فرقة "يلالان".. عبير فلسطيني على أرض مصر
كتبت-رنا الجميعي:
على أصواتهم يستعيد المستمعون زمنًا مضى، كانت فيه القضية واضحة مثل الشمس، تسمت فيه الأشياء بأسمائها، معزوفات تنطلق من آلاتهم تُخبر عن وجع مستقر بالقلب، ممزوج بأمل باقي في الصدر، وخلال يومين قضوهم فرقة "يلالان" الفلسطينية بمصر لأول مرة، بمنتصف شهر رمضان، متنقلين بين القاهرة والأسكندرية، ليتغنوا بالتراث الفلسطيني، ويُذكّرون بتراث مصري من سيد درويش و محمد عبدالوهاب حتى الشيخ إمام ومارسيل خليفة، هبّت نسمات عربية على أثرهم، تُرجع ذاكرة باقية بين البلدين، تحت رعاية السفارة الفلسطينية.
"يا زريف الطول يوم اللي غربوك.. شعر راسي شاب والضهر انحنى".. تنغّمت "يلالان" على المسرح المكشوف بدار الأوبرا المصرية، بتلك الأغنية التي تُعد من لآلئ التراث الفلسطيني، وسط حضور كثيف من أبناء الجالية الفلسطينية، تغنت الفرقة بمجموعة من الأغنيات فيما يُشبه "الكوكتيل"، ينتهوا من واحدة حتى يلضموا موسيقاها بما تليها "بحب المقامات اللي بنغنيها: يا زريف الطول، على دالعونا، وع اليادي"، يقول "إبراهيم نجم" -عازف الكونترباص والعود-
"في حب الموسيقى"
استمرت فرقة "يلالان" لإحدى عشر عام حتى الآن، مدة زمنية تمكّن الأصدقاء خلالها من الحفاظ على حُلم جمعهم عام 2005، وهم طلبة يدرسون بالمعهد الموسيقي "كانت الفكرة إنه مجموعة طلاب الموسيقى يمارسوا اللي اتعلموه بأرض الواقع"، يتعرضوا فيها لكل أنواع الفن، يُضيفون من روحهم عليها "بنغير في التوزيع بس المادة الأصيلة بتضل أصيلة".
"يلالان" هي كلمة مستوحاة من الموسيقى الأندلسية، تُشكل حلقة وصل بين الجمل اللحنية القصيرة والطويلة، مثلها كمثل "أمان" و"يالالي"، أدّت الفرقة أول حفل لها بقصر رام الله الثقافي، انضم لهم نجم مع العرض الثاني، تبرز القضية الفلسطينية بوضوح فيهم "احنا 13 كل واحد فينا من مدينة"، ليست بالسهولة تجمعهم معًا، يستلزم البعض اتخاذ تصاريح للعبور، أما بالنسبة لقاطنو الضفة الغربية من مدن مثل الخليل ورام الله وبيت لحم "بيكون سهل نقابل بعض".
تتدرب الفرقة بالمعاهد الموسيقية، أما مسألة اصدار تصريحات من الاحتلال الإسرائيلية فهي اشكالية تُقابلهم من وقت للآخر "مرات يطلع لحد معين وحد لا"، ولا يُوجد مبرر معين لوقف تصريح "الاحتلال كله تعسف، وتبع المزاج".
كان لفرقة "يلالان" حضورهم بعدة مهرجانات وعروض داخل فلسطين، منها مهرجان ليالي الطرب بالقدس، يقول نجم إنهم حاضرون كل سنة بمعظم المهرجانات، ولكن توقفوا خلال فترات الحرب على غزة، وفي إحدى الحروب أقاموا مُبادرة مكونة من أربع عروض، قرروا أن يكون ريع الحفلات لمستشفيات غزة، لا تُوجد خصوصية لحفلة بعينها بالنسبة لنجم "بتخيّل إنه مش المكان أد الناس، بنحب نغني للناس".
غير أن حفلتي القاهرة والأسكندرية لهم مكانتهم الخاصة، هي المرة الأولى للفريق خارج فلسطين، كأنها "جائزة" حصلت عليها الفرقة بعد 11 سنة من الغناء للشيخ إمام وسيد درويش، يقول نجم "طول الوقت بنغني لمصر، كل الوطن العربي موروثه مصري".
بضعة أيام قضتهم "يلالان" بمصر، خلالها قاموا بعمل مشترك مع فرقة "اسكندريلا"، كانت المرة الأولى التي تتقابل فيها الفرقتان، اللذان يتشابها "شربنا من نفس النيل موسيقيًا"، يصف نجم التعاون بينهما "كان لقاء فكري عالي، عملنا بيومين حاجة عاوزة أشهر".
هدف وحب للموسيقى جمع بين الثلاثة عشر عضو، رغم اختلاف ظروفهم الاجتماعية، تمكنوا من البقاء سويًا، يشرح نجم السر في ذلك "مافي وان مان شو"، تبحث الفرقة وراء الأغاني المُحافظة على الموسيقى العربية، كما تُعبر عن الوضع الاجتماعي كأغاني الشيخ امام وسيد درويش "كانوا سابقين الزمن موسيقيًا وكلامهم بيعيش"،كما كانت لهم أغانيهم الخاصة، ألّف نجم كلمات أول أغنية للفرقة هي "لما يكون"، بعام 2006، تتحدث الأغنية عن الوضع المعيشي بالضفة الغربية "لما السور حواليك يدور داير ما يدور، توصل مدى ما تعرف حدى ولا تسمع صوت، فحضرتك في الضفة الغربية".
تُسجّل الآن الفرقة أول ألبوم لها "دي الحاجة المسيطرة علينا"، بدأوا في العمل عليه منذ ثلاثة شهور، وحين جاءت دعوة مصر لم يترددوا في قبولها "منقدرش نقول لا، وهلأ راجعين نكمل".
فيديو قد يعجبك: