اللاجئون "مُنعمين" في حديث السيسي.. "مطحونين" في روتين الدولة
كتبت-رنا الجميعي:
بالقمة المنعقدة حاليًا بنيويورك تحت اسم "المهاجرين واللاجئين"، أشار الرئيس "عبد الفتاح السيسي" في كلمته أمس بالأمم المتحدة، أن مصر تستضيف 5 ملايين لاجئ مسجلين وغير مسجلين، تعمل الدولة على توفير حياة كريمة لهم، وخدمات بالمساواة مع المصريين، فيما دعا المجتمع الدولي إلى محاربة الهجرة غير الشرعية، فيما صار اللاجئون على طاولة العالم، يتباحثون أمره، يُحاول مصراوي عبر هذا التقرير رصد واقع اللاجئين بمصر، ومعرفة الأزمات التي يقابلونها مع الدولة، بمشكلات الإقامة، العمل، الغذاء والصحة.
بينما صرّح السيسي بأن أعداد اللاجئين التي تعدت حاجز المليون، ظهر على موقع مفوضية اللاجئين أن عدد اللاجئين لا يزيد عن 230 ألف شخص، منهم ،حتى يناير 2015، 160 ألف سوري، وتتعدد الجنسيات بين سوريا، السودان، الصومال، أثيوبيا وبلدان أخرى.
ركز السيسي في كلمته أمس، على أن الدولة تعمل على توفير سبل المعيشة الكريمة لهم دون عزلهم في معسكرات أو مراكز إيواء، فيما يتمتع العديد منهم بمعاملة مساوية للمواطنين المصريين في خدمات التعليم والصحة والسكن، يقول "فراس الحاج يحيى"، حقوقي سوري مهتم بشئون اللاجئين، إن العديد من السوريين ذوي مشكلات الأمراض المزمنة مثل السرطان أو الكلى، يجدون صعوبة بالغة للحصول على موافقات العلاج الحكومي المجاني "على الرغم من مساواة السوري بالمصري بالاستفادة من الخدمات الصحية"، بالإضافة إلى أن مفوضية اللاجئين لا تقدم لأصحاب الأمراض الصعبة والمرتفعة أي دعم طبي أو علاجي.
في إحدى الحوارات للمتحدث الرسمي باسم المفوضية السامية لشئون اللاجئين بمصر، صرّحت "مروة لاشين" إن أكبر المشكلات التي تواجه اللاجئين بمصر هو تحفظ الحكومة المصرية على بعض النقاط في اتفاقية اللاجئين 1951، الخاصة بالسماح للاجئين بالعمل، ونتج عن ذلك اتجاه البعض إلى سوق العمل غير الرسمية، كما أن اللاجئين غير السوريين لديهم مشكلة خاصة بالتعليم، حيث تحفظت الحكومة أيضًا على المادة الخاصة بمساواتهم بالمصريين بالتمتع في الخدمات التعليمية، فأصبح هناك عائق التحاقهم بالمدراس الحكومية بسبب اللغة.
يُضيف "فراس" أن أبرز المشكلات التي تقابل السوريين بمصر، هو التعقيدات وكثرة الأوراق المطلوبة للحصول على إقامة وفرض فيزا على دخولهم، كذلك عدم اصدار تسهيلات للم شمل الأسر السورية، فيما يعتبر أن الأزمة الحالية في تقنين أوضاع السوريين الذين دخلوا عن طريق السودان، يقول الحقوقي السوري إن أوضاع هؤلاء يتم تقنينها من قبل السلطات المصرية، بعد تسجيلهم لدى مفوضية اللاجئين، وتستغرق هذه العملية قرابة الثلاثة أشهر، يعيش فيها اللاجئ بشكل غير قانوني "وربما يتعرض للتوقيف بسبب دخوله غير الشرعي"، ويترتب على تلك المشكلة عدم السماح لهؤلاء اللاجئين بتسجيل أبنائهم بالمدارس المصرية إلا بعد تقنين الأوضاع.
من بين المشكلات التي تواجه السوريون، يقابل السيدة "روضة محمد" أزمة خاصة برغبتها مغادرة مصر، وصلت مع أطفالها الثلاثة بطريقة غير شرعية، التي طالب بشأنها الرئيس محاربتها من قِبل المجتمع الدولي، جاءت روضة عبر السودان، ووصلت إلى القاهرة منذ 20 يومًا، وبسبب انفصالها عن زوجها، لا تريد الآن سوى العودة إلى سوريا "ما لي حدا هون، أهلي هناك، بدي أرجع لبلدي"، فيما ذهبت إلى مجمع التحرير للسؤال عن كيفية مغادرة البلاد، أشاروا إليها أن وجهتها لسفارة سوريا، غير أن السفارة رفضت مساعدتها، قائلين أن مصلحة الجوازات والهجرة المصرية هي المسئولة عن الموافقة على مغادرتها، بينما تقع روضة وسط روتين المؤسسات، تسكن لدى أسرة سورية يسألوها عن موعد رحيلها، "وما فيه أي دخل إلي"، كل رغبتها تتمحور حول العودة، بينما تغلق مصلحة الجوازات أبوابها في وجهها "قالولي بدك ترجعي متل ما جيتي"، ويظل الحل الوحيد حتى الآن أن تعود بنفس الطريقة غير الشرعية التي قدمت بها "بتكلفني رجعتي ألف دولار وأنا ما معي أي شي".
وفقًا لتقرير منظمة المرأة العربية حول وضع اللاجئات والنازحات بالوطن العربي، تناولت إحدى المشكلات الخاصة بالغذاء في مصر، حيث تم حذف عدة آلاف من اللاجئين من القواسم الغذائية، بسبب تخفيض المساعدات منذ يناير 2015، وتذكر الدراسة أن المفوضية أجرت دراسات دقيقة عن الوضع المعيشي في مصر، وتبين أن تكلفة 3000 جنيه للأسرة اللاجئة تكفي للعيش الكريم، بخلاف ذلك قامت الدراسة بإجراء تقييمات للأسر، وتبين أن حوالي 60% من اللاجئين لا يتحصلون على نصف القيمة أصلًا.
اللاجئين السودانيين.. عنصرية وتهميش
يصل أعداد اللاجئين السودانيين إلى 23 ألف، ثاني أكبر عدد للاجئين بعد السوريين داخل مصر، وتناولت عدة تقارير صحفية حال السودانيين، الذي يقل في الأهمية عن السوريين، حيث يعانوا من سوء معاملة الحكومة المصرية والخدمات المدنية، وتبعًا لموقع "نون بوست" فإنهم يشتكوا من عنصرية ضدهم في التعاملات الحياتية، كما يفرض عليهم قانون العمل المصري الخاص بالأجانب شروط تعجيزية، ويقع ثمانية آلاف منهم ملتمسو اللجوء حسب موقع مفوضية اللاجئين، وفي سبتمبر 2014 نظمت لجنة لاجئي وسط وشمال وشرق السودان وقفتين احتجاجيتين أمام مفوضية اللاجئين، بسبب التمييز العنصري وعدم اعتراف البنوك ووكالات تحويل الأموال وبعض إدارات التعليم ببطاقات اللاجئين الصادرة من المفوضية.
أكّد على بعض تلك المشكلات أحد الباحثين المكلفين بدراسة اللاجئات في الوطن العربي، "محمود عليبة"، ومن خلال لقاءاته مع سودانيين، تمكّن من معرفة بعض الأزمات التي يقابلونها بمصر، من بينها العنصرية، بالإضافة إلى عدم الاعتداد بتقديمهم لبلاغات داخل أقسام الشرطة "بنسبة كبيرة السلطات المصرية ترفض عمل البلاغات عن سرقة أو أي حاجة تانية"، كما شعر عليبة بالتهميش القائم لدى اللاجئين غير السوريين، وشرح أن سبب تلك الحالة التي يحسها السودانيون والصوماليون وغيرهم، بسبب قلة المساعدات الموجهة لهم من قِبل المفوضية، حيث أن حجم المساعدات الأكبر موجه للسوريين.
تشير لنفس تلك المشكلات الأستاذة شادية، وهي مهتمة باللاجئين السودانيين، تحكي عن تجمع كبير لهم بمنطقة التبة في مدينة نصر، تقول عن هذا التجمع إنه لا يتحصل على مساعدات، وإذا كان فيه فهي شحيحة للغاية "مفيش فرص عمل ومفيش أي ورق معاهم، ولا بطاقة المفوضية، واللي معاهم البطاقة ممكن المفوضية تديهم مساعدات لمدة شهر وبعدها شهرين لا".
فيديو قد يعجبك: