لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

١١ عامًا من الحب.. عمّ جبلي مسلم يحرس دير سانت كاترين

01:45 م الإثنين 18 ديسمبر 2017

جبلي حسن يحرس دير سانت كاترين

كتبت - شروق غنيم:
تصوير - روجيه أنيس:

في أول غرفة على يمين البوابة الرئيسية من دير سانت كاترين؛ يمكث عمّ جبلي حسن، حارس المكان، التحم ابن جنوب سيناء بالدير، بات جزءًا منه، يظنه الزائرون من السياح أنه راهب، يمنحونه انحناءة كتحية أو يقترب منه آخر لتقبيل يديه، رغم ارتدائه الزي البدوي التقليدي، لكن ما إن يخبرهم بديانته، أو يشاهدونه وهو يُصلي، حتى تتبدّل ملامحهم من فرط الدهشة "بيستعجبوا كيف بحمي الدير وأنا مسلم".

11 عامًا قضاها عمّ جبلي في رحاب الدير الذي يعود تاريخه إلى القرن السادس الميلادي، من أجل حمايته؛ يتفرّس ملامح الوافدين، يسأل عن مقصدهم، يفعل ذلك يوميًا دون كلل منذ أن أصبح حارس أمن للمكان العتيق، وداخل غرفته الصغيرة زاهدة التفاصيل بجانب البوابة، يمكث الرجل الستيني في وداعة.

هُنا في الدير، لا يشعر عم جبلي بأية غرابة، يُصلي ويتعبّد في ساحة المكان، بينما يدور قُداس كنيسة التجلي بالقرب من غرفته، ذابت أي فروق دينية بالنسبة له، حتى أنه لا يلتفت للأمر من الأساس، فيما أصبح رفيقًا للرُهبان اليونان "الرهبان هنا عامرين بالخير، مفيش حد بيتضايق إذا صليت أو بيتكلموا معايا في الموضوع أصلًا، هنا كلنا واحد".

1

انطلقت حياة عمّ جبلي من الدير الواقع أسفل جبل كاترين، أعلى الجبال في مصر وبالقرب من جبل موسى، أسر المكان قلب ابن جنوب سيناء، وحينما بلغ عامه الثامن، عمل الصبي آنذاك دليلًا للسائحين، يجوب بهم المكان، ويرافقهم في رحلتهم لصعود جبل موسى "عُمري اتفتّح هنا في الدير، كيف محبُّوش؟". لكن بعد 11 عامًا، وتحديدًا مع حلول نكسة يونيو ١٩٦٧، افترق عن الدير، وشّق طريقًا آخر لكسب الرزق كسائق أجرة.

دارت السنون بعمّ جبلي، نال منه الزمن وشابت طاقته في عمل القيادة، لكن حُب الدير كان لايزال شابًا وطازجًا في قلب الرجل الستيني، فقرر أن يختتم حياته في خدمته، وكأنه الملاذ، عاد مرة أخرى للعمل عام 2006 كحارس أمن "ولّفت خلاص على المكان وبقى بيتي".

يضحك الرجل الستيني من تكرار المُصادفات، إذ أتمَّ هذا العام 11 عامًا في صُحبة الدير، تمامًا مثل المدة التي قضاها دليلًا "حتى وصيت ولادي يدفنوني قريب من هنا".

تتوزّع مهمة تأمين الدير على أربعة أشخاص، من بينهما عم جبلي، من السادسة صباحًا تبدأ مُهمته وحتى الثانية عشرة ظهرًا، ويقضي يومًا واحدًا في الأسبوع بالكامل. يمتنّ لتواجده في المدينة السيناوية "لما أخرج براها بتخنق، هنا الدنيا آمان، مفيش زحمة ولا دخنة عربيات، الحياة هنا لسة محافظة على عفويتها".

unnamed

الدير هو عالم عم جبلي، ملكوته الذي يلوذ بِه بعيدًا عن زِحام الحياة، بينما انخرط هو مع العالم الخاص بالدير،  رغم ذلك تجد أنباء العنف الشرسة طريقها له، يعتصر قلبه حُزنًا، ويمتلئ  قلقًا لمجرد احتمالية اقترابها من الدير "بكون خايف حاجة تحصل ناحيتنا، خصوصًا بعد حادثة ضرب النار اللي حصلت من سنة قدام الدير ومات فيها واحد".

بمرور الأيام يتدفّق حُب الحارس الستيني للدير، وكلما اقترب رأى؛ عن كثب، يُتابِع ما يبذله الرُهبان في الخير "الناس هنا بتحب الدير، هو اللي بيسندهم وبيقف جمبهم، اللي محتاج مبيترددش وبييجي، بيساعدوا بعلاج وتموين وفلوس وكفن لو حد مات".

أما بالنسبة له، فإن حِبال الوِد لا تنقطع بينه وبين الرُّهبان مُطلقًا، حتى وإن سافروا إلى اليونان "بيتصلوا يطمنوا عليا أنا والدير".

ذات مرة نهر أحد الأشخاص عم جبلي "قالي كيف إنت مسلم وبتحمي مسيحيين؟"، ترك السؤال مرارة في قلبه "بتجاهلهم لإنهم ميعرفوش الدين كويس". فمعطيات الحياة مختلفة بالنسبة للرجل الستيني "هنا كلنا بنتعاون مع بعض، الرهبان نفسهم بيساعدوا أي شخص من غير ما يعرفوا ديانته، عشان كده بحب أكون وسطهم.. وسط السلام".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان