لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

هل تُحسن زيارات "القومي لحقوق الإنسان" للسجون حال المُعتقلين؟

06:14 م الثلاثاء 01 سبتمبر 2015

حافظ أبو سعدة

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت-هاجر حسني ودعاء الفولي:

خلال عام 2014، قام المجلس القومي لحقوق الإنسان، بسبع زيارات لسجون مختلفة؛ بين وادي النطرون، طرة، دمنهور وطنطا، وتباينت أسباب الزيارة بين الاطمئنان على صحة المضربين عن الطعام، أو تفقد أحوال المساجين بناء على شكاوى الأهالي أو المنظمات الحقوقية، فيما تحدثت التقارير الصادرة عن المجلس عن تردي الأوضاع الإنسانية بداخل بعض تلك السجون، كوادي النطرون وقالت عن سجون أخرى إن الوضع فيها "على ما يرام" كما جاء في تقرير المجلس عن سجن العقرب المشدد الحراسة، وقد اتهم البعض تقرير المجلس بعدم الشفافية فيما يتعلق بأوضاع المعتقلين، ونفى أعضاء الوفد ذلك، بينما يبقى تساؤل؛ هل تكفي زيارات المجلس ونقله ما يحدث بالداخل لتحسين أوضاع المحتجزين.

في يناير2014، تم اتهام 42 طالب من جامعة القاهرة بارتكاب أحداث شغب، في القضية رقم 369، جنايات جيزة. من ضمن المقبوض عليهم كان أحمد عبد الفتاح، طالب السنة الأخيرة بطب قصر العيني، حيث تم ترحيله إلى قسم الجيزة ومنه إلى معسكر الأمن المركزي بالكيلو 10.5، ثم وادي النطرون، وأخيرا سجن طرة؛ أثناء تلك الرحلة عايش الشاب العشريني "ظروفا قاسية" داخل السجن، لم يخفف وطأتها زيارات المجلس القومي لحقوق الإنسان التي عايشها أيضا.

قضى عبد الفتاح معظم فترة الحبس التي استمرت لثمانية أشهر في ليمان 430 بسجن وادي النطرون. في البداية تم التعاطي معهم كالجنائيين "تم تجريدنا من كل شيء وجز شعرنا ومُنعت عنا الزيارة لمدة تزيد عن أسبوع في زنزانة يستوطنها الصراصير.. كنا نخاف أن نغلق المصباح لئلا تزحف علينا".

جنة طرة ولا نار وادي النطرون

يذكر عبد الفتاح أنه في 31 مايو، اقتحمت القوات الخاصة الزنازين بـ"وادي النطرون" وتكالبت بالضرب والتعذيب على المعتقلين، لدحض ما سُمي حينها بـ"ثورة السجون"، وعقب ذلك التاريخ مُنع عنهم التريض والعلاج وكانت زيارات الأهل لا تزيد عن 10 دقائق.

بينما كان الشاب العشريني في وادي النطرون، زار القومي لحقوق الإنسان السجن في مارس 2014، وصرّح وقتها صلاح سلّام، عضو المجلس، أنهم التقوا بجميع المسجونين وكانوا يشكون من المضايقات كنزع ملابسهم والمعاملة الخشنة، وأقر أيضا بوجود صراصير في مخزن الطعام بالسجن وتم تنظيفه أثناء الزيارة، إلا أن عبد الفتاح لم يلمس أي تغير طرأ على أوضاعهم عقب رحيل المجلس أو حديثه عن السجن، لكنه يقول إن قسم الجيزة الذي اعتاد المكوث فيه قبل كل جلسة قد نقل المساجين السياسيين بزنزانة بعيدا عن الجنائيين بعد ضغط من الجهات الحقوقية التي زارته وقابلهم أحد الشباب التابعين للأحزاب ممثلا للمعتقلين.

مكث الشاب العشرين بسجن طرة لمدة 17 يوما، كي يحضر اختبارات الكلية هناك "هو فندق بالنسبة لوادي النطرون"، فقد كان الطعام أفضل وهناك فرصة للتريض والمياه متوفرة دائما. انتشر خبر قدوم المجلس القومي للسجن، لكنه لم يقابلهم أيضا، فقد كانت اللجنة آتية تحديدا لرؤية محمد سلطان وعبد الله الشامي ومعرفة حالتهما الصحية، غير أن جودة طعام السجن تحسنت في ذلك اليوم، وتم منع المعتقلين من التريض "كي لا نُحدث صخبا في ساحة السجن"، على حد قول طالب الطب.

محمد رمضان، المحبوس بسجن العقرب، ليس أفضل حالا من عبد الفتاح. تم القبض على الشاب البالغ من العمر 24 عاما، في مارس 2014، وظل مختفيا لثلاثة أشهر، قضتهم الوالدة سمية حنفي في البحث المحموم عنه، مع تقديم حوالي 10 بلاغات للنائب العام تُفيد باختفاءه "لحد ما قالولي إنه موجود عشان يتحقق معاه في العباسية ولقيته مضروب ومتبهدل"، قالت الأم، مضيفة أن أحد الضباط قال لها "لسة قابضين عليه امبارح بس".

تفاصيل الانتظار على باب العقرب

"عيالنا بتموت جوة" هي الجملة التي ظلت عالقة بذهن الأم عقب زيارتها الأخيرة، السبت الماضي. كانت تلك المرة الأولى التي تراه منذ خمسة أشهر، مُنع عن مساجين العقرب الزيارة دون سبب مُعين، وقبل تلك الأشهر كانت تستطيع الزيارة بصعوبة وبعد عدة محاولات "كنت بروح أمن الدولة عشان أجيب التصريح فيقولولي ضاع".

تفاصيل الزيارة التي ترويها الوالدة يعانيها أهل المساجين جميعا، على حد قولها، فهي تقف خارج باب السجن كل مرة عدة ساعات، ثم تدخل للتفتيش وتبدأ رحلة انتظار أخرى تستمر ساعتين، قبل رؤية الولد لمدة ثلاث دقائق، من خلف سور زجاجي، يراقبها ضابط يقف خلفها وآخر خلف رمضان، إذ تطمئن عليه من خلال سماعة هاتف.

"المجلس له صلاحيات محددة، والقانون يعطي للداخلية كامل السيطرة على الزيارة، الأوضاع صعبة وبنغزل برجل حمار"، قال حافظ أبو سعدة، عضو "القومي لحقوق الإنسان"، على صفحته بموقع فيسبوك، تعقيبا على زيارتهم الأخيرة للعقرب،وأوضح أبو سعدة لمصراوي، أن الزيارة تكون مرتبة مسبقا، فيكون للداخلية علم منذ التقدم بطلب للزيارة حتى يتم السماح لمجلس بزيارة السجن.

أضاف أبو سعدة أن المجلس حتى الآن لم يحصل على حق الزيارة المفاجئ للسجون وبدون إخطار، وهو ما كان يقصده عندما كتب على صفحته الخاصة أن هناك سيطرة من وزارة الداخلية على الزيارة لأنها تكون مخططة.

ولفت أبو سعدة إلى أن المجلس يحاول أن يستقي المعلومات الصحيحة عن الأوضاع بالداخل حتى ولو كانت الزيارات مرتبة وذلك عن طريق التحدث إلى السجناء مباشرة ومراجعة سجلات السجن.

لا تعتبر والدة الطالب عمرو ربيع، نزيل سجن العقرب أن السجلات دليلا هاما لأن "فيه أهالي بيتكتب لهم زيارة وهما مزاروش"، فرغم حصول بعض الأسر على التصريح من أمن الدولة، إلا أنهم مع وصولهم إلى السجن يتم تسجيلهم على الباب، ثم بالداخل ينتظرون لعدة ساعات قبل أن يتم إخبارهم أن آخر ميعاد لرؤية التصريح هو الثانية عشر ظهرا "وعقبال ما يفتحوا الباب يبقى الوقت عدى ومحدش يشوف التصاريح والناس تروح بس يبقوا سجلوهم في الكشف"، أوضحت الوالدة أنها عايشت ذلك الموقف مع مجموعة أسر من بني سويف.

"الإهانة مستمرة"

ليس الانتظار وحده ما يجعل الأمر صعبا على الأهالي خلال الزيارة، فالتفتيش كذلك مُهين، "الأمر أقرب للتحرش وأكتر من مرة نتخانق معاهم بسبب التفتيش الذاتي"، كان ربيع قد اختفى أيضا لعدة أشهر قبل العثور عليه "كتفه مكسور ومضروب"، كما تشرح والدته، بالإضافة للتعسف في إمداده والآخرين بما يحتاجونه من مستلزمات معيشية "بعد يناير اللي فات منعوا دخول الملابس وفرش السنان.. عمرو بقاله 8 شهور بيلبس بدلة السجن اللي متمنعش البرد ولا تحمي من الحر".

كان عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، محمد عبد القدوس، قد أصدر بيانا صحفيا، الأحد الماضي، تعليقا على تقرير المجلس عن زيارة سجن العقرب قائلا "اعتذرت عن حضور المؤتمر الصحفي الذي دعا إليه المجلس القومي لحقوق الإنسان، لتقديم التقرير الخاص بزيارة سجن العقرب، لأن لي وجهة نظر مخالفة، حول ما جاء في هذا التقرير وملاحظات عدة".

وحول منع الزيارات، أوضح عبد القدوس، أنه تلقّى شكاوى عدة من أسر سجناء الرأي، بأن باب الزيارة كان مغلقا طيلة الأشهر الماضية، خاصة بعد اغتيال النائب العام السابق، مضيفا "أبلغت المجلس بذلك، وكان هناك تلاعب واضح يتمثل في أخذ تصريح الزيارة وإثباتها في دفاتر السجن ثم منع العائلة صاحبة التصريح من الدخول، فيبدو وكأن الزيارة قد تمت. لكن إدارة السجن نفت تماما أن يكون هناك منع في أي وقت للزيارات، وهذا يتنافى مع الواقع".

"بيضة واحدة لكل مسجون"

منذ أن دخل كلًا من ربيع ورمضان سجن العقرب، ازدادت المعاناة بسبب الطعام، خاصة خلال فترة منع الزيارات "عمرو وصلت بيه لأكل قشر البرتقال من القحط وتنشيف العيش"، على حد قول الوالدة التي أضافت أنه حصل مع زملاءه على بيضة واحدة فقط لكل شخص، طوال اليوم الأول لعيد الفطر الماضي، أما والدة رمضان فقد أذهلها جسد ولدها الضعيف في الزيارة الأخيرة "لونه أصفر ومش عارفة أفهم عنده إيه ومفيش كشف طبي"، لذا تركت له 1700 جنيها في أمانات السجن كي يشتري بهم طعاما من "الكانتين"، فعلى حد تعبيرها "مش عارفة هزوره تاني امتى".

وعن احتمالية وجود نتائج مختلفة للزيارات المفاجئة عن تلك التي يقوم بها المجلس بعد تقديم طلب، قال أبو سعدة "من المحتمل أن يكون هناك نتائج مختلفة، فالزيارات المفاجئة ستسمح للوفد من التأكد من وجود الطبيب يوميا، نوعية الطعام المقدمة، ونظافة وشكل أماكن الاحتجاز وغيرها وهو ما يمكن التحكم به أثناء الزيارات المرتبة".

في نفس السياق قال "عبد القدوس"، خلال بيانه "عندما انطلقنا إلى هناك كان واضحا جدا أن سجن العقرب تم إعداده تماما، استعدادا لزيارة وفد حقوق الإنسان، وهو تقليد قديم معروف في السجون، بأن تأخذ زينتها وتتجمل عند علمها بزيارة مسؤول أو تفتيش أو وفد حقوقي، وظهر واضحا جدا في مطبخ السجن (فأنا رد سجون)، وأعلم تماما طعام السجن المقدم، لكن ما شاهدناه: طعام فاخر وأكل لذيذ لا يوجد إلا في الفنادق الكبرى، ولا يعقل أن يوجد داخل أي سجن".

وواصل عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان بيانه، قائلا: "قدمت إدارة السجن للوفد عدة تقارير تتعلق بالرعاية الصحية للسجناء، والجدير بالذكر أن هناك عدة سجناء ماتوا في المستشفيات بعد نقلهم من سجن العقرب لسوء حالتهم الصحية، منهم فريد إسماعيل وعصام دربالة"، وحول التعذيب في العقرب والذي نفاه تقرير "القومي لحقوق الإنسان" أكد عبد القدوس أن "المجلس" تلقى مئات الشكاوى من تعذيب وسوء معاملة في بعض أقسام الشرطة، أما داخل السجون وفي سجن العقرب فلم يثبت وجود تعذيب بدني على السجناء، والثلاثة الذين قابلناهم عند الزيارة لم يكن عليهم أي آثار، لذلك لم يتحدثوا معنا عن وجود حالات من التعذيب داخل السجن.

"حقوق الإنسان عملت إيه؟"

"في حالات جرب ظهرت في السجن وأم أحد المحتجزين كان ابنها مصاب، وفي أخر زيارة من يومين اخويا كان متبهدل وهدومه مش نضيفه مع إن احنا بنوديله هدوم كتير بس منعرفش بتروح فين"، قالت لبنى يحيى، شقيقة الطبيب محمد يحيى أحد المحتجزين بالعقرب، مضيفة أن المعلومات التي وردت في تقرير القومي لحقوق الإنسان عن السجن ليست صحيحة، وذكرت يحيى أن شقيقها يعاني من مشكلات في العين ويحتاج أدوية للقرنية وهو ما لم توفره له إدارة السجن، كما أن هناك صعوبات تواجههم أثناء رغبتهم في ترك أي مستلزمات أو أدوية لشقيقها خلال الزيارات.

مرت زيارات القومي لحقوق الإنسان مرور الكرام في رأي عبد الفتاح الذي عايش الحياة في سجنين مختلفين "الزيارات مجرد تغليف لوضع شباب محبوسين لأسباب غير قانونية"، بينما لم تعلم والدة "رمضان" شيئا عن زيارة المجلس للعقرب، قبل زيارتها هي بأيام "حقوق الإنسان معملوش حاجة لا وقت ما ابني اختفى ولا بعدها ولا وهو في السجن"، تذكر ذهابها لمقر المجلس مرارا لتقديم شكاوى دون طائل، فيما أضافت شقيقة يحيى "المحتجزين مش مستنين انهم يشتكوا للمجلس علشان عارفين انه مش هيعمل حاجة، احنا بس كأهالي قرايبنا في العقرب بنتقدم بالشكاوى علشان نساعد مش أكتر".

محمد  عبد القدوس

فيديو قد يعجبك: