ما بعد مظاهرات جمعة الأرض.. ماذا سيحدث؟
كتبت-رنا الجميعي:
اتسعت شوارع مصر لتضم المتظاهرون إليها مرة أخرى، ردد الصدى هتافاتهم بعد صمت طال "بالطول بالعرض احنا أصحاب الأرض"، امتدت الهتافات ليصل مداها إلى "ارحل"، و"الشعب يريد اسقاط النظام"، بدا للبعض أن روح ثورة يناير ترفرف في الأجواء، بين تظاهرات طلعت من مناطق متفرقة بالمحافظات، لمشهد كبير تبلور أمام نقابة الصحفيين، آلاف من أصحاب الحركات السياسية، والمستقلون عن الأحزاب، المشهد جاء مفاجئًا وغير متوقع، يُعيد سيرة عطرة بين جموع الشعب، ولكنه لا يجزم بما سيحدث خلال الأيام القادمة.
"هي أشياء لا تشترى".. هو عنوان بيان حركة ستة إبريل، التي أعلنت من خلاله مشاركتها لاحتجاجات "جمعة الأرض"، يوم 15 إبريل الماضي، دعوات الاحتجاج التي كثرت على مواقع التواصل الاجتماعي، لقت صداها بحشد الحركة، والاشتراكيون الثوريون حيث دعت كل القوى السياسية للانضمام للاحتجاجات، ودشنت ستة إبريل حدث إليكتروني باسم "على جثتنا" للدعوة من خلاله لمظاهرات الجمعة، معلقًا يقول "زيزو عبده"، أحد أعضاء حركة ستة إبريل، أن الدعوات ليوم الجمعة جاءت بشكل فردي، ولم يكن هناك تنسيق قوي بين الحركات، لكن من الملاحظ أن حالة التضامن تزايدت مع الوقت، من بينها بيان حزب الدستور، مساء الخميس الماضي، الذي جاء في نصه " إن حزب الدستور يتضامن ويدعم كل التظاهرات السلمية التي ستحتشد غدا رفضا للاتفاقية، ويعلن أنه يمنح قياداته و أعضاءه المشاركين غدا فى الوقفات السلمية الاحتجاجية غطاءه السياسي الكامل، كما يمنح دعمه القانوني في تظاهرات الغد لجميع المتظاهرين السلميين سواء كانوا أعضاء في الحزب او من غير أعضاء الحزب".
شاركت هبة محفوظ في فعالية "جمعة الأرض"، غير أنها تفاجئت بالأعداد الحاضرة، وجدت أن صديقتها التي قدمت للمشاركة، لم تكن وحدها، جاء معها والديها وأختها وأصدقائها "أصحاب أختها دول عمرهم ما حضروا مظاهرة قبل كدا"، كذلك لاحظت وجود سيدات كبار السن وآخرون ممن وصفتهم بـ"الفلول"، اعتبرت هبة الموقف غريب لكن ترجمته تعنى أن "الموضوع يهمنا كلنا وخط أحمر"، فرحة ملأت نفس الفتاة العشرينية لمّا وجدت رفاق الثورة يوقعون في دفتر الحضور "كنا فاكرانا خلصنا"، تقول ساخرة، كذلك شاهدت بعض "الهتيفة" ممن خرجوا حديثًا من السجن.
الحشود التي تجمعت يوم الجمعة كانت دليل على إمكانية عودة الشارع من جديد، مع ارتفاع سقف الهتافات، حيث هتفت الجموع "يسقط يسقط حكم العسكر" و"الشعب يريد اسقاط النظام"، دلالة ذلك حسب "زيزو" أنه طالما كان الفساد والظلم قائم ستعود تلك الهتافات "الشعب لا يقبل بالحد الأدنى للهتافات"، يُشير عضو ستة إبريل أن الأعداد المشاركة معظمها كان من المستقلين.
المفاجئة لم تكن فقط بسبب الأعداد بالنسبة لهبة، اندهشت أيضًا من الهتافات، ترى المتظاهرة أن الشعارات يجب أن تكون محددة للسبب الذي نزلوا من أجله، غير أنها تفهم تفسير تلك الهتافات "معناها ان احنا قرفنا، ولسة فيه معتقلين بالسجون".
لا يُوجد كتالوج تمشي به التحركات السياسية بمصر، هكذا يرى زيزو، الدعوات القادمة أعلنت عن تنسيق بين القوى السياسية لفعالية 25 إبريل، ثُم تنظيم قافلة شعبية إلى جزيرتي تيران وصنافير لرفع علم مصر هناك، ولم تُعلن بقية التفاصيل بعد، لا يُمكن معرفة ما ستتنبأه الأيام، يُكمل عضو ستة إبريل، "في مصر المواقف مش بتتحسب على أد ماهي اثبات مواقف"، تستبشر هبة بالتنسيق الذي يتم بين القوى السياسية "أول مرة أشوف تنسيق بالشكل دا، حزب الدستور عامل غرفة للمتابعة، وستة إبريل تنزل في بيانات".
تشغل القضية بال حسن فتحي، هو مواطن لا يتبع الأحزاب السياسية، القضية كبيرة بالنسبة له، ولكنه لا يرى أن المظاهرات ستجدي نفعًا، يُتابع مناقشات الإعلام فيما حزم أمره أن الحل بيد الشعب "بيع مش بيع نص الدستور بيقول إنه لازم يطرح استفتاء على الشعب ويقول كلمته".
لا يضع فتحي ثقته في أي من مؤسسات الدولة الآن، كذلك الأحزاب السياسية، لا يرى أن هناك من يعمل "عشان مصر"، أما هو وغيره فكل ما يريدوه هي مصلحة البلد، وبالوقت الحالي لا يعتقد أن مجلس النواب يُمكنه انصاف الشعب.
قضية التنازل عن الجزيرتين هو أمر اهتم به المواطنون، أن يصل الأمر لجدال يعتمل بنفس والدة هبة، لهو أمر جلل، فهي سيدة انتخب الرئيس عبد الفتاح السيسي، وضعت ثقتها فيها، لكنها مع المناقشات الإعلامية المتصارعة بين القنوات، وبعد أن تطمئن قليلًا لأحدهم، تجد آخر يشككها بأحقية الجزيرتين مرة أخرى، الأمر المختلف أيضًا هذه المرة هو تعامل الأمن، لم تترك هبة نفسها فريسة الفضول لمعرفة عقلية الأمن، ذهبت لسؤال قائد تأمين مظاهرة النقابة "سألته هو انت شايفنا فعلا خونة"، تناقشت معه، هو أمر جديد بالنسبة للفتاة التي لم تتحاور مع ضابط ذو رتبة من قبل "كنت بتكلم مع الأمن المركزي بس"، فالمطلب هذه المرة غير فئوي أو معني بالحريات "لقيته بيقولي أنا خدمت هناك"، أرادت فقط المتظاهرة أن تعرف ما يدور بعقلهم، ووصلت إلى "فيه أرضية مشتركة بس لسة فيه تشكيك".
روح الثورة التي وجدها البعض في مشهد يوم الجمعة، لا يُمكن الرهان عليه في رأي هبة، العفوية هي التي تحكم الأحداث "اتعلمنا من خمس سنين إن اللي بينفع مرة مينفعش مرتين"، كذلك لا تعتقد أن المظاهرات ستؤول لرد فعل جيد من السلطة "المظاهرات هي اثبات رسالة، ان احنا مش موافقين"، أما بالنسبة لزيزو فيأمل أن تصل الاحتجاجات إلى امكانية فتح المجال العام، وكسر هيمنة الداخلية، ما يعني مستقبلًا أن تكون هناك حياة سياسية بمصر، ولا تريد هبة أن يُكتب في التاريخ يومًا أن الشعب خنع "عشان ابني لما يدرس في كتب التاريخ يلاقي إن احنا عشنا في الفترة دي وأثبتنا رفضنا حتى لو اتباعت".
فيديو قد يعجبك: