيبه كان خمس رصاصات أمام قسم الشرطة هناك أودت بحياته.
بعد الثورة سكن الخوف نفس والد الطفل الراحل "محدش بقى يقدر يتكلم عن الشهدا خلاص"، احتسب الأب ابنه شهيدا، كان يتابع المحاكمات من باب الفضول فقط.
اعتاد الابن الراحل العمل على "توكتوك" لمساعدة أهله، ورغم المسئولية التي تحمّلها منذ كان صغيرا، إلا أنه ظل بريئا لا يستوعب فكرة الثورة ولا الدم والموت.
في المقابل سيطر الاستسلام على والد أميرة سمير، حتى أنه لم يتابع وقائع المحاكمة، بل أخبره أحد أصدقائه ليرد الأب: "فوضنا أمرنا لله فيهم".
لم تشارك أميرة في التظاهرات. قُتلت داخل صالة منزل صديقتها في الإسكندرية، حيث كان المنزل بجانب قسم شرطة الرمل ثان. من فوق سطحه أطلق رجال الشرطة النيران على المحتجين الموجودين أمام القسم، لتخترق رصاصة طائشة جسد الفتاة ذات الـ16 ربيعا.
لا يسيطر الاستسلام بشكل كامل على عقل سمير، مازال الغضب يشتعل بداخله "هو القضاء عمل لنا إيه؟، لو كل دول مقتلوش ولادنا مين اللي قتلهم؟ مين اللي هياخد حق الناس اللي وقعت في الشارع؟"
أسئلة كثيرة لا يجد لها الأب إجابات، وما عاد ينتظر أن يُشفى غليله، بعدما أُغلقت القضية للأبد ببراءة من كان متهما رئيسا في نظر القضاء والقاتل الرئيسي في نظر قطاع عريض من الشعب.
فيديو قد يعجبك: