درويش سارح في الملكوت (صورة)

كتب- أحمد جمعة:
تصوير- محمد أبو ليلة:

ينزوي في كهفه الخاص، يبني لنفسه عالما جديدا قد لا تدخل في تفاصيله مُبهجات الحياة، لكنه لا يكترث بكل هذا، فالحياة عنده أبسط مما تكون، فقط رداء يستر وحذاء يحمي وطعام يقوت، دون أن يكون لكل هذا شروط مفروضة وصارمة تحكم أطره أو تحدد طريقته.

يُعلي من قيمه الروحانية خلال الشهر الأعظم في العام، مُمسكا بكتاب الله، مُدققا في آياته، انجذاب وسحر إيماني يُبعده عمن حوله، لكل حرف حسنة، يجمع جائزته حرفا تلو الآخر وكلمة تتبعها الكلمة، يغسل فؤاده كما تمحو الحسنة السيئة.

سيارات وضوضاء وشارع امتلئ عن بكرة أبيه في ساعة ذروة قاسية ينخلع معها رداء الإنسانية، وصخب أناس ينظرون إليه من طرف خفي، في عالمه الخاص لا دخل له بكل هذا، يلاحظه كسحابة أرضية عابرة.

لا ينصرف عن مجلسه الذي يضج بالآلاف من السيارات والمارة كل يوم، أسفل كوبري الدقي تجده حاضرا، بين جوانب الكوبري الحديدي الذي يلينُ لما يقرأ، له أجران إن تلعثم.. لا يشغله شاغل عن شغفه، ينظر له هذا ويشير له ذاك، لكن عقله فقد اتصاله بالعالم الدوني، عندما ارتقى للسمو.