لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

بالصور.. مقهى "نجيب محفوظ" المفضل يتحول إلى أطلال بأمر "الحكومة"

10:40 م الأربعاء 25 مارس 2015

كتب- محمد مهدي:
تصوير- علاء القصاص:

كان يمكن للمارة بميدان التحرير في فترة السبعينيات، حينما ينظروا إلى شرفة الدور الثاني من مقهى "علي بابا" الساعة السابعة صباحا، أن يجدوا رجل ستيني، ملامح وجهه محفورة بدقة، مزينة بـ "زبيبة" مميزة له. يرتدي نظارة عدساتها غليظة، منغمسا في قراءة إحدى الصحف بينما يرتشف قهوته المفضلة، قد لا يعرفه القليل لكن أغلبهم يُدرك فورا أنه الأديب الكبير نجيب محفوظ "أما علي بابا فدي قهوتي الخاصة اللي بروحها الصبح بدري".. مات الرجل، لكن مكان "نجيب" ظل محفوظا لسنوات طويلة بأيد أصحاب المقهى غير أن الحي كان له رأي آخر "هدوا الجزء الخاص بأديبنا نجيب محفوظ.. ذكريات مهمة المكان كان شاهد عليها راحت في غمضة عين" كلمات خرجت بحزن من "عوض بحر" مدير المقهى.

منذ أسبوعين استيقظ "بحر" مفزوعا على اتصال هاتفي يخبره أن موظفين بالحي قدموا بصحبة رجال يحملون معاول استعدادا لهدم الدور الثاني من مقهى "علي بابا"، نفض ما بقى من آثار النوم العالق في عينيه وانطلق إلى أحد المسؤولين في الحي لكي يمنعهم الذي أكد له بأنه قد أعطى أوامره بوقف أعمال الإزالة، صدقه واتجه إلى المقهى حتى يطمئن قلبه،كانوا قد هدموا جزء من المكان "اتصدمت.. إزاي بلد حصل فيها ثورتين تهين التراث بتاعها بالشكل دا؟"، فشلت محاولته في إيقافهم، سمع مهندس تابع للحي يقول للعمل " مفيش مرواح إلا لما تجيبوا المكان الأرض" بحسب رواية "بحر".

النتيجة التي وصلت إليها الأحداث لم تكن مفاجئة، فالزمن حمل بين طياته ذكريات على نفس النهج فالمقهى كان في الستينيات أشبه بخمارة قبل أن يملكه الحاج "صابر علام" في 1968 ويحوله إلى مقهى يُجدد ترخيصه من وزارة السياحة قبل أن يُجري عدد من التعديلات على المكان في 1976 رفضها الحي لكن تمت المصالحة حينذاك لمدة 10 سنوات "واختفى الحي من وقتها وظهر فجأة في 2008 عايز يهد المكان" لكن الأمور تأجلت وابتعد الخطر عن المقهى.

من جديد عاد المقهى إلى عثراته مع الحي في العام الماضي "بس كان معايا التراخيص والرسم الهندسي اللي بيثبت إن المكان مبقاش مخالف"، فضلا عن حصول "بحر" على ترخيص من حي غرب القاهرة بتاريخ 20 يوليو عام 2014، غير أن المضايقات التي لاحقت مدير المقهى لم تنتهِ، حتى فوجئ بطلب موظف بالحي لرشوة مقابل السكوت "طلب ألف جنيه عشان ورق الإزالة يفضل في الدرج"-بحسب قول بحر- مما دعاه إلى اللجوء للنقابة الإدارية والإبلاغ عن الواقعة "وفعلا راقبوا الراجل وعملوا تحرياتهم وقبضوا عليه متلبس وأنا بديله الفلوس من حوالي شهر".

فوجئ "بحر" أن الموظف المتهم بالرشوة قد حصل على إخلاء سبيل بكفالة مالية بعد قضاء عدة أيام في الحجز على ذمة القضية، ولم يمضِ من الوقت سوى يومين حتى انقض المسؤولين بالحي على المقهى وهدموا الدور الثاني الذي يُعتقد أنه مخالف "حسيت إنهم بيتشفوا للموظف اللي حبسته"، انهار مدير المقهى ونُقل إلى مستشفى القصر العيني، قضى ليلته هناك يبكي مقهاه "جابوه من فوق لتحت.. أنا كان حلمي حياتي أدير المكان وأحافظ على تراث عمنا نجيب من ساعة ما كنت بشوفه وأنا صغير" حُرم الرجل من استكمال حلمه بالاحتفاظ بالمكان الذي زينه بصور "محفوظ" ومكتبة صغيرة تحوي رواياته.

عندما مر "بحر" من صدمته، توجه إلى قسم قصر النيل متقدما ببلاغ ضد رئيس الحي بتهمة إتلاف المقهى وفتحه دون وجود لإذن النيابة العامة، وقام برفع قضية وشكوى في النيابة الإدارية ضد كل من شارك في هدم المكان، فيما يقضى أيامه الفائتة داخل "علي بابا" يشاهد الأطلال وينتظر الفرج "وبطالب كل المثقفين يتحركوا ويقفوا قصاد الفساد عشان نأخد حقنا" لفظها بحرقة.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان