لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

دكتورة أميرة.. منحتها الدولة جائزتها "التشجيعية" وتركت أبحاثها "محلك سِر"

09:39 م الثلاثاء 24 يناير 2017

دكتور أميرة

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- يسرا سلامة وإشراق أحمد:

لم يفلح اعتراف الدولة رسميًا بأنها من أفضل الباحثين المصريين؛ حصلت دكتورة أميرة عبد المنعم عدلي عام 2013 على جائزة الدولة التشجيعية لمجهودها في بحوث أمراض السكر والدم عند الأطفال، غير أن أحدًا لم يلتفت لمشروعها بشكل ملائم.

لم تكن ترغب أستاذ طب الأطفال بمستشفى الدمرداش سوى أن يساهم ما تفعله في تحسين جودة الصحة في مصر، أسرت ذلك الحلم في نفسها منذ قررت خوض مجال البحث العلمي قبل قرابة 12 عامًا، ودبت ثورة يناير بها الأمل في تحقيقه بعد سنوات عجاف، لكن الأمور ازدادت سوءً، لحد أصابها بإحباط، هجرت معه طاقة العمل على الأبحاث بالقدر الذي مكنها من نشر 90 بحثَا علميًا في دوريات عالمية إلى جانب الأبحاث المحلية وهي لا تزال في العقد الرابع من عمرها.

عملت أميرة باحثة وطبيبة في مجال أورام الدم، لكنها فضلت التخصص في سكر الأطفال منذ عام 2005، انجذبت للمجال الذي يحيطه الغموض حتى الآن؛ لعدم التوصل إلى سبب المرض عند الصغار خلاف كبار السن، خاصة مع انخفاض سن الإصابة إلى الرضع بعمر ستة أشهر، وقلة الأبحاث في هذا التخصص مقابل ارتفاع نسب المرضى في مصر لتصل إلى 20% بحسب قولها. كلها أسباب دفعت الطبيبة لتركيز مشروعها العلمي في ذلك المجال، وكذلك قلب الأم كان محركاً لها "بتألم من شكشكة الأطفال خمس مرات للأنسولين ومرة للتحليل يوميًا"، لتتدرج في التطور العلمي من الماجستير إلى الدكتوراه والحصول على دبلوم من جامعة كارديف ببريطانيا (Cardiff university).

سنوات عكفت أميرة على العمل في محرابها، تحملت منغصات البحث العلمي في مصر، ووقوع المسؤولية الكاملة على عاتق صاحبه "الباحث هو اللي بيدفع تكاليف العينات الخاصة به والإحصاء وحتى النشر في دورية علمية"، وجدت البديل في الدوريات العالمية المجانية، لكن ما كان يزعجها بشدة هو عدم وجود قاعدة بيانات شاملة للأبحاث "المتسجل فقط رسائل الماجستير والدكتوراه ولو رسالة مفقودة ممكن تتعمل تاني".

لم تجد أميرة مُعين لحلمها حتى مجيء يناير وبشاير ثورته "كنت فرحانة جدا. حطيت آمال وطموحات كبيرة قلت إن الثورة هتبدأ تغير توزيع موارد الدولة خاصة أنه اتقال الاهتمام بالعلم هيبقى أولوية".

1

ظنت الطبيبة أنها لن تتعرض ثانية لروتين عقيم، فلن تواجه مرة أخرى كلمة "الميزانية خلصت" حين تحاول السفر لتمثيل مصر بالخارج "زي ما حصل مرة لما اختار مؤتمر علمي بأمريكا بحث ليا يتعرض بشكل شفوي ومعرفتش أسافر"، غير أن ذلك لم يحدث، فلا زالت لا تستطيع الطبيبة السفر إلى المؤتمرات إلا على نفقها الشخصية "الجامعة بتساهم فقط مثلا 5000 لأوروبا و2500 للدول العربية ده غير أني لو سافرت مرة مينفعش أكررها إلا بعد 3 سنين".

في الوقت الذي تسلل الغضب إلى نفس أميرة كانت تتابع حياتها بنمطية "بروح المستشفى الصبح، والعيادة بالليل؛ عشان أقدر أوفي ظروف المعيشة والأبحاث"، حتى أعلن عن التقدم لجوائز الدولة بعد توقف عامين عقب الثورة، ورغم تأخر ميعاد إعلان نتائجها حتى سبتمبر من ذلك العام إلا أن أميرة لم تفقد الأمل، ظلت تتواصل مع الأكاديمية، حتى تكللت فرحتها بالفوز بجائزة العلوم التكنولوجية المتقدمة التي تخدم المجال الطبي دون اقتسامها مع أحد كما جرت العادة، ورغم أنها الجائزة الثالثة لها في مسيرتها بعد جائزة محمد فخري في مجال طب الأطفال عام 2009، وجائزة ممتاز الصاوي عام 2010، إلا أن سعادتها بها مغايرة عما حصدته من قبل وفي عام 2014 –جائزة يحيي الجمل في أمراض الدم والأورام- كانت الطبيبة حينها بأمس الحاجة لما يُكذب إحساسها بعدم التغيير.

2

خمسة أبحاث تقدمت بها أميرة في جائزة الدولة، لم يكن تطبيقها أو الاستعانة بها بـ"المستحيل" خاصة أن أغلبها تعلق بالوقاية من مضاعفات مرض السكر عند الأطفال، وجميعها نشر في دوريات علمية عالمية.

"ولا أي بحث من دول تم تطبيقه في مصر".. ألقتها بحسرة الطبيبة الشابة، طمحت أن ينال أي منها مصير مختلف عن أبحاثها السابقة، حاولت أميرة تنفيذ إحداها في مستشفى الدمرداش، إذ تمكنت الطبيبة من عمل نظام كمبيوتر يُمكن من وجود قاعدة بيانات لمرضى النزف السريع أو الهيموفيليا، ومن ثم يمكن تحديد طبيعة المرض في مصر وعدد المرضى والميزانية التي يمكن تخصيصها، أعاق الأمر في البداية عدم وجود جهاز كمبيوتر "وبعد ما جبناه بالتبرعات" توقفت الفكرة لأجل غير مسمى "عشان مفيش موظف يدخل البيانات.. مفيش ميزانية له وكمان محدش هيتطوع للشغل ده". 

لا تنقطع الرسائل البريدية من خارج مصر، التي تخبر أستاذ طب الأطفال بالحاجة للاستفادة من أبحاثها، تذكر منها استعانة أطباء ببحثها عن أسباب تكلس الأوعية الدموعة لمرضى السكر "تواصلوا معايا واستعانوا بيه في بحثهم عن مرحلة المراهقين"، تشعر أميرة بالأسى لذلك، غير أن درجته صارت تقل بمرور الوقت، تجد عزاءها فيما تتعلمه من النشر الدولي "للأسف النشر العلمي بيدفن لو استمر بشكل محلي فقط، وللأسف ده بيحصل لأن الناس بتقدم أبحاث للترقية وبس"، وهو ما يزيد إحباط الطبيبة، فهناك أبحاث لا يتم الاعتراف بها لأنها لم تُنشر في دوريات معينة تحددها الكلية، فيما تقل درجة البحث كلما زاد عدد المشاركين فيه.

انتخاب رؤساء الأقسام وزيادة رواتب الجامعيين عبر ما عرف بقيمة الجودة لتكون 8 آلاف جنية حد أقصى لدرجة أستاذ، أثلجت صدر الطبيبة الشابة قليلا قبل أن تعود الأمور لما كانت عليه بعد عامين من الثورة، ودت الطبيبة لو أبدى أي من المعنيين رغبة في تغيير أوجه "البيروقراطية" في البحث العلمي، كانت تنتظر مما ظهر في تصريحات لمسؤولين في مجلس الشعب والشورى آنذاك، ربما تحدث "ثورة" في مجال الأبحاث.

3

تعلم أميرة تماما أن أزمة ميزانية البحث العلمي هي العائق الأكبر "لكن حتى النسبة المخصصة للبحث منها بيروح مكافأت ورواتب، وكمان مفيش أي إلزام بتطبيق الأبحاث الفائزة بجوائز الدولة التشجيعية".

لم تعد صاحبة الـ90 بحث دولي على عهدها "قللت جدا كتابة الأبحاث"، تذكر أخر مرة تقدمت بأبحاث للكلية عام 2014، استشعرت أن الاهتمام ليس على قدر التعب "هنا الباحث بيعمل كل حاجة.. لازم يمسح المكتب اللي بيقعد عليه ويتخانق مع الممرض عشان المريض ويشوف الميزان مكسور ولا لأ"، ففكرة التفرغ العلمي التي طمحت إليها حتى الأن ليست متاحة "مفيش حاجة اسمها أخد إجازة عشان بشتغل على بحث مهم".

رغم حالة الإحباط التي تُكنها أميرة وتلخصها في كلمات "الثورة حلم ضايع" تلفظها بعد تنهيد عميق، وفكرة السفر للخارج التي لجأ لها الكثير ومن بينهم زوجها قبل نحو 5 سنوات "خد القرار بعد الثورة.. هو دكتور قلب وللأسف ملقاش اللي تمناه"، غير أن الطبيبة الشابة لا تقدر عليها، سافرت العديد من البلاد من أجل التعلم وليس للاشتغال، حتى أنها رفضت عرض للعمل في السعودية براتب شهري 60 ألف ريال، لكنها تذكرت بكائها في ردهات مستشفى الدمرداش "أنا بحب الجامعة وعيانين الدمرداش.. الناس الغلابة خدمتي ليهم أولوية وخدمة وطني من خلالهم.. ولو حسيت بالظلم في بعض الأحيان مش معناه أني مش بحب بلدي".

تابع باقي موضوعات الملف 

''توفير الطاقة''.. قصة مشروع نفذته ألمانيا وأهدرته مصر بالروتين

2017_1_24_15_38_23_856

بعد 6 أعوام من الثورة.. تفاصيل إجهاض أول مشروع لـ''الصحة النفسية'' للشرطة

2017_1_24_20_50_26_165

''الفن ميدان''.. لماذا لم يعد ''الشارع لنا''؟

2017_1_24_13_49_54_439

مصور مقتل ''شيماء الصباغ''.. مشوار أوله ''ثورة'' وأخره ''هزيمة''

2017_1_24_19_1_55_475

أكاديمية التحرير.. لماذا توقف مشروع تعليمي ''من ريحة الثورة''؟

 2017_1_24_23_58_40_303

تطوير العشوائيات.. مشروع على جناح الثورة هدمته الحكومة

2017_1_24_22_40_58_589

فيديو قد يعجبك: