لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

بعد الإجراءات الاقتصادية الأخيرة.. البطالة تَكسر "مجاديف" الشباب

06:08 م الثلاثاء 06 ديسمبر 2016

صورة أرشيفية لوقفة لحملة الماجيستير لعدم وجود عمل

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- محمد زكريا:

بعد أن تخرج هيثم ماهر من كلية الهندسة، التحق بالخدمة العسكرية الإلزامية، وفي مارس من العام الحالي كان عليه التخطيط لمستقبله المهني.

قبل أيام، أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، في بيان له، إن عدد المتعطلين عن العمل بلغ 3.6 مليون متعطل.

البطالة، وفقًا لمنظمة العمل الدولية، هي حالة الفرد القادر على العمل والراغب فيه ويبحث عن فرصة العمل ولا يجدها وليس له مورد رزق.

بعد أيام من انتهاء فترة التجنيد، تقدم ماهر للعمل كمهندس بإحدى شركات القطاع الخاص، بمرتب لا يتعدى 1300 جنيهًا شهريًا.

انخفاض الأجر أصاب صاحب الـ24 عامًا بغصة شديدة "ميسويش ربع مجهودي" غير أن اكتساب مزيد من الخبرات دفعه الاستمرار للعمل مدة أطول. قبل أن يقرر الانفصال عنه نهائيا، بعد قضائه 3 أشهر بالكامل "قولت أشوف فرصة أفضل".

لأشهر استمر الشاب العشريني في البحث عن عمل بديل دون جدوى "بقيت أقدم السي في بتاعي لـ3 أو 4 شركات في اليوم".

قبل أسبوع وصلت المهندس مكالمة تطالبه الحضور لمقر إحدى الشركات للاتفاق على شروط العمل "وأنا قاعد جت لصاحب الشركة مكالمة بتبلغه أن الخامات غليت فصاحب الشركة قال أنا هنسحب من المشروع كده".

مرت لحظات من الصمت قبل أن يوجه صاحب العمل حديثه للشاب "معلش يا بشمهندس، إحنا كده هنستغنى عن جزء من العمالة اللي عندنا" قبل أن يتوجه صاحب الـ24 عامًا للخارج دون أن يلتحق بالعمل.

ارتفاع الأسعار باستمرار وتخفيض الدولة للدعم مع تدني الأجور، أدى إلى إغلاق الكثير من الوحدات الإنتاجية؛ لما يزيد عن مليون وحدة صغيرة منذ العام 2008، وتوقف الكثير من المصانع عن العمل؛ إذ وصلت إلى 4600 مصنع بعد العام 2011 وحتى اللحظة لم يعمل منهم إلا العدد القليل، بجانب اشتغال غالبية المدن الصناعية بنسبة 20% فقط من طاقتها، وهو ما زاد من معدلات البطالة، حسب صلاح هاشم أستاذ التنمية والتخطيط بجامعة الفيوم.

رغم امتلاك "ماهر" لمزيد من المهارات التي تتعلق بطبيعة عمله كمهندس "بشتغل على برنامج اوتوكاد وفوتو شوب وسري دي ماكس"، يبقى الشاب حتى اللحظة دون عمل.

سببًا أخر يزيد من معدلات البطالة، يجده أستاذ التنمية والتخطيط، يتمثل في تراجع الدولة عن التعيين في الجهاز الحكومي. حال محمد بدر الذي يعمل صحفي بأحد المؤسسات الحكومية الكبرى منذ عام ونصف دون إبرام أي عقود أو تقاضي مرتب عادل.

حالة بدر تتفق مع منظمة الأمم المتحدة، في تعريفها للبطالة، على إنها الأشخاص فوق سن محددة ليسوا في وظيفة مدفوعة الأجر ولا يعملون لحسابهم الخاص ولكنهم جاهزون للعمل واتخذوا خطوات معينة سعيًا وراء التوظيف مدفوع الأجر أو العمل لحسابهم الخاص.

رغم انخفاض معدل البطالة خلال الربع الثالث من العام الحالي 2016 إلى 12.6 بالمئة مقارنة بنحو 12.77 بالمئة خلال الربع الرابع من العام الماضي 2015، إلا أن أعداد العاطلين زادت فعليًا على الأرض بنحو 22 ألف شخص، بحسب تحليل مصراوي لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

هو ما يبرره صلاح هاشم، بتراجع معدلات النمو أمام زيادة سكنية كثيفة، إذ تتراوح الزيادة بحوالي 2.6 مليون طفل ثانويًا، في مقابل معدل نمو صناعي ثابت تبلغ نسبتة 9% منذ الستينيات.

كما يتوقع أستاذ التنمية والتخطيط أن تتفاقم الأزمة نتيجة عدم وجود رؤية واضحة من جانب الدولة لإحداث تقارب بين تلك المعدلات.

منذ ما يزيد عن 9 أشهر، يبحث أحمد حسن- اسم مستعار- عن عمل مناسب. عدم وجود مصدر دخل ثابت، يؤرق الشاب العشريني كثيرًا.

إلا أن ضعف المرتبات التي تربطها الشركات المُتقدم للعمل لديها، منعت خريج كلية التجارة الالتحاق بأي منها حتى اللحظة "أقصى مرتب أتعرض عليا 1500 جنيه، دول أكل ومواصلات بس"، غير أن ارتفاع الأسعار الفترة الأخيرة زادت من أعباء ابن حي المطرية كثيرًا.

في الثالث من نوفمبر المنصرم، أعلن البنك المركزي المصري، تحرير سعر الصرف وفقا لآليات الطلب والعرض، والذي أدى إلى انخفاض قيمة الجنيه بمقدار 48%، مع زيادة الفائدة على القروض في البنوك حتى وصلت النسبة إلى 20% في بعضها.

يعتقد أستاذ التنمية والتخطيط، في حديثه لمصراوي، أن رفع سعر الفائدة في البنوك، سيؤدي إلى تراجع معدلات الاستثمار؛ وبالتالي ارتفاع معدلات البطالة "الناس مش هتتجه للاستثمار، وهتحط فلوسها في البنك؛ وده هيزيد معدلات التضخم، وهيقلل القوى الشرائية".

ويردف الأستاذ بجامعة الفيوم أن زيادة فائدة البنوك، تزيد من ديون الدولة الداخلية؛ نظرا لتوجيهها تلك الأموال في مشروعات خدمية بدلًا من مشروعات إنتاجية كبيرة تزيد من فرص العمل وتقلل من نسب البطالة.

مستشهدًا بحالة الكساد الاقتصادي التي عاشتها أوروبا في الثلاثينيات، وقتها قامت الدولة برفع الدعم من 3% إلى حوالي 11.8% وتحملت العبئ الأكبر من الأزمة المالية، حتى تزيد القوى الشرائية للمواطنين؛ وبالتالي ترتفع معدلات الطلب على السلع والخدمات، فتزيد معدلات الإنتاج، ويحل من تفاقم أزمة البطالة.

يعتقد الأستاذ بجامعة الفيوم أن "خفض الدولة للدعم، وقتل القوة الشرائية للمواطن المصري، جريمة في حق الاقتصاد".

اعتاد المهندس ماهر عدم تلقي تصريحات المسؤولين عن تحسن الأوضاع المعيشية على محمل الجد، الأمر لم يختلف لديه بخصوص تلقيه أنباء استهداف الحكومة خفض معدلات البطالة إلى أقل من 10% بحلول العام 2018.

فيما يتوقع صلاح هاشم أستاذ التنمية والتخطيط بجامعة الفيوم، أن ترتفع معدلات البطالة في المستقبل بما يعادل ارتفاع معدلات الفقر، إذ يقول أن "معدل الفقر زاد من 26.4% في العام 2015، وصل إلى 27.8% العام الحالي، وبالتالي متوقع أن تزيد معدلات البطالة بنفس النسبة تقريبًا من 12.8% بالعام 2015، إلى ما يزيد عن 14% في غضون الأشهر القليلة المقبلة".

فيديو قد يعجبك: