لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

أهالي "داريا" يروون لمصراوي قصة وداع الأشجار والطيور بعد تهجيرهم

08:13 م الثلاثاء 11 أكتوبر 2016

تهجير أهالي داريا

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- شروق غنيم:

تصوير- المجلس المحلي لمدينة داريا:

صفقة عقدها النظام السوري مع المجلس المحلي لمدينة داريا بعد مباحثات ومناوشات بين الطرفين، ليتم تنفيذها في سبتمبر المنصرم، على أن يتم إخلاء المدينة بالكامل من جميع المدنيين والعسكريين خلال 72 ساعة فقط، وذلك إذا رغبوا في الحفاظ على أرواحهم، ومن يبقَى يعلن عدائه مع النظام، كان هذا العرض بالنسبة للأهالي "صفعة"، لكن لم يكن بأيديهم أو الكيانات المسئولة عن المدينة حلًا آخر.

على دفعتين؛ غادر 25 باصًا يحمل أهالي داريا متوجهًا إلى إدلب المُحررة، دون طعام أو شراب "خرج الناس بملابسهم ودمائهم فقط"، قبل المغادرة بدقائق سرب من الطير حلّق عاليًا، تسمّر الأهالي في مكانهم، أعينهم تنظر بلهفة، وقلوبهم تتمنى أن يكون ذلك السرب بشرة بعودتهم إلى أرضهم مرة أخرى "تغيرت وجوههم فرحًا، ولكن قطع هذا المشهد الباصات التي كانت تقف أمامهم حتى يستقلونها ويخرجوا من داريا"، يصف أحد الشباب الذي غادر، أحمد أبو داريا -كما يحب أن يُطلق على نفسه- لـ"مصراوي".

كان مشهد الخروج ثقيلًا على الجميع، السيارات تهم بالمغادرة، أذان العصر يصدح في أنحاء المدينة، يقرر ما يقرب من مائة شاب النزول إلى الأرض ويؤدون الصلاة، ضباط الرئيس السوري بشار الأسد يقفون ويراقبون المشهد، أكفّة الشباب ترتفع وتدعو "اللهم أسقط النظام وانتقم من كل من دمر وخرب البلاد". انهمرت دموع البعض، تشوبهم مشاعر مضطربة، يفسرها أحمد "حزن وألم يتخلله فرح بفرج الله، الأيام الأخيرة كانت مأساة، قد يقضي الأهالي يومان دون طعام غير القصف، فكان الخروج ملاذًا لهم من تلك الظروف، لكن الخروج من حضن أمهم داريا كان صعبًا بالتأكيد".

صورة1

خياران فقط كانا أمام أهالي داريا، إما التوجه إلى "الكسوة" في ريف دمشق وتسوية أوضاعهم، وذلك عن طريق الاعتذار للنظام على كونك إرهابيًا خلال الفترة الماضية، وذلك للتمكن من العيش بشكل طبيعي في الأماكن التي يسيطر عليها النظام، أو التوجه إلى إدلب المحررة، 180 عائلة بالإضافة إلى العسكريين آثروا الخيار الثاني.

بعض الأهالي قرروا قبل الخروج إفساد أي فرصة للنظام بالاستمتاع بأمتعتهم التي تركوها "النظام سيدخل المدينة ويسرقها، لو بإمكانه اقتلاع الزفت من الأرض لفعل"، والبعض الآخر أبقوا على أشيائهم متمنين العودة، لذا لم يكن غريبًا أن يجدوا أحد الأشخاص يُعلق قارورة مياه أعلى النباتات التي يزرعها بشرفته، حتى تسكبها بالتدريج "قرر أن تنمو هي في غيابه"، رجل آخر يطل من الباص ويسأل من لم يصعد بعد؛ هل تركوا طعامًا للدجاجات والخراف قبل المغادرة؟ ما يقرب من 60 سيارة تُركت للنظام، الأطعمة المتبقية بالمنازل أيضًا "كأن الحياة ستستمر بعدهم".

على مدار خمسة أعوام من حصار خانق، كانت تتقافز ثلاثة أسئلة بذهن أهالي داريا؛ "كم شخص قد استشهد؟ أديش حجم تقدم الجيش تجاهنا؟ شو متوفر حتى ناكله؟"، يروي شادي مطر، عضو المجلس المحلي لمدينة داريا، لـ"مصراوي" كيف كان يستقبل الأهالي في مساحة 2 كيلو متر ما يقرب من 9 آلاف برميلًا متفجرًا ونابالم خلال تلك السنوات -بحسب توثيق فريق المجلس- وهو ما كان عاملًا في موافقة الأهالي على المغادرة، قبلها كان المجلس يسعى مع النظام على إبقاء الأهالي، لكن الأخير أصر "على تهجير جميع السكان"، لذا عمل المجلس على تأمين مخيم للأهالي النازحين إلى إدلب، كما تواصل مع المنظمات الإغاثية لمساعدتهم.

صورة2

"لولا أن الإنسان خلق بطبعه متأقلما مع الحال التي يعيشها، لكنا جميعًا إما أموات أو مختلين عقليًا" يصف أحمد معاناة الأهالي، كل شخص في المدينة أصبح مشروع شهيد، المعارك تدور ليلًا ونهارًا -النساء والأطفال دائمًا بالأقبية يحتمون من القصف- "ورغم ذلك يقع شهداء"، 80% من الناس انتابتهم حالات مرضية بسبب نقص الغذاء، وأصبح من الصعب إيجاد عائلة سليمة "إما أُصيب أحد أعضاؤها، أو مرض أو اعتقل، أو قُتل"، لذا كان يتوقع أحمد أن المدينة على أعتاب "مجزرة مُحتمة"، لكن رغم ذلك لا تزال أفئدة الأهالي مُعلّقة بداريا، ويراودهم حلم العودة إلى أرضهم مرة أخرى "خسرنا الجغرافيا، لكننا سنعود فاتحين للمدينة، نعمرها بإيدينا ونقضي آخر لحظات عمرنا بها".

فيديو قد يعجبك: